وكالة موديز تؤكد تصنيف السعودية بقوة مالية مرتفعة

 
أعلنت وكالة موديز العالمية للتصنيف الائتماني عن تثبيتها لتصنيف السعودية السيادي عند درجة ائتمانية عالية عند (Aa3) مع إبقائها للنظرة المستقبلية المستقرة.
وكانت وكالة فيتش العالمية للتصنيف الائتماني أعلنت مطلع الشهر الماضي عن تثبيت التصنيف السيادي للسعودية عند درجة ائتمانية عالية (AA) مع نظرة مستقبلية مستقرة.
وأشار التقرير بوكالة موديز، إلى أن التصنيف القوي الذي أبقت عليه الوكالة، يعكس موجودات مالية وافرة ستسمح للسعودية بتجاوز فترة من انخفاض العائدات النفطية والحفاظ على القوة المالية المتوافقة مع هذه الرتبة العالية.
وتقدر قيمة الاحتياطيات المالية السعودية بنحو 2.8 تريليون ريال، مستثمر جزء مهم منها في أدوات مالية دولية آمنة وقليلة المخاطرة، أو على شكل ودائع نقدية خارج وداخل المملكة، بحسب أرقام مؤسسة النقد العربي السعودي.
وأبقت الوكالة على تصنيفها المرتفع للسندات والودائع المصرفية، على المديين القصير والطويل، عند رتبة Aa3 / P-1 بنظرة إيجابية.
واحتفظت المملكة بهذا التصنيف المبني على حسابات رقمية، بسبب استقرار مواردها المالية، وحصافة إدارة الاحتياطات المالية، ما دفع الوكالة في تقريرها إلى التوقع بأن تظل السعودية تتمتع بنفس القوة المالية على مدى السنوات المقبلة، وبما يفوق الأثر السلبي لهبوط أسعار النفط.
وقالت الوكالة: “إن السعودية لديها موارد مالية وافرة جداً يمكنها أن تدعم العجز المالي (في الموازنة)”.
واعتبرت موديز أن السعودية أمام مستوى “منخفض جداً من الديون بنحو 1.6% من الناتج الإجمالي المحلي نهاية 2014 يسمح للمملكة بمرونة كبيرة في إصدار ديون محلية لتمويل عجز الموازنة خلال سنة أو سنتين مقبلتين”.
وتوقعت موديز تمويل عجز الموازنة السعودية في العامين المقبلين من إصدار ديون أو السحب من الأصول المالية.
مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية
 
إلى ذلك، أكد فهد التركي، كبير الاقتصاديين ورئيس الأبحاث بجدوى للاستثمار خلال لقاء له مع قناة “العربية”، أن تصنيف وكالة “موديز” العالمية القوي لإقتصاد السعودية برتبة (Aa3) مع احتفاظه بنظرة مستقبلية مستقرة، جاء متسقاً مع قوة ومكانة الاقتصاد السعودي والقوة المالية للموازنة لتكون مدعومة باحتياطيات كبيرة تقدر بحدود 100% من الناتج المحلي الإجمالي وكذلك انخفاض الدين بأقل من 2% من الناتج المحلي الإجمالي. 
وأضاف أن هذه العوامل دعمت نظرة “موديز” للاقتصاد السعودي عند نظرة مستقرة، وهذا يأتي متسقاً مع النظرة المستقبلية للاقتصاد السعودي من ناحية الاستقرار والمتانة مدعوماً بسياسات اقتصادية مدروسة بقيادة مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، برئاسة الأمير محمد بن سلمان.
وأشار إلى أن تقرير جدوى في شهر إبريل ركز على التغيرات المالية التي حدثت في حسابات مؤسسة النقد وكذلك الاحتياطيات في مؤسسة النقد، بحيث سُجلت سحوبات كبيرة من الاحتياطيات بلغت 20 مليار ريال في شهر مايو، وذلك بسبب التوسع في الانفاق.
وأضاف التركي “أن تقرير “موديز” وتقارير جدوى أكدت أن السياسة الاقتصادية السعودية سوف تُبقي سياسة الإنفاق التوسعية لدعم التنمية على الرغم من انخفاض أسعار النفط بدعم من الاحتياطيات الكبيرة، وإن دعت الحاجة لإصدار سندات وإن كنا لا نرى هذا احتمالاً قريباً في الفترة الحالية”.
وقال التركي إن “الحسابات الحكومية بمؤسسة النقد انخفضت إلى أعلى نسبة تاريخياً وبحدود 130 مليار ريال خلال شهر فبراير، وهذا الانخفاض في الحسابات يتبعه نمو في الودائع بالجهاز المصرفي والتي نمت بشكل كبير في فبراير بحدود 60 مليار ريال. فيما شهدت الفترة زيادة في النقد المتداول خارج المصارف بحدود 7% على أساس سنوي، وهي الأكبر منذ عام 2011 بعد حزمة الإنفاق التي أصدرت في ذلك الوقت، بالإضافة إلى تسجيل سيولة كبيرة في النقد بعد القرارات الملكية المعلنة بنهاية يناير وتوقعات بإصدار الأذونات من مؤسسة النقد للمحافظة على إدارة السيولة في الاقتصاد المحلي خلال الفترة القادمة”.
سياسات اقتصادية متينة
 
من جهة أخرى، قال الدكتور فواز العلمي، الخبير في التجارة الدولية، إن تقرير موديز احتوى على نقطتين رئيسيتين، الأولى أن هذا التصنيف المميز جاء بسبب انخفاض الدين العام إلى أقل من 1.6% من الناتج المحلي الإجمالي، مما يعطي المملكة الفرصة مستقبلاً للاقتراض وتمويل العجز في حال اضطرت إلى ذلك، النقطة الثانية هي أن الرقابة الشديدة على النظام المصرفي في المملكة منحت النظام المصرفي السعودي قوة حقيقية، حيث ذكرت وكالة فيتش إلى جانب تقرير موديز أن النظام المصرفي السعودي رابع أقوى نظام في العالم. إلى جانب الرؤية المستقبلية المستقرة للنظام المالي نتاج للسياسة الحكيمة الاقتصادية والمالية والنقدية، فالمملكة لم تعطِ اهتماماً لكل من نادى بفك الدولار عن الريال والتي جاءت بنتائج إيجابية وأيضاً مدخرات المصارف السعودية والحكومية القادرة على تمويل أي عجز في المستقبل.
وتوقع بدورة أن يستمر السحب من الاحتياطي في المستقبل في حال استمر انخفاض النفط، إلا في حال تعديل في أسعار الفائدة المستقبلية للبنوك العالمية. وأضاف أنه بإمكان المملكة حالياً أن تقترض من البنوك العالمية إذا انخفضت الفائدة، إلا أن الاحتياطي متاح وأن السعودية قادرة على استخدامه في تمويل العجز في الميزانية المستقبلية.
ترتيب البيت الداخلي يدعم التصنيف
 
وأضاف أن النظام المصرفي السعودي سيسهم باستمرارية التصنيف والنظرة المستقبلية المستقرة، غير أن الوكالات تنظر أيضاً إلى طريقة ترتيب البيت الداخلي في الدول، فعندما وجدت أن المملكة قامت بترتيب بيتها الداخلي بشكل منسق وقامت بإلغاء عدد من اللجان ودمجها في هيئتين مستقلتين، وجدت أن الترتيب يؤدي إلى تعزيز النظرة المستقبلية للاقتصاد السعودي وأيضا النظام المالي، وأن النظام المصرفي السعودي مرتبط بجدية هذا النظام وقوته ومتانته.
وقال العلمي إن المملكة تتوفر لديها موارد مالية ضخمة تستطيع من خلالها توفير السيولة للمشاريع التنموية، لكن في حال ارتفاع أسعار النفط مستقبلا فإن تلك الموارد ستعزز. وأضاف أن النظرة المستقبلية المستقرة للوكالة لن يعتمد على التنبؤات من ارتفاع أسعار النفط أو غيره، بل ستعتمد على ترتيب البيت الداخلي، الدين العام بالنسبة للناتج المحلي الاجمالي، واستقرار النظام السياسي المالي في الدولة.
إلى ذلك، قال رئيس الأبحاث في شركة الاستثمار كابيتال مازن السديري، إن الاحتياطيات المالية الكبيرة توفر دعامة أساسية للتصنيفات القوية التي تحظى بها المملكة من مؤسسات التمويل والتقييم العالمية المختلفة، ولا يقتصر هذا الأمر على تقييم اليوم من موديز.
وأشار السديري في مقابلة مع قناة “العربية” إلى تراجع أسعار الفائدة العالمية، في مقابل صعود الدولار وتراجع اليورو، في حين يظل اقتصاد المملكة يوفر فرصا تنافسية ويحصل على تصنيفات مرتفعة عالميا.
وذكر أن هذا التصنيف يأتي رابع أكبر تصنيف في العالم من درجة مستثمر على سلم موديز للتصنيفات المالية، موضحا أن احتياطات السعودية المالية تشكل نسبة مرتفعة جدا من الناتج الإجمالي المحلي للمملكة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *