وسائل إعلام جزائرية تفتح من جديد ملف تورط “النهضة التونسية” بتسفير مقاتلين إلى سوريا وليبيا

أثارت وسائل إعلام جزائرية مجددًا ملف ضلوع حركة النهضة الإسلامية في تونس، بفضيحة تسفير آلاف الشباب إلى جبهات القتال في سوريا وليبيا، رغم أن المنابر الإعلامية ذاتها يشار لها بأنها محسوبة على تنظيم الإخوان المسلمين في الجزائر والعالم العربي.

وعرضت قنوات مجموعة “الشروق” الإعلامية، يوم أمس السبت، فيلمًا وثائقيًّا تحت عنوان “مُجنّدون.. تحت الطلب”، وضمنته شهادات حصرية لمقاتلين من تنظيم داعش، اعترفوا أن خروجهم من تونس إلى سوريا وليبيا تمّ تحت غطاء جمعيات “إخوانية”.

تسهيلات حكومية

واتهم هؤلاء الحكومة التونسية التي قادتها حركة النهضة، بتسهيلات عبر مطارات تونس ومعابرها البرية، في خطوة جديدة من شأنها أن تثير أزمة للحزب الإسلامي الفائز بالمركز الثاني في الانتخابات البلدية بعد قوائم المستقلين.

وشدّد أحد المقاتلين على أن قيادات من الحركة كانت تشجعهم وتحثّهم على السفر إلى سوريا، إلاّ أنهم تبرؤوا من هذه الجمعيات، مشيرًا إلى أنه عمل بعد الثورة التونسية مباشرة بترخيص من الحكومة التونسية، كداعية سلفي في مكتب دعوي بمدينة “بن قردان” الحدودية مع ليبيا.

شهادة الشيخاوي

هذا وعرض التحقيق التلفزيوني نفسه شهادة مطوّلة لـ”غفران الشيخاوي”.

وتعدّ الشيخاوي أشهر التونسيات اللواتي انتسبن لتنظيم داعش، وهي زوجة قيادي بارز في فرع التنظيم بليبيا.

والتحقت الشيخاوي بالتنظيم الإرهابي في سن الـ15 من عمرها، برفقة شقيقتها رحمة، وقد اعتبرت نفسها ضحية لتقصير الحكومة التونسية بقيادةالإخوان المسلمين آنذاك.

وذكرت أن كل شيء بدأ من خيمة دعوية تحت حماية الأمن التونسي،  تدعو علنًا إلى الهجرة إلى سوريا والجهاد في سبيل الله، مؤكدةً أن حمل رايات داعش ونشر صور عناصر داعش والتفجيرات، كان يتم تحت مرمى ومسمع السلطات الأمنية التي لا تبدي أي اعتراض.

وأفادت أن الأمن التونسي والحكومة لم يمنعا الدروس الدينية التي كانت تُلقى في المساجد، وتدعو إلى ضرورة “الجهاد والكفر بالطواغيت”، ما تسبب في تأجيج حماسها وتشجيعها على الالتحاق بعناصر داعش.

وتابعت الشيخاوي، في معرض شهادتها، أنها “خرجت من تونس بجواز سفر ليبي، وبعلم السلطات التونسية التي كانت تمتلك تسجيلات هاتفية تتضمن مخطط خروجها كاملاً”، وفق تعبيرها.

استغراب

والتقت الصحفية التي أعدت الفيلم الوثائقي بوالدة “غفران ورحمة”، التي تقاطعت شهادتها مع شهادة ابنتها، معبرة عن استغرابها من محاكمة ابنتها التي شجعتها الدولة وحرضتها على الجهاد والسفر إلى سوريا، رغم جهودها كأم وترددها على مراكز الأمن، بعد تلقيها تهديدات متكررة من الأئمة على خلفية محاولتها إبقاء ابنتيها في المنزل.

وأوضحت أن عملية إطلاق سراح ابنتها بعد مدّة إيقاف بأسبوع، تمت بتدخلات من أجهزة وزارة الداخلية التونسية والقضاء، وشدّدت الأم فيما اعتبرته كلمة واضحة وصريحة، على أن “حركة النهضة هي من ورطت ابنتيها، وهي المسؤولة عن ملف تسفير الشباب إلى سوريا”.

وتحدث التحقيق أيضًا عن لجوء الحكومة التونسية برئاسة حركة النهضة حينها، إلى إجبار الموقوفين العاديين على الاختلاط مع المتهمين في قضايا إرهابية، إضافة إلى تعمّد تعذيب الموقوفين أمامهم لخلق إحساس بالنقمة تجاه المؤسسة الأمنية.

سفر جماعي

وذكر التحقيق أن “المقاتلين التونسيين سافروا بشكل جماعي، إذ كانت الطائرة تقل 5 منهم على الأقل، مثلما كانوا يسافرون في مجموعات برًا نحو ليبيا باستعمال سيارات خاصة، دون أن يتم توقيفهم من قبل الدوريات الأمنية التي تنتشر بمعدل 10 دوريات على الطريق بين تونس وبن قردان”.

وفي سياق متصل، أشار متحدث آخر ينتمي إلى داعش، أنهم كانوا يعبرون إلى ليبيا بمعيّة مهاجر غير شرعي بمنطقة بن قردان كذلك، والذي ينسّق مع عناصر أمنية من فرقة التفتيش الحدودية.

وهاجمت عائلات المقاتلين السلطات التونسية لتجاهلها ملف التسفير إلى سوريا، وأكدوا أنهم على علم بجميع تحركاتهم، ورغم أنهم كانوا يتقدمون بشكاوى يومية في مراكز الأمن للتبليغ عن عزم أبنائهم السفر للقتال.

عودة جبرية

وأكدت شهادة مقاتل آخر، في التحقيق التلفزيوني، أن “الشباب الذي كان يسافر إلى ليبيا بغرض التحول إلى سوريا، اكتشف لاحقًا أنه صار مجبرًا بقوة السلاح على العودة إلى تونس لتنفيذ مخططات إرهابية، تتضمن تحرير الإرهابيين السجناء، وما رحلة ليبيا إلا جولة تدريبية استعدادًا لذلك”.

النهضة متفاجئة

 وردًّا على الفيلم الوثائقي، عبرت القيادية بحركة النهضة، محرزية العبيدي،   عن “تفاجئها ممّا جاء في التحقيق، وطلبت إعفاءها من الخوض في القضية إلى حين تدارس المسألة على مستوى الهياكل الرسمية للحزب”.

يشار إلى أن لجنة بالبرلمان التونسي، تشكلت منذ يناير/ كانون الثاني 2017، للتحقيق في شبكات تسفير المقاتلين إلى سوريا دون أن تفضي إلى الآن بأية نتيجة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *