تصل المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، اليوم الأحد إلى تركيا، في زيارة رسمية تلتقي خلالها الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، ورئيس الوزراء المكلف، أحمد داوود أوغلو، ضمن المساعي الأوربية لوقف تدفق اللاجئين إلى دول الاتحاد الأوربي.
ويتضمن جدول الزيارة، التطرق إلى قضايا مكافحة الإرهاب، والأزمة السورية، وملف انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوربي، الذي تسعى أنقرة للانضمام إليه وسط تعثر دام لأعوام.
ويحاول قادة دول الاتحاد الأوربي، اتخاذ تدابير للحد من موجة اللجوء الكبيرة إلى أوربا، عبر تقديم مغريات مادية لتركيا، لإيواء اللاجئين، بعد الموافقة منذ أيام، على تقديم حوالي 3 مليارات يورو، للحكومة التركية، فضلاً عن تسهيلات في إجراءات الحصول على تأشيرات الدخول للمواطنين الأتراك، بالإضافة إلى إعادة النظر في طلب أنقرة للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي.
وفي قرارات وافق عليها 28 زعيماً أوروبياً، في اجتماع عُقِد في 15 تشرين الأول/أكتوبر الجاري، عرض الاتحاد على تركيا مساراً أسرع لمنح مواطنيها حرية السفر بلا تأشيرات إلى بلدان الاتحاد، مقابل تقديم أنقرة مساعدة حقيقية في إبطاء الهجرة.
معارضون للزيارة
وقوبلت زيارة ميركل إلى تركيا، بموجة من الانتقادات من قبل أحزاب ألمانية معارِضة، يأتي على رأسها الحزب اليساري، وحزب الخُضر، المعاديان لسياسات الحكومة التركية، بحجة أن الزيارة، تصب في مصلحة أردوغان، الذي يحاول كسب الناخبين الأتراك ليصوتوا لحزب العدالة والتنمية، الذي يدعمه، في الانتخابات التشريعية المبكرة المقررة في الأول من تشرين الثاني/نوفمبر القادم.
وقالت ميركل، في 15 تشرين الأول/أكتوبر الجاري، إن تركيا تلعب دوراً رئيسياً في المهمة التاريخية لحل أزمة المهاجرين في أوروبا، وإنه يجب على الاتحاد الأوروبي أن يقدم لها دعماً أفضل لمساعدتها في التعامل مع تدفق اللاجئين.
وتفاقمت أزمة اللاجئين السوريين في الأراضي التركية، مع وصول أعدادهم إلى حوالي مليوني لاجئ، ما يضع الحكومة التركية أمام تحديات خطيرة، في ظل تراجع حاد في الأوضاع الأمنية، واتساع حدة الاشتباكات العرقية مع المتمردين الأكراد.
ويبلغ عدد المخيمات التي أقامتها الجمهورية التركية لإيواء اللاجئين السوريين 100 مخيم موزعة حول البلاد، وتأوي نحو 300 ألف لاجئ، وأدى سوء الأوضاع المعيشية للسوريين في تركيا، إلى التسبب في موجة لجوء مبالغ فيها إلى أوربا، لتفضل عائلات بأكملها، التعرض لمخاطر الموت على البقاء في تركيا، في ظل تصاعد العنف، والاضطرابات، وغموض المستقبل السياسي، وارتفاع حدة التضييق عليهم، رسمياً وشعبياً.
ويمر الكثير من المهاجرين غير الشرعيين عبر المياه التركية، في طريقهم من دول العالم الثالث إلى دول الاتحاد الأوروبي؛ وغالباً ما ينتقلون في قوارب غير آمنة، هرباً من الفقر والحرب نحو أوروبا.
علاقات مضطربة
وتجمع ألمانيا وتركيا علاقات سياسية وأمنية واقتصادية وطيدة، إذ يبلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين 40 مليار دولار أمريكي، وتبلغ قيمة الاستثمارات الألمانية في تركيا 7 مليارات دولار، والأهم من ذلك أنهما عضوان في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، إلا أن تلك العلاقات لا تتسم بالاستقرار، إذ يشوبها خلافات دبلوماسية بين الحين والآخر.
وتوجّه ألمانيا انتقادات للحكومة التركية، حول فرض الرقابة على الإنترنت، وحرية الإعلام، ومحاولات السيطرة على السُّلطة القضائية، ومنح صلاحيات واسعة لجهاز الاستخبارات التركية (mit)، ما يعتبره الساسة الأتراك تدخلاً غير مسموحٍ به في الشأن الداخلي.
ويُعدّ الشأن الداخلي التركي، بالغ الأهمية للساسة الألمان، كون الجالية التركية في ألمانيا تُعتبر أكبر الجاليات الأجنبية المقيمة في البلاد، إذ يصل تعداد أفرادها إلى نحو 3 ملايين نسمة، وتضم تلك الجالية مواطنين أتراك من مختلف المكونات (التركية والكردية والعربية والسريانية واليونانية والأرمنية)، ما يعكس تعقيدات التنوع العرقي والديني التركي على الساحة الألمانية، وينقل مشاكل تلك الأقليات إلى الداخل الألماني.