قطع وزير الخارجية الأمريكي جون كيري إلى قطع جدوله المثقل بهموم دخول روسيا عسكريا على خط المواجهة في سوريا إلى الإعلان رسميا أنه سيتوجه للشرق الأوسط وتحديدا إلى العاصمة الأردنية عمان لبحث تطورات الأوضاع المشتعلة في الضفة والقدس المحتلة بعد إطلاق رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو العنان للمستوطنين ووزراء حكومته للعبث بالمسجد الأقصى بشكل متكرر الأمر الذي استفز الفلسطينيون بشكل دفعهم لإطلاق انتفاضة ثالثة، بحسب المحللين.
ويثار تساؤل حول سبب اختيار كيري لعمان وعدم توجهه مباشرة إلى الأراضي المحتلة ؟ وحول الجديد في جعبة الرجل غير ما حملته قمة العام الماضي التي جمعته والعاهل الأردني بنتنياهو.
هذه التساؤلات يطرحها المراقبون مع اقتراب موعد الزيارة التي تشير الأنباء المسربة للأعلام الأردني أنها ستكون يوم السبت المقبل لكنها لن تضم نتنياهو، الذي سيلتقي بكيري في ألمانيا التي سيزورها بعد يومين، فيما لم يثبت بعد حضور الرئيس الفلسطيني محمود عباس لقصر الحسينية في عمان للانضمام للقمة “الطارئة والعاجلة” ولم يعرف إن كان كيري سيتوجه لرام الله للقائه.
الكاتب والمحلل السياسي ماهر أبو طير اعتبر أنه ليس من مصلحة الأردن استقبال نتنياهو، وتوريط الأردن بصورة الوسيط أو الضامن لأي انطلاقة لعملية المفاوضات، فيما هو فعليا يريد تحقيق خرق على صعيد العلاقات مع الأردن، بحيث يتم استقباله برغم كل أفعاله تجاه الحرم القدسي، وخرق آخر تجاه الفلسطينيين، بحيث تتم إعادة تدويل الأزمة، والهروب نحو مفاوضات بلا فائدة فعليا، من أجل غاية محددة، هي كسب الوقت، ووقف الانتفاضة أو هبات الغضب في فلسطين ضد الاحتلال الإسرائيلي.
وأضاف أبو طير: “ظهور نتنياهو وكيري في الحديقة الخلفية للسياسة الألمانية، يعبر أيضا عن ثنائية أميركية إسرائيلية معروفة، وليست جديدة، والواضح أنهما سيقرران معا، كما العادة بوصلة المرحلة المقبلة، وهي صفعة في مغزاها للسلطة الوطنية، التي تجلس الآن بانتظار ما يقرره الطرفان معا، كما هي العادة”.
ومن جهته يرى الكاتب والمحلل السياسي محمد أبو رمان أنّ “الأوراق التي بيد الأردن لمواجهة العنجهية الإسرائيلية محدودة على صعيد دبلوماسي، في ظل الوضع العربي المتردّي والانقسام الداخلي الفلسطيني، إلا أنّ الضغط الشديد على إسرائيل يأتي من الأردن “.
ويمتلك الأردن حق الوصاية على المقدسات في القدس ويرتبط بعلاقات متميزة مع الإدارة الأمريكية ويرتبط مع إسرائيل بمعاهدة وادي عربة للسلام منذ عام 1994.
ويعتبر أبو رمان أن أقصى ما يستطيع الأردن فعله، واقعياً، لتلبية المطالب الشعبية المطالبة بدعم الفلسطينيين، هو سحب السفير الأردني من تل أبيب وطرد السفير الإسرائيلي من عمان وهو الأمر الذي فعله الأردن سابقا.
لكن القلق – بحسب أبو رمان- هو أن يكون هذا العمل مبرراً لتمادي الحكومة اليمينية أكثر بعد تحللها من هذه الضغوط، مما يزيد من الأخطار على الأماكن المقدّسة، ويحجّم قدرة الأردن على الإمساك بهذه الورقة.
ويلفت المحلل السياسي فهد الخيطان إلى أن اللقاء المرتقب يختلف عن القمة الثلاثية التي ضمت نتياهو كيري والعاهل الأردني في عمان العام الماضي حين تعهد نتنياهو للملك بالحفاظ على الوضع كما هو في مدينة القدس، حيث يرى الخيطان أن “تفاهمات عمان على هشاشتها كانت كفيلة بضبط الموقف هناك، وصرامة الملك الشديدة كبّلت نتنياهو وقتها”.
ويتابع مقللا من نتائج الزيارة المرتقبة: “الوضع الميداني متفجر، والسلطة الفلسطينية تكاد تعجز عن كبح جماح الجيل الجديد من الشبان الفلسطينيين. نتنياهو المتواطئ مع المستوطنين، بات أضعف من السابق، وقد لا يكون قادرا على لجم قطعان الإرهابيين الصهاينة في شوارع القدس.. فالمهمة هذه المرة أصعب من سابقتها. وما يزيدها تعقيدا، أن السيد كيري يحضر إلى المنطقة متأخرا، وبتثاقل شديد، كما لو أن شخصا يدفعه من الخلف”.