نقلت وكالة «مهر» الإيرانية عن وزير خارجية طهران محمد جواد ظريف قوله، إن على جميع الأطراف المعنية بالأزمة السورية، إبداء المرونة اللازمة لحل الأزمة، مبديا استعداد بلاده لحل الأزمة وفق قاعدة الربح – الربح، كما نقلت الوكالة، بمعنى الربح للجميع.
وأول ما يتبادر للذهن هنا هو إذا كانت إيران فعلا قادرة على حل الأزمة السورية فلماذا هرولت، ومعها بشار الأسد، لطلب النجدة من الروس؟ وإذا كانت إيران قادرة فلماذا فشلت، ومعها حزب الله، والحكومة العراقية السابقة، ببسط نفوذهم في العراق وسوريا وحتى لبنان؟ وإذا كانت إيران فعلا قادرة على المساعدة في حل الأزمة السورية، فلماذا فشلت طهران في إقناع الأسد بقبول مبادرتها المعدلة من أربعة بنود؟ الواضح هنا هو أن كلام وزير خارجية إيران هذا يصب في حملة الدعاية التي تقوم بها طهران لتلميع صورتها، وذلك على خلفية الاتفاق النووي، ولذلك قال ظريف في نفس كلمته بالاجتماع التحضيري لمؤتمر ميونيخ الأمني الذي عقد السبت الماضي بطهران، إن بعض الدول «تعتقد أن الاتفاق النووي الإيراني يشكل تهديدا لها وحاولت من خلال الإيحاء بأن إيران تشكل تهديدا للمجتمع الدولي أن يكون ذلك رصيدا لها، فتأسيس (داعش) وطالبان و(القاعدة)، وتسليح صدام في الحرب المفروضة على إيران، هي نماذج من هذه الممارسات». مؤكدا أن إيران تعتقد بأنه إذا كان الانفلات الأمني موجودا في المنطقة فإنه سينتشر إلى باقي الدول.
الأمر واضح جدا فنحن الآن أمام حملة دعائية إيرانية لتلميع صورة طهران، والإساءة للآخرين، وخصوصا السعودية، وتستغل إيران الأزمة السورية لفعل ذلك لتضرب عصفورين بحجر واحد، بحيث تقوم إيران بترويج دعاية سيئة ضد السعودية في المحافل الدولية، وتبرر في نفس الوقت للداخل الإيراني، ومتطرفيه، لماذا استعانت طهران بالروس لإنقاذ الأسد في سوريا بعد أربعة أعوام من الفشل الإيراني هناك، وهو الفشل الذي كلف طهران الكثير من المال والرجال. ولذا فمن الأهمية التصدي لهذه الدعاية الإيرانية المغرضة، خصوصا وأن إيران متورطة في تغذية التطرف، والعنف، في المنطقة من اليمن إلى البحرين والكويت، ومن لبنان حتى العراق، والحالة الأوضح، والأكثر بشاعة هي في سوريا.
وتفنيد الدعاية الإيرانية هذه يتطلب جهدا إعلاميا، ودبلوماسيا، لا تهاون فيه، وخصوصا عندما يقول ظريف، إن «الذين يحاولون زعزعة استقرار الدول الأخرى، سوف يلحق بهم الضرر»، فهذا الحديث ينطبق على إيران نفسها، وهذا ما يجب أن تسمعه من المجتمع الدولي بكل وضوح، مثلما يجب تذكير ظريف بقول الشاعر العربي: «يا أيها الرجل المعلم غيره.. هلا لنفسك كان ذا التعليم»! ولذا فلا بد من تفنيد الدعاية الإيرانية، ويجب أن يقال لإيران، وردا على كلام ظريف: إن أفضل مساعدة يمكن أن تقدمها بسوريا، هي إيقاف تدفق الميليشيات الشيعية، ووقف إرسال قوات الحرس الثوري، والتوقف عن التوغل في الدم السوري.. هذا ما يجب أن يقال لإيران، وبالمحافل الدولية.