أعلنت السلطات الأوكرانية مقتل عسكري وإصابة نحو 100 من رجال الشرطة بجروح بعد انفجار قنابل يدوية أمام مبنى البرلمان، حيث تظاهر العديد من المحتجين ضد إقرار البرلمان تعديل الدستور.
وأكد مستشار وزير الداخلية الأوكراني أن عسكريا توفى في المستشفى متأثرا بجروح أصيب بها أمام مقر البرلمان الاثنين.
واندلعت اشتباكات بين الشرطة ومجموعة من المتظاهرين في محيط البرلمان الاثنين 31 أغسطس/آب، حيث تجمع نحو 3 آلاف من المحتجين على تعديل الدستور الأوكراني
وأكد قائد شرطة العاصمة كييف أن “ما يقارب من 100 من قوات الأمن أصيبوا بجروح في اشتباكات أمام البرلمان”.
بدوره أعلن وزير الداخلية أرسين أفاكوف أن قوات الأمن احتجزت نحو 30 من المتظاهرين أمام مقر البرلمان.
وجاء في بيان نشر على حساب الوزير الأوكراني في “فيسبوك” الاثنين أن حوالي 90 شخصا أصيبوا بجروح، بينهم عدد إصابتهم خطيرة، وذلك نتيجة انفجار قنابل رماها متظاهرون يرتدون قمصانا عليها علامات حزب “سفوبودا” (“الحرية”) اليميني المتشدد، وأكد أفاكوف اعتقال شخص يشتبه في رميه لقنابل، كما توعد أفاكوف بمعاقبة المسؤولين عن تأجيج الاشتباكات بشكل حازم.
وأفادت وكالة “نوفوستي” الروسية في وقت سابق بأن محتجين رشقوا مبنى البرلمان بالحجارة وحاولوا اقتحام المبنى، مشيرة إلى أن الدخان يتصاعد في محيط البرلمان بعد انفجار قنابل يدوية.
واتهم زعيم الحزب الراديكالي الأوكراني أوليغ لياشكو المخابرات الأوكرانية بالعمل الاستفزازي أمام البرلمان بهدف تشويه سمعة المعارضين لتعديل الدستور.
من جهته أعلن تنظيم “القطاع الأيمن” اليميني المتشدد أن الرئيس بوروشينكو يشبه الرئيس السابق فيكتور يانوكوفيتس إذ أظهر حبه لوسائل “القمع ضد الشعب”، داعيا أنصاره للتعبئة بعد اندلاع الاشتباكات في محيط البرلمان الاثنين.
شاهد لحظة وقوع الإنفجار أثناء الاشتباكات بين الشرطة والمحتجين امام مقر البرلمان الاوكراني
وكان البرلمان الأوكراني قد أقر في وقت سابق في جلسته الاثنين مشروع التعديلات الدستورية الخاصة بإقامة نظام لامركزي في أوكرانيا بالقراءة الأولى. وأيد 265 نائبا التعديلات المقترحة، بينما عارضها 87 من أعضاء البرلمان.
ويشار إلى أن عملية التصويت جرت بعد أن قامت مجموعة من النواب من الحزب الراديكالي الأوكراني بتطويق منصة البرلمان منذ صباح الاثنين احتجاجا على تعديل الدستور ورددوا شعارات “عار” و”لا لخيانة الدولة”. وأجرى رئيس البرلمان فلاديمير غرويسمان الجلسة واقفا قرب المنصة وسط عدد من نواب “ائتلاف بيترو بوروشينكو”.
ووفقا للقانون فإن تعديل الدستور الأوكراني يتطلب إقراره من قبل النواب في دورتين لبرلمان البلاد – أولا بأغلبية بسيطة (226 صوتا على الأقل)، ثم بأغلبية دستورية (300 صوت).
وأرادت الحكومة الأوكرانية إنجاح عملية إقرار التعديلات الدستورية في جلسة الاثنين، لأنها آخر جلسة للدورة الحالية، وبالتالي سيتمكن البرلمان من إكمال إجراءات إقرار تعديل الدستور في دورته الخريفية التي تبدأ في 1 سبتمبر/أيلول.
ومن المتوقع أن يواجه مشروع التعديلات صعوبة في الحصول على موافقة أغلبية دستورية في البرلمان خلال الدورة المقبلة. ويرى ممثلو حزب “ساموبوميتش” أن الرئيس الأوكراني يستغل التعديلات من أجل تعزيز سلطته، بينما يرى الحزب الراديكالي الأوكراني أن قبول نظام حكم محلي خاص لبعض مناطق دونباس سيكون “كارثة” للبلاد.
وقد وافق الرئيس الأوكراني بيترو بوروشينكو والمحكمة الدستورية في الشهور الماضية على مشروع التعديلات الدستورية التي أعدتها اللجنة الدستورية.
وينص المشروع على إقامة نظام حكم محلي على 3 مستويات – أقاليم ومناطق وبلديات. وستحصل البلديات التي قد تضم بلدة أو عدة بلدات على صلاحيات واسعة، بما فيها مالية.
وتفترض التعديلات المقترحة أن رئيس الدولة سيحق له إقالة أي مسؤول محلي وتعيين مفوض رئاسي خاص لمدة عام واحد من أجل التصدي بشكل عاجل للنزعات الانفصالية. من جهة أخرى لا تمس التعديلات مجال الدفاع والأمن الوطني والسياسة الخارجية.
يذكر أن إجراء إصلاح دستوري هو أحد بنود اتفاقات مينسك التي توصلت إليها مجموعة “رباعية النورماندي” من أجل تسوية الأزمة الأوكرانية.
وتنص اتفاقات مينسك على ضرورة إقرار تشريع حول الوضع الخاص لبعض مناطق دونباس (جنوب شرق أوكرانيا)، وذلك قبل نهاية عام 2015.
واقترح الرئيس الأوكراني في 15 يوليو/تموز أن تنص الأحكام الانتقالية للدستور على ضرورة وضع قانون خاص بشأن الحكم الذاتي لبعض مناطق مقاطعتي لوغانسك ودونيتسك (التي تسيطر عليها قوات جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك الشعبيتين المعلنتين من جانب واحد).
ومع ذلك أكد بوروشينكو أكثر من مرة أن الحديث لا يدور عن أي “وضع خاص” لمنطقة دونباس وأن البلاد ستبقى موحدة، مضيفا أن التعديلات المقترحة لا تفترض بشكل من الأشكال إقامة نظام فيدرالي في أوكرانيا.
بدورها تعارض قيادة “دونيتسك ولوغانسك الشعبيتين” مشروع التعديلات الدستورية وتطالب بأن تحصل التعديلات المقبلة على موافقة ممثلي “الجمهوريتين” وبأن ينص الدستور في أحكامه الأساسية على تنفيذ قانون “الوضع الخاص” لدونباس الذي جرى تأجيل العمل به سابقا.
وكان زعماء “رباعية النورماندي” قد دعوا كييف أكثر من مرة إلى الالتزام باتفاقات مينسك بدقة، بما في ذلك إقرار الوضع الخاص لبعض مناطق دونباس.
وأكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في اتصال هاتفي مع المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل ونظيره الفرنسي فرانسوا هولاند السبت الماضي أن لا بديل عن الحل السياسي للأزمة الأوكرانية، وأساسه التطبيق التام لاتفاقات مينسك، منوها بأهمية إجراء إصلاح دستوري في أوكرانيا يتفق عليه مع كل من دونيتسك ولوغانسك.