تشير الأنباء القادمة من عمان إلى بروز نوع من التهدئة غير المعلنة بين الحكومة الأردنية وجماعة الإخوان المسلمين عقب أشهر من الاتهامات المتلاحقة من قبل الجماعة للحكومة وأجهزتها التنفيذية باستهدافها بشكل متدرج.
الجماعة تتهم الحكومة بدعم جماعة موازية قامت بحمل ذات الاسم والتقدم بترخيص رسمي لذلك وهي الاتهامات التي تنفيها الحكومة، وتقول إن الأمر لا يعدو أن يكون خلافا بين جمعيتين أردنيتين يفصل فيه القضاء.
الخلاف الذي تطور إلى نزاع قضائي على الأملاك الخاصة بالجماعة وصل كما يشير مراقبون إلى حدود القطيعة التامة بين الجمعية القديمة والجديدة، التي تحمل ذات الاسم ويقوم عليها عدد من أبناء الجماعة المفصولين وعلى رأسهم المراقب العام السابق لها عبد المجيد ذنيبات، وتعتبر أن أملاك الجماعة يجب أن تؤول قانونا لصالحها وأن الجماعة السابقة باتت في طريقها للحل بشكل تدريجي.
الإجراءات القانونية المتلاحقة من قبل الجمعية الجديدة أفضت إلى منع أغلب الأنشطة التي كانت الجماعة تنوي القيام بها وهو ما أجبرها على اللجوء للعمل تحت مظلة ذراعها السياسي حزب جبهة العمل الإسلامي رغم إصرار الجماعة على أنها مرخصة وفقا للقانون ولا تحتاج إلى ترخيص جديد حيث لا يعدو الأمر أن يكون “ضغطا” تمارسه الحكومة على الجماعة حسب تعبير الناطق باسمها بادي الرفايعة.
القضاء الأردني أصدر حكمه القابل للاستئناف في القضية معتبرا أن الجمعية المرخصة حديثا ” لم تحل محل الجماعة لعدم ثبوت الصفة” وهو قرار رأت فيه الجمعية القديمة تأكيدا على شرعية الجماعة ووجودها القانوني وفقا لبيان أصدرته اليوم.
ودعت الجماعة في بيانها إلى وقف “استهداف الجماعة ومضايقتها من كل الأطراف… والتركيز على الوحدة ورص الصفوف، بعيدا عن منطق المناكفة دون طائل”.
الكاتب والمحلل السياسي حسين الرواشدة أعتبر أن هدوءَ ما وصفها بـ”زفة” المناكفات بين الجماعة والجمعية يعود إلى عدة أسباب من أهمها أنه “قد يكون تبادر إلى أذهان القائمين على الجمعية خطأ منهجهم السابق، أو أنه قد وصلتهم رسالة من جهة بضرورة “التهدئة”.
ويرى الرواشدة أن أهم ما في هذه القضية هو أن الدولة ما زالت تمسك بخيوط “القصة” وتستطيع أن تحركها متى أرادت .
ولفت إلى أن قانون الانتخاب الذي طرحته الحكومة قبل شهر من الآن قد يمثل مدخلا لعودة العلاقة بين الجماعة والدولة إلى مربع الحوار بعد قطيعة طويلة نسبيا، خاصة أن التصريحات الأولية حول القانون اتسمت بالإيجابية .
وفي ذات السياق يذهب الكاتب والمحلل السياسي محمد أبو رمان إلى أنه يتوجب على الجماعة أن تقدّم رسائل وإشارات للأوساط الرسمية والسياسية حول نيتها المشاركة بالانتخابات المقبلة، يمكن من خلالها استنطاق نواياها للأيام التالية، بما يساعد في ترسيم معالم المشهد السياسي القادم.
ويرى أبو رمان أن “ثمّة ضرورة ماسة اليوم لأن يتشكّل تيار من أبناء الجماعة يعيد قراءة الأزمة بصورة أكثر عمقاً وإدراكاً لأبعادها المختلفة، بعيداً عن حالة الإنكار، وبما يؤدي إلى حفظ الاستقرار وانفراج الحالة السياسية خاصة بعد مغادرة مربع الصوت الواحد في مشروع القانون الجديد”.