الهايكو في الجزائر

 

كتب/ رحمون لخضر.
بسكرة – الجزائر.

 

اختتمت مساء يوم الأحد 05 فيفري الجاري تظاهرة – أيام سنابل الإبداع الأدبية – التي نظمها – نادي سنابل الإبداع الثقافي – التابع لدار الثقافة أحمد رضا حوحو ببسكرة يومي 04 و 05 فيفري2023
و احتضنتها قاعة الفكر و الأدب ، و قد حملت هذه الطبعة الثالثة شعار ( الهايكو…رحلة البحث عن الدهشة الهاربة ) .
افتتح هذه الفعالية الأدبية من طرف السيد مراد بن عيسى – مدير دار الثقافة – الذي نوه في كلمته بالجهود المبذولة من طرف النادي ،و مثمنا الاختيار الصائب للموضوع ،وهي مبادرة فريدة من نوعها ،حتى أن بعض المهتمين تواصلوا مع دار الثقافة من أجل معرفة تفاصيل هذا اللون الأدبي الجديد في الساحة الثقافية الجزائرية،في انتظار تنظيم ندوات مماثلة حول نفس الموضوع في الولايات المعنية بهدف تقريبه للجمهور المتذوق للأدب ،و بتنظيم هذه الأيام الأدبية تكون ولاية بسكرة الرائدة في احتضان الهايكو.
أما الشاعرة مونية لخذاري – رئيسة نادي سنابل الإبداع – فقد رحبت بالحضور و الشعراء القادمين من خارج الولاية و كلهم أمل في الاستفادة من الخبرة الطويلة و تجارب المشاركين ،و أن تنتهي التظاهرة بتوصيات فعالة لترقية هذا الجنس الأدبي و انتشاره،و اكتشاف المواهب الشابة بالولاية مع العمل على تشجيعها .
و بالمناسبة تم تكريم الشاعر أبو بكر رواغة نظير مساهماته المتميزة في الترويج لشعر الهايكو من خلال الترجمة إلى اللغة الأنكليزية ،خاصة و أنه يعتبر من الشعراء الذين تحصلوا على جوائز و تكريمات من هيآت أدبية معروفة في الوطن العربي.
عرفت الأيام الأدبية التي نشط جلساتها الشاعران أحمد شوقي نوار خرشاش و شارف عامر تقديم مجموعة من المداخلات للتعريف بفن الهايكو .
في اليوم الأول قدمت الشاعرة سامية بن عسو ( ولاية الطارف ) مداخلة تناولت فيها تقنيات كتابة الهايكو الذي هو فن وجيز مكثف، مع تركيزها على شروطه الفنية و خصوصيته و انتشاره ،مثل استخدام صور مشهدية بوصف قوي متماسك و موجز ، كتابة نص الهايكو حسب التقنية التقليدية للهايكو الياباني مع إدخال محمولات ثقافة اللغة العربية ،و احترام التنسيق بشروط الهايكو المتجدد منها: الموسمية -استغلال عناصر الطبيعة -عدم شخصنة النص -المفاجأة – استخدام فعل المضارع في النص .و بينت للحضور أن الهايكو يكتب بثلاث لازمات،تنتهي الأولى بفاصلة تدعى الفصل ،و الثانية بقاطعة و تدعى القطع ،أما الثالثة تحقق الاستنارة و هي جملة كثيفة تدهشك بصورة مبسطة .و القصيدة تحتوي على 17 مقطعا صوتيا باستخدام الحواس في الكتابة.
أما الدكتورة آمال بولحمام ( ولاية باتنة ) فتناولت في المداخلة الثانية تجربة الهايكو من خلال النوادي الإلكترونية ،حيث توقفت عند تاريخ الهايكو في الوطن العربي مع التركيز على تجارب الأسماء البارزة فيه و في الجزائر من أمثال : سامح درويش و سامر زكريا و محمود الرجبي و حسني التهامي و علي محمد القيسي،محمد الأسعد ،و من الجزائر معاشو قرور و الأخضر بركة و عاشور فني و رضا ديداني و أحمد ملياني و غيرهم ،خاصة و أن الدكتورة آمال بولحمام تناولت هذا الموضوع في رسالتها الأكاديمية ،كما توقفت عند الهايكو في مواجهة العولمة باعتباره من الثقافة الشرقية و منبعه اليابان .مطالبة كتابه باحترام شروطه الأربعة و هي:المشهدية، الآنية، الموسمية، المفارقة(الدهشة).
الأستاذ سعد عيسى ( ولاية المدية ) تطرق في نص مداخلته الموسومة ب ( المحاكاة و أنماط الكتابة في الهايكو) إلى الهايكو و أنماط فنونه مثل الطانكا و أبرز كتابها في اليابان و العالم العربي و شروط كتابتها ،بالإضافة إلى السينيرينو و فنونه،و الجيوجيوهكا و نفحة الواكا .
و في صبيحة اليوم الثاني قدم الشاعر رضا ديداني تجربة نادي هايكو المغرب الكبير الإلكتروني كمنجز في نشر نص الهايكو في الجزائر و البلاد المغاربية،بحكم انتماء بعض أعضاء النادي إلى الرقعة الجغرافية لهذه الدول، و بفضل انتشاره مع تحقيق عدة منجزات استطاع من خلالها استقطاب أعضاء حتى من خارج العالم العربي مثل اليابان و كرواتيا و إيطاليا ،و العرب المقيمين في الدول الأوروبية الذين يكتبون الهايكو العربي ،و من بين منجزات النادي إصداره حوالي 40 كتابا إلكترونيا في الهايكو لأعضائه منها أنطولوجيا شعراء الهايكو في الجزائر ،و فتح مجلة إلكترونية باسم – فضاء نادي هايكو المغرب الكبير – تهتم بتشجيع الأعضاء و نشر إبداعاتهم ،زيادة على برمجة فقرات تكوينية على المباشر لتعليم تقنية كتابة الهايكو ،مع إصدار كتب جامعة تضم نتاج مجموعة من كتاب الهايكو،مع طبع كتاب لدعم ضحايا الصراع في كردستان سنة 2016، و من نتائج النادي أيضا العمل على بسط شرعية نص الهايكو في الجزائر،و دعم الجهود المبذولة من طرف المهتمين به في العالم العربي و ثقافته .مع العلم أن بعض أعضاء النادي تم تناول نصوصهم في دراسات جامعية منها جامعة الطارف.
الشاعر أبو بكر رواغة ( بسكرة ) تحدث في مداخلته بالتفصيل عن ترجمة نص الهايكو و صعوبته لأن المترجم مسؤول أمام النص و المبدع ، رغم اعتقاد البعض بسهولته بسبب خصوصيته كنص قصير يعتمد على التفاصيل الدقيقة و المشاهد الجمالية و الصور القوية المعبرة، موضحا فلسفته في ترجمة نصوص الهايكو لأعضاء النادي ،ثم كشف عن آليات الترجمة معتمدا على التجربة و جدلية الاستحالة و الممكن ، و مواصفات المترجم ،و أهم تحديات ترجمة الشعر العربي ، و مقدما نماذج لقصائد مترجمة من الهايكو لشعراء معروفين.
و استمتع الجمهورخلال اليومين الدراسيين بقراءات شعرية تعرف من خلالها على تجارب الشعراء: جمال الدين خنفري- عبد الحفيظ بوساحة – محمد الصالح بوبكر- سامية غمري – عبد الله سلمي- أبو بكر رواغة – سامية بن عسو- رضا ديداني- لخضر توامة، دون نسيان الشاعر الراحل محمد الصغير رشيد الذي قرئت بعض نصوصه وفاء لروحه الطاهرة الذي كانت ترفرف بمحبة في فضاء القاعة.
و على هامش الأيام ، تم تنظيم ورشات تكوينية مفتوحة في كتابة الهايكو من وحي معرض للوحات تشكيلية منجزة من طرف فناني ولاية بسكرة

بقاعة المعارض لدار الثقافة ،و كذا في بهو نزل الزيبان الهدف منها تلقين أهم قواعد الهايكو من خلال الصورة،لأن الهايكيست يعتمد على المنظر الطبيعي أو لوحة فنية تشكيلية ،أو صورة فوتوغرافية ليقوم من وحيها بنقل المشهد بكل تنحي لذاته ،مع إمكانية إرتباطه بالمشهدية في اللازمة الأخيرة .

الجلسة الختامية للملتقى شهدت تكريم المشاركين و المساهمين في نجاح هذا النشاط الثقافي المتميز،و افترق الجميع على وقع الأنغام الموسيقية للوصلة الغنائية التي قام بأدائها الفنان يوسف العيفة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *