زعيمة “العمال” بالجزائر تصف وزيرة بـ”رئيسة عصابة”

تلقى القضاء الجزائري شكوى لم يسبق أن تعامل معها، تتعلق بوزيرة الثقافة نادية لعبيدي التي أعلنت مقاضاة البرلمانية زعيمة “حزب العمال” (يسار)، لويزة حنون مرشحة انتخابات الرئاسة التي جرت في ربيع العام الماضي.
وحتى تأخذ القضية مسارها القانوني، يشترط أن تتنازل حنون عن الحصانة البرلمانية، أو يقرر البرلمان بأغلبية أعضائه رفعها.
ويثير الموضوع جدلا كبيرا في الإعلام وفي الأوساط السياسية، المشدودة حاليا إلى فضائح فساد مدوَية يعالجها القضاء الجنائي. وأعلنت لعبيدي، التي التحقت بطاقم حكومة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بموجب تعديل وزاري جرى في مايو (أيار) 2014، بسبب اتهامها بـ”نهب المال العام” بخصوص المشاريع الفنية المدرجة في إطار تظاهرة “قسنطينة عاصمة الثقافة العربية”، التي تحتضنها عاصمة الشرق الجزائري حاليا.
ومن بين ما تأخذه حنون على الوزيرة، أنها “منحت لنفسها مشاريع من التظاهرة العربية، عن طريق وكالتها الإشهارية”. كما تتهمها بـ”تمويل فيلم من إنتاج زوجها”، وذهبت إلى حد وصفها بـ”رئيسة عصابة” و”خارجة عن القانون”.
ونفت لعبيدي هذه الاتهامات بينما أكدت حنون وبرلمانيو حزبها، أنهم يملكون وثائق تثبت ضلوع الوزيرة في الفساد. وطالبت لعبيدي من العربي ولد خليفة رئيس “المجلس الشعبي الوطني” (الغرفة البرلمانية الأولى)، فتح تحقيق برلماني للتأكد من صحة الوقائع التي تحدثت عنها حنون، وهي خطوة فهمت بأنها رغبة من الوزيرة لتأكيد براءتها من تهمة الفساد. وعرفت لعبيدي خلال مسارها كمخرجة سينمائية، بهدوئها ورزانتها. ويقول مقرَبون منها إنها منزعجة جدا من وضعها “تحت الأضواء الكاشفة”، بسبب هذه القضية.
حنون وعدت بالتخلي عن الحصانة
وأعلنت حنون بأنها ستتخلى طواعية عن الحصانة التي يوفرها لها القانون، وتحدت قاضي التحقيق بمحكمة سيدي امحمد بالعاصمة، أن يستدعيها لتضع بين يديه الأدلة التي تدين الوزيرة. بل إن كل أعضاء الكتلة البرلمانية لـ”حزب العمال”، وعددهم 20، قالوا إنهم سيتنازلون عن الحصانة على سبيل التضامن مع زعيمتهم.
ويقول الدستور الجزائري في هذه الحالة، أنه “لا يجوز الشروع في متابعة أي نائب أو عضو بمجلس الأمة (الغرفة الثانية)، بسبب جناية أو جنحة إلا بتنازل صريح منه، أو بإذن من المجلس الشعبي الوطني أو مجلس الأمة، الذي يقرر رفع الحصانة عنه بأغلبية أعضائه”.
وهذه الترتيبات سبق أن تعامل معها البرلمان، ولكن ليس في إطار قضية سياسية، وإنما في قضية تتعلق بقتل عن طريق الخطأ، تورط فيها برلماني تنازل عن حصانته للمثول أمام القاضي.
وتتهم حنون ثلاثة وزراء آخرين بـ”تقاضي رشى” و”استعمال الوظيفة الحكومية للقيام بأعمال غير قانونية”، و”استغلال النفوذ للحصول على منفعة للمصلحة الشخصية أو للغير”، وهم وزير الصناعة والمناجم عبد السلام بوشوارب ووزير الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات عبد المالك بوضياف ووزير الإعلام حميد قرين. وعلى عكس لعبيدي، لم يصدر عن أي من الثلاثة ما يفيد بأنهم يريدون متابعة حنون قضائيا.
ونشرت الصحافة على نطاق واسع هذه التهم، ويرجَح مراقبون بأن الضجة التي تثيرها حنون أزعجت ما يعرف بـ”جماعة الرئيس”، كون الوزراء محل شبهات فساد أشخاص اختارهم بوتفليقة لتسيير قطاعات فيها أموال ضخمة. ويرى مراقبون أن الوزراء الأربعة سيستبدلون في تعديل حكومي مرتقب.
وذكر عبد الله هبَول وهو قاضي سابق، لـ”العربية.نت” أن “الديوان المركزي لقمع الفساد” يفترض أن يبادر باستدعاء حنون لاستجوباها فيما تملك من أدلة وشواهد وإثباتات ووثائق، حول ما تدفع به من تهم ضد مسؤولين عموميين.
وأضاف القاضي: “توجد مادة صريحة في قانون الوقاية من الفساد ومكافحته، تقول: ينشأ ديوان مركزي لمكافحة الفساد، ويكلف بمهمة البحث والتحري عن جرائم الفساد. ومادة أخرى تقول إن الديوان يوضع تحت تصرفه ضباط الشرطة القضائية التابعون لوزارة الدفاع، أي المصالح العسكرية للأمن (المخابرات) ومصالح الدرك الوطني، والتابعين لوزارة الداخلية أي الشرطة. وهذه التشكيلة من أعوان الشرطة القضائية، تمنح الديوان قوة في إجراء التحريات حول قضايا الفساد”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *