في محاولة قد تكون الأخيرة، يلتقي رئيس حكومة تسيير الأعمال المكلف بتشكيل الحكومة، أحمد داود أوغلو، اليوم الاثنين، مع زعيم حزب الحركة القومية (يميني متطرف)، دولت بهجلي، الذي سبق له أن أعلن، قبل حوالي شهر، عن أن حزبه لن يشارك “العدالة والتنمية” حكومة ائتلافية اندثرت حظوظها بعد فشل حوارات الحزب الحاكم مع كبير أحزاب المعارضة “الشعب الجمهوري”.
وفي حال فشل هذه الجلسة، كما هو متوقع، لن يبقى أمام تركيا سوى احتمال الذهاب إلى انتخابات مبكرة، يبدو أن الرئيس رجب طيب أردوغان متحمس لها، بدليل تصريحاته الأخيرة في اليومين الماضيين، بالتزامن مع التحضيرات لعقد المؤتمر العام الاعتيادي للحزب، في سبتمبر/ أيلول المقبل؛ وفقا لصحيفة “العربي الجديد”.
وترى مصادر أنه من غير المرجح أن يخرج لقاء داود أوغلو مع بهجلي بأية نتائج، وخصوصاً في ظل تصريحات زعيم الحزب اليميني المتطرف التي أكد فيها بأن حزبه غير معني بتشكيل حكومة انتخابية، أو حتى دعم من الخارج لحكومة أقلية للعدالة والتنمية، مشدداً على أن اللقاء سيجري في ظل الشروط التي سبق لحزبه أن وضعها.
وتتضمن شروط الحزب القومي إنهاء عملية السلام مع الأكراد، والالتزام بعدم تغيير البنود الأربعة الأولى من الدستور التركي، الأمر الذي كان “العدالة والتنمية” قد رفضه عند بداية مشاورات تشكيل الحكومة.
وتنص البنود، كذلك، على تعريف الأمة التركية على أساس قومي تركي، وعلى أن اللغة التركية هي اللغة الرسمية للدولة وعلى النظام البرلماني.
وتأتي تصريحات أردوغان حول ضرورة تغيير الدستور التركي ليتناسب مع تغيير “الأمر الواقع” الحاصل في سلطات الرئيس، إحياءً لأهم مرتكزات الحملة الانتخابية للعدالة والتنمية التي أنهتها نتائج انتخابات يونيو/ حزيران، وهي التحول نحو النظام الرئاسي، فيما بدا إشارة إلى بدء الحملة الجديدة على الأسس نفسها التي قامت عليها الحملة السابقة، أي التحول نحو النظام الرئاسي.
وأكد أردوغان، الجمعة، خلال افتتاح أحد المساجد في ولاية ريزة على البحر الأسود، على أنه ما يزال يتحرك ضمن الصلاحيات التي منحه إياها الدستور الحالي، قائلاً: “بالطبع فإن رئيس الجمهورية يقوم بمهامه في إطار الصلاحيات التي يمنحه إباها الدستور، ولكن بناءً على مسؤوليته المباشرة أمام الشعب”، مضيفاً “أيّاً كان من يشغل منصب رئيس الجمهورية التركية فإنه سيتصرف بهذا الشكل”.
واللافت في كلام أردوغان تشديده على أنه بات يتصرف كما لو أنه تم تعديل الدستور بالفعل، بما أنه “سواء تم قبول ذلك أم لا، لقد تغيّر نظام الحكم في تركيا بهذا المعنى، والمطلوب فعله الآن توضيح وتأكيد ذلك الوضع الفعلي ضمن إطار قانوني، عبر دستور جديد”.
يأتي هذا بينما يستمر “العدالة والتنمية” في تحضيراته لعقد مؤتمره العام الاعتيادي في سبتمبر/ أيلول، وسط جدل ضمن صفوف الحزب حول إمكانية تأجيله إلى ما بعد الانتخابات المبكرة المتوقعة في نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل. كما أكد زعيم الحزب، داود أوغلو، أنه يفضّل ألا يتم تأجيل المؤتمر بل عقده في موعده الحالي، أي قبل عقد الانتخابات المبكرة التي تحتاج إلى 55 يوماً من التحضيرات بعد انتهاء المدة القانونية الممنوحة له لتشكيل الحكومة في 23 أغسطس/ آب الحالي، ما يجعل 25 نوفمبر المقبل موعداً محتملاً للانتخابات.
ويؤكد مراقبون أن داود أوغلو يحاول تعزيز قبضته على الحزب، عبر انتخابات اللجنة المركزية التي يشهدها المؤتمر الحالي، حيث تسربت أنباء عن أن العديد من الأصوات في اللجنة المركزية في الحزب تدعو إلى تأجيل عقد المؤتمر إلى ما بعد الانتخابات المبكرة، وذلك كي يتسنى للحزب اتخاذ القرار حول الاستمرار بقيادة داود أوغلو من عدمها، اعتماداً على نتائج الانتخابات الحزبية.
كما سيتناول المؤتمر مادة خلافية أخرى، وهي مناقشة مادة من القانون الداخلي للحزب، تلك التي تمنع أي حزبي من الترشح للبرلمان لأكثر من ثلاث دورات انتخابية، وتتعلق المادة بالأعضاء الـ26 الحاليين في البرلمان و70 نائباً سابقاً عن “العدالة والتنمية” الذين فقدوا الحق في الترشح للبرلمان بسبب هذه المادة.
ومن بين هؤلاء السبعين، قيادات كبيرة في الحزب مثل علي باباجان (نائب رئيس مجلس الوزراء الحالي للشؤون الاقتصادية)، بولنت أرينج (أحد مؤسسي الحزب ونائب رئيس الوزراء)، ووزير الطاقة الحالي تانر يلدز، وجميل جيجك رئيس البرلمان السابق، وشخصيات أخرى عديدة.