أكد مندوب مصر الدائم لدى الأمم المتحدة في جنيف السفير عمرو رمضان أن مصر تتابع بقلق عميق تطورات الأوضاع في سوريا، وتأثيرها السلبي المتفاقم على أمن ووحدة وسيادة واستقرار البلد العربي الشقيق وحالة حقوق الإنسان فيه خاصة في ظل استمرار العنف في أنحاء عديدة من البلاد ووقوع المزيد من الضحايا إضافة إلى تصاعد أعداد النازحين داخل الأراضي السورية، واللاجئين السوريين خارج الإقليم السوري.
وقال السفير رمضان ـ في كلمته أمام الدورة الثلاثين لمجلس حقوق الإنسان بجنيف والتي استعرضت، اليوم الاثنين، التقرير الجديد للجنة التحقيق الدولية حول سوريا ـ” إن مصر احتضنت حوالي نصف مليون لاجئ سوري منذ بداية الأزمة قبل أربع سنوات، وساوتهم بأشقائهم المصريين في الاستفادة من كافة الخدمات المدنية، وفرص التعليم، ونظام التأمين الصحي الذي تتحمل الدولة توفير الموارد لها”.
ودعا الدول الأوروبية إلى الوفاء بالتزاماتها بموجب اتفاقية العام 1951 الخاصة بوضع اللاجئين، وتعد الأزمة واحدة من أكثر عمليات اللجوء الجماعي في العالم احتياجاً للوفاء بالالتزامات الدولية.
وأكد مشاطرته للجنة التحقيق بالغ القلق إزاء قضية اللاجئين والنازحين خاصة مع وطأة العنف والإرهاب وباعتبارها ليست قضية هجرة وإنما لجوء تفرض على الدول المستقبلة التزامات محددة بموجب القانون الدولي يتعين الوفاء بها، مشددا على أن عدم تنفيذ الالتزامات الدولية أو مجرد الإعلان عن اتخاذ إجراءات شكلية لإبراء الذمة أو التحايل على الرأي العام الداخلي هو أمر لم يعد مقبولاً أو مستداماً.
وأضاف” إنه لا يمكن علاج هذه القضية بمجرد الإعلان عن استضافة بضعة الآلاف من اللاجئين السوريين، وكلهم يفرون من مخاوف حقيقية على حياتهم إلى الدول الغربية، داعيا الدول الأوروبية لأن تقتدي بدول الجوار السوري وبمصر والتي تحملت مسئولية استضافة ملايين اللاجئين، وتوفر الحقوق، والحريات الأساسية اللازمة لهم رغم كل الصعوبات الاقتصادية، ومحدودية الموارد”.
وأدان استخدام العنف ضد المدنيين، واستهدافهم من قبل الأطراف المختلفة للصراع بما في ذلك التنظيمات الإرهابية، وفي مقدمتها تنظيم (داعش) الإرهابي، وهو ما انعكس بوضوح في تقرير لجنة التحقيق المستقلة.
وأعرب أيضا عن إدانته لما يرتكب من انتهاكات أخرى لحقوق الإنسان السياسية، والاقتصادية، والثقافية يدفع ثمنها الشعب السوري الشقيق.
وأكد أنه لا يخفى على أحد أن الحل السياسي يظل هو الخيار الأمثل للتعامل مع هذه الأزمة الإنسانية من خلال جهود التسوية السلمية الذي أثمرت عنه عملية جنيف 2، وللتغلب على العقبات التي تعترض تنفيذها، وذلك من منطلق ضرورة التوصل إلى حل فوري، ومستدام للأزمة السورية.
وبين أن هذه الغاية تستلزم تضافر الجهود في سبيل إحياء مفهوم “الدولة الوطنية” بعيداً عن أي تجاذبات ذات طابع مذهبي أو قومي أو جغرافي مع التحسب إزاء الدفع بتسوية تحمل في طياتها بذور التقسيم لما ستكون لها من تداعيات بالغة الخطورة على الشرق الأوسط ككل، والمناطق المجاورة له.
وأكد مجددا وقوف مصر بجانب الشعب السوري الشقيق في مطالبته بحقوقه المشروعة مع التأكيد أيضا على أن الأولوية يجب أن تكون لوقف انتهاكات حقوق الإنسان، ومعالجة الأوضاع الإنسانية الصعبة، وأن تدرك الأطراف كافة أن الحلول العسكرية والأمنية لا تجدي نفعا عندما يتعلق الأمر بالمطالبة بحقوق الشعوب، وحرياته الأساسية.
وأعرب عن رغبته في التعرف من أعضاء لجنة التحقيق على توصياتهم لمجلس حقوق الإنسان في التعامل مع انتهاكات حقوق الإنسان في سوريا بما في ذلك تلك التي ترتكبها الجماعات الإرهابية، وفى مقدمتها تنظيم داعش، وأيضا تقييمهم لما يمكن للمجلس اتخاذه من إجراءات لمحاسبة الأطراف المسئولة كافة عن هذه الانتهاكات بما في ذلك الجماعات المسلحة، والتي تلقى دعماً من الخارج وتدفقاً للسلاح، وأثر ذلك على أوضاع حقوق الإنسان، وذلك من واقع رؤية اللجنة لمكافحة الإفلات من العقاب في ظل تعدد الأطراف الضالعة في هذه الانتهاكات.