على الرغم من الفارق بين ردود الفعل داخل شرطة الاحتلال الإسرائيلي، على تعيين نائب رئيس الشاباك “روني الشايخ” قائداً عاماً للشرطة، مقارنة بالقرار السابق بتعيين العميد احتياط “جال هيرش”، ولكن مصادر شرطية لم تخفي قلقها إزاء كون المرشح الجديد ينتمي لجهاز (الشاباك)، وهو الجهاز الذي يتبع مباشرة لمكتب رئيس الحكومة، أي أن الحديث يجري عن المشكلة ذاتها، حيث يصر وزير الأمن الداخلي على تعيين قائد عام من خارج مؤسسة الشرطة.
وتقول قيادات شرطية إسرائيلية، إن لديها مخاوف من احتمالات تفضيل المرشح الجديد لقيادات من الجهاز، الذي ينتمي إليه، وأنه قد يشكل دائرة مقربة منه من هذا الجهاز، ما يعني تهميشاً لدور قيادات الشرطة، والذين كانوا ينتظرون أن يتولوا مناصب أكبر.
وتقول وسائل إعلام عبرية، إن وزير الأمن الداخلي تحدث مع المرشح الجديد، وأبلغه أنه لا يمانع في الاستعانة بضباط من خارج جهاز الشرطة، وأن “الشايخ” سيشكل هرم قيادة جديد، يعتمد في الغالب على ضباط من جهاز (الشاباك)، فضلا عن الجيش، معبرة عن اعتقادها أن الفترة القادمة ستشهد الاستعانة بضباط برتب عسكرية صغيرة، وترقيتهم سريعا إلى رتبة العميد واللواء، على حساب ضباط الشرطة.
تغييرات في الأفق
وبحسب المصادر، فإن الفترة القادمة ستشهد نهاية عمل العديد من ضباط الشرطة الكبار، وعلى رأسهم اللواء يورام هاليفي، قائد المنطقة الجنوبية، واللواء بنتسي ساو، القائم بأعمال القائد العام للشرطة، بالإضافة إلى اللواء يارون باري، قائد شرطة السير، وقيادات أخرى، ما يعني أن جهاز الشرطة سيفقد غالبية الرتب العليا، فيما ستشهد الفترة القادمة سلسلة طويلة من التعيينات من خارج الجهاز، ما ينعكس بالسلب على معنويات ضباط الشرطة من رتبة العميد فأقل، والذين كانوا يخططون لمستقبلهم المهني داخل الجهاز.
ولا يخفي “جلعاد إردان”، وزير الأمن الداخلي بحكومة الاحتلال، رغبته في ادخال إصلاحات هيكلية واسعة في جهاز الشرطة، في ضوء الفضائح الجنسية التي ظهرت في أواخر ولاية القائد العام السابق للشرطة، اللواء “يوحانان دانينو”، فضلا عن الإخفاقات المتتالية، من بينها واقعة طعن فتاة مثلية بواسطة مستوطن متطرف، كانت المعلومات تؤكد أنه سيقدم على ذلك.
تهميش الشرطة
وبعد انتهاء عاصفة تعيين “هيرش”، وفشل “إردان” في تمرير هذا التعيين، تحت ضغوط كبيرة من جهاز الشرطة، والعائلات التي فقدت أبنائها إبان حرب لبنان الثانية، فضلا عن وسائل الإعلام والعديد من المحللين وأصحاب الرأي، وقع اختياره مجددا على شخصية من خارج الشرطة، ما يعني أنه يصر على موقفه دون أدنى اعتبار لموقف الشرطة الغاضب.
ويكمن الخلاف الرئيسي، في أن المئات من ضباط الشرطة الإسرائيلية في رتبة العميد، والذين لم تنسب إليهم أي وقائع فساد، كانوا يتوقعون أن يكون القائد العام الجديد أحدهم، بعد “أزمة الأجيال” التي عكسها العديد من لواءات الشرطة الذين تورطوا في جرائم جنسية، ولكن الموقف الذي يتمسك وزير الأمن الداخلي يعني أنه يرسخ أزمة الثقة في الشرطة، على حساب جيل كامل من ضباط الشرطة، الذين كانوا يطمحون في مناصب عليا.
ويؤكد مراقبون، أن “إردان” بصدد تمرير سياسة ممنهجة لجلب ضباط الشاباك والجيش وتعينهم في مناصب قيادية عليا، ما يعني أن الشرطة الإسرائيلية ستجد نفسها خلال الفترة القادة تعمل تحت إمرة شخصيات لم تكن يوما جزءً من هرم القيادة بشرطة الاحتلال.
مخاوف العرب
وبغض النظر عن الخلاف حول تعيين قائد عام من خارج جهاز الشرطة، ثمة خلاف آخر يتعلق بشخصية نائب رئيس الشاباك نفسه، وبالتحديد بالنسبة لعرب إسرائيل، الذين يتخوفون من العقيدة الأمنية الاستخباراتية التي يحملها.
وتعبر مصادر عربية في إسرائيل، عن ذلك بقولها إن الخبرات التي يمتلكها “الشايخ” فيما يتعلق بالقدس، في ظل الوضع الأمني الحالي هناك، تعني أن الفترة القادمة ستشهد تدهوراً متوقعاً، وأن محاولات إعادة الاعتبار للشرطة الإسرائيلية بعد سلسلة الفضائح، قد تعني أن الحكومة الإسرائيلية تُصدر أزمة الشرطة إلى منطقة أخرى، وتأتي بشخصية من هذا النوع، ستعمل على استعادة صورة الشرطة الإسرائيلية وهيبتها على حساب الشعب الفلسطيني، وليس من خلال إصلاحات داخلية.