بقلم/ سارة السهيل
كلمة العنف تعني الألم والظلم والتعدي على الآخرين، فهو بكافة أشكاله من أكثر المشاكل الاجتماعية على مستوى العالم ومجتمعاتنا العربية خاصة ويتفرع من العنف عدة أنواع من حيث الضحايا مثل العنف ضد الأطفال، والعنف ضد الزوجة، والعنف الأسري الذي يطال فرد أو عدة أفراد بالعائله. واهتم الباحثون والأطباء على مستوى العالم بظاهرة العنف عامة وأكثر المهتمين كانوا من الدول المتقدمه. فما يثير الاستفزاز هو التعدي على الأضعف واستغلال ضعفه في ممارسات ربما يكون سببها الرئيسي خلل في التربية أو مرض عصبي يصاحب المعتدي، أو حالة عصبيه مؤقتة تطرأ عليه، ومن أخطر جرائم العنف هو (الموجه ضد كبار السن) سواء كان رجلاً أو امرأه، وتزايدت بشكل ملحوظ ضد الأطفال وبعضهم من كبار السن، والكارثة أن الشخص المعتدى يكون من أحد أفراد الأسرة كالأبناء أو الأحفاد. وأخص بالذكر في مقالي “العنف ضد كبار السن” لشعوري بأنهم بحاجة لرعاية كاملة من الجهات المختصة من المؤسسات والحكومات وإحساسي بأنهم مهمشين. فنجد أن العنف ضد المسنين (كبار السن) يكاد يكون مختفيًا تمامًا والسبب في هذا ربما يرجع لنفس الأسباب التي أدت لتأخر الاهتمام بحقوق الطفل ورعايته، ونضيف عليها بندا مهمًا وهو أن بعض الأنانيون ينظرون لكبير السن على أنه ماضٍ وأنهم يستثمرون بما يفيدهم للمستقبل من حاضر وما سيليه متناسين أن من لا ماض له لن يكن له مستقبل والشجرة التي بلا جذور لن تصل إلى عنان السماء وأن ما هم عليه الآن ما هو إلا بذرة ماضٍ وتعب من سبقوهم وحصيلة ما مر ومن ثم نتاج حصاد تراكم المجتمع وتجاربه وعطاءاته بشكل عام مما ينعكس على حاضر كل من يتشارك هذا الحيز.فالرأسماليه والحياة العملية واللهث وراء المال والسباق الذي وضعت الإنسان به تلك الدول التي أنست الإنسان والإنسانية واستخدمت الفرد على أنه أداة ووسيلة وجردته من المشاعر والأحاسيس والاحتياجات العاطفيه والنفسية التي أفقدته الروح والقيم والاستمرار في حالة الانحدار والتدهور الأخلاقي والإنساني، إلا أن هناك بعض المحاولات للاحتفاظ بقدر من الطموحات المرجوة.فقد لاحظت بقراءاتي للعديد من الدراسات والأبحاث، عن “العنف ضد المسنين” وسوء معاملتهم، خبر محزن بأن معدلات العنف ضد المسنين في زيادة مستمرة في مجتمعنا، وهذا يعني بأن الرحمة بدأت تغيب ليحل محلها الوحشيه وروح الانتقام وغياب التسامح ورحيل الضمير والبعد عن مخافة الله الذي خلقنا سبحانه وتعالى بفطرة سليمة يملؤها الخير والوئام والمحبة، لكنها تلوثت مع الأسف بمرور الزمن. وأعتقد أن الوصايا الدينية انشغلت بالسياسه وامتهنت وظائف إعلاميه وإعلانية وتناست دورها الرئيسي في توجيه الناس للفضيله والتحاب والتراحم.فقد وصلت الإحصاءات في أحد الأبحاث الاجتماعية إلى أن أكثر أنواع الإيذاء يتمثل في الإهمال، إذ بلغ المتوسط 2.80%، يلي ذلك الإيذاء النفسي بمتوسط 2.49%، ودعت الدراسة إلى وضع برامج احترافية لمواجهة ظاهرة تزايد العنف ضد كبار السن في المجتمع بصفة عامة. نحن نحتاج هذه البرامج الاحترافية التي تساعدنا على العناية اليومية بكبار السن، والرغبة في مساعدتهم وعدم التأفف من وجودهم وخدمتهم وهذه لا يفيد معها أي تدريب بل يجب أن تنبع من إيماننا بفضل الكبار بعد الله علينا وشعورنا تجاههم بالمحبه والمسؤوليه والامتنان رغم ما يمكن أن يواجهه الأشخاص المعنيين برعاية المسن من المشكلات الشخصية والنفسية والماديه والاجتماعية وأيضًا ترتيب الوقت والأولويات من حيث العمل والوظيفة، وأيضًا رعاية الأطفال إن وجدوا، وسؤال الطفل عن المعاناة التي واجهها أهله في تربيته والتحديات التي واجهها أهله وتحملها الأب والأم حتى كبر وأصبح رجلاً أو امرأة حيث جاء لهذه الدنيا كدمية لا تعرف شيء فاعطته أسرته الدفء والحنان والأمان وحافظت على سلامته وأمنت له المأكل والمشرب والملبس والجو المناسب والعلم والدراسة. فمن غير الطبيعي أن يكون العكس وأن يكون مقابل العطاء جحود، وبدل من أن ترد الجميل تتزايد حدة العنف تجاه هؤلاء المسنين والأضل سبيلا أن بعضهم يبرر لك عنفه وعقوقه بأن أهله لم يعتنوا به في صغره أو أساءوا معاملته، فهل هذا مبرر لإنسان قلبه نظيف وضميره سوي. وهذه القسوة كانت تخفي خلفها الحب الكبير والحرص على مستقبل أولادهم. وهناك أسباب أخرى للعنف ضد كبار السن منها برود المشاعر وانعدام العاطفة التي قد يكون سببها خلل نفسي يحتاج لعلاج وربما يعود لخلل في التربية، فلا شيء في الدنيا أهم من رعاية الأم أو الأب أو الجد، فلهم الأولويه قبل أي شيء لأن الحياه لاتزال أمامك، وقد يأتي يومًا لن تجدهم أمامك ووقتها لن ينفع الندم ولا تأنيب الضمير واعرف أن الزمن دولاب والحياه سداد ودين وما فعلته بأهلك سيفعله معك أولادك.إن ما يسهم في زيادة معدل هذه الجرائم هو العجز عن إبلاغ أو شكوى المسن (المجنى عليه) عما يُرتكب بحقه من جرائم خوفًا من فقدان مصدر رعايته، والذي يعتمد عليه بشكل أساسي، أو اعتقاده أنه لا جدوى من شكواه. ومن المؤسف أن الجاني فى معظم جرائم العنف ضد المسنين من أقرب الناس لهم، فنجد بعض الأبناء الذين تجردوا من إنسانيتهم يُعَنفون بالضرب والإساءة اللفظية والديهم مما يحط من كرامتهم، ويعرضهم لمشاكل صحية ونفسية وهو نوع من العقوق الذى يرتكبه الأبناء ضد والديهم أو ذويهم.ففي دراسة صدرت فى مصر عن حالات الوفيات لكبار السن بدار التشريح التابعة لمصلحة الطب الشرعى بوزارة العدل خلال الفترة من 2007 حتى 2010 وقد بلغ عدد الحالات 139 حالة من إجمالى 2868 حالة وقد كان معظمها من الذكور، وقد تعرض حوالى 56% من الحالات إلى عنف بدنى، و69% من الحالات إلى الإهمال الذى أدى إلى الوفاة، وقد اشتملت الدراسة على 23% من الحالات التى كان سبب الوفاة فيها هو الطعن بالسكين.ويتخذ العنف أشكال عدة ضد كبار السن منها: العنف الجسدي، ويقصد به أي تصرف يؤدي إلى ألم جسدي عند المسن، مثل: الحرق، والضرب، والدفع، وعدم التنظيف والرعاية الجسدية. والعنف النفسي ويقصد به أي فعل