عقدت ندوة صحفية على الإنترنت اليوم بمشاركة كل من طاهر بومدرا رجل قانون و الرئيس السابق لمكتب حقوق الانسان التابع للأمم المتحدة في العراق والذي كتب مؤخراً دراسة شاملة عن واقع حقوق الإنسان في إيران تحت رئاسة روحاني وصالح حميد الصحافي المختص بالشأن الإيراني وناشط في منظمة حقوق الإنسان الاهوازية وسنابرق زاهدي رئيس لجنة القضاء في المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية. وهناك مداخلات من مسؤولين في المقاومة الإيرانية وهما فريدة كريمي حول ملف حقوق الانسان واحسان امين الرعايا في ملف الاقتصاد.
واستهلّ د. زاهدي حديثه بالقول:«عشية زيارة روحاني رئيس جمهورية الملالي لباريس نريد أن نلقي الضوء على «انجازات» هذا الرئيس «المعتدل». بعض الأطراف الغربية تريد التعامل مع النظام الإيراني من خلال تجميل صورة روحاني لتقول أن روحاني تختلف عن خامنئي والملالي المتشددين. واضح أن الهدف من وراء هذه المساعي الغربية ليس سوى عقد صفقات تجارية والحصول على حصة من كعكعة ثروات الشعب الإيراني. هذه المساعى لاتجدي نفعا وتبقى محدودة جدّاً إلا إذا كان هناك تغيير حقيقي في المعادلة الإيرانية وهذا التغيير لايمكن أن يتحقق إلا في الداخل الإيراني ولدى الشعب الإيراني. وهنا نريد التركيز على محورين أساسيين من حياة الشعب في ظلّ حكومة روحاني بعد عامين ونصف من مجيئه. وهما تزايد عدد الإعدامات بشكل فاق عددها من جميع السنوات الخمس والعشرين الماضية، وكذلك الحالة الاقتصادية للشعب خلال فترة حكم روحاني.
الواقع يقول أن عدد الإعدامات في عهد روحاني تجاوز إلفي حالة إعدام وهذا العدد يعادل أكثر من ضعفي ماكان في عهد أحمدي نجاد. وقال سعيد بومدوحة، نائب مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية:” ، قد استخدمت السلطات الإيرانية لسنوات عقوبة الإعدام كي تنشر مناخاً من الخوف في محاولة مضللة لمكافحة الاتجار بالمخدرات، ولكن ليس هناك أي دليل لإثبات أن هذه وسيلة فعالة لمعالجة الجريمة”…. ومن بين الذين أعدموا في إيران أيضا أفراد من الأقليات العرقية والدينية أدينوا ” بمحاربة الله” و “الفساد في الأرض” بمن في ذلك السجناء السياسيون الأكراد والسنة… واستنادا إلى أعمال الرصد الذي تقوم به منظمة العفو الدولية وغيرها من منظمات حقوق الإنسان، يعتقد أن عدة آلاف من الأشخاص ينتظرون تنفيذ حكم الإعدام في إيران… ويجب الإشارة إلى التقرير الأخير للمقرر الخاص لحقوق الإنسان في ايران أحمد شهيد ألذي قال في تقريره المقدّم إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة في 6 من الشهر الماضي أكتوبر أن إيران الملالي بالمقارنة بعدد السكّان تعتبر أول بلد في الإعدام في العالم. وأضاف التقرير أن الإعدامات في إيران كانت في طور متزايد منذ العام 2005 وحتى الآن وفي العام الماضي 2014 كان عدد الإعدامات 753 حالة. لكن هذه الوتيرة أخذت منحى متزايداً في الأشهر السبعة الأولى من العام الحالي حيث وصلت حالات الإعدام خلال تلك الفترة 694 حالة.
معظم الإعدامات كانت بحجة مكافحة المخدّرات لكن الحقيقة هي أن لا هدف لهذه الإعدامات سوى بثّ أجواء العرب والإرهاب في المجتمع. إذن أي إعدام في ايران يمكن اعتباره اعدام سياسي. خاصة إذا نظرنا أن الشبكات التي تقوم بتجارة المخدّرات على نطاق واسع تصل خيوطه إلى كبار الملالي وإلى قادة الحرس.
بالنسبة للظروف الاقتصادية هناك مئات الحقائق التي تشير بوضوح مدى فشل حكومة روحاني في حل أي مشكلة من المشاكل المستعصية لأبناء الشعب الإيراني. على سبيل المثال قال رئيس كتلة العمال في مجلس النظام (البرلمان) آن الحالة المعيشية للعمال الإيرانيين تشير إلى أن 90 في المائة معهم يعيشون تحت خط الفقر وأن 10% أيضا قريبين جدا بهذا الخط، كما أعلن علي لاريجاني رئيس المجلس أن حوالي 50% من متخرجي الجامعات عاطلين عن العمل، وفي المقابل كل يوم يتم الإعلان عن مليارات من الفساد الاقتصادي.. وبناءاً على مركز الإحصيات الرسمية الحكومية فإن عدد الإير انيين الذين يعيشون تحت خطّ الفقر يفوق 40 مليون شخص. وكتب موقع تابناك آن 63% من سكّان المدن و77% من سكّان القرى في إيران يعيشون تحت خط الفقر وآن نسبة العوائل التي تعيش خط الفقر أصبحت ثلاثة أضعاف. من جانب آخر أعلن محمد باقر نوبخت الناطق باسم حكومة روحاني آن 700 مليار دولار من ثروات البلاد تمّ إبتلاعها ونهبها.
وقال د. طاهر بومدرا في مداخلته بان القوانين في نظام الملالي وخاصة دستور ولاية الفقيه تجعل من انتهاكات حقوق الإنسان وسيلة من وسائل الحكم لتقنّن كيفية استعمال عقوبة الإعدام لقهر المعارضين ولادخال الرعب في المواطن الإيراني. لو لاحظنا عقوبة الإعدام من تقارير منظمة العفو الدولية والمنظمات الأخرى نجد بان ايران هي في طليعة الدول التي تستعمل عقوبة الإعدام بشكل الزامي. واضاف د. بومدرا انه في إيران حرية التعبير وحقوق المرأة ورعاية الطفل كلها في اوضاع سيئه للغاية وخاصة تنفيذ عقوبة الإعدام على الاطفال…عقوبة الاعدام تطبق في إيران على اطفال اعمارهم ادني مما هو مقبول في القانون الدولي. وانتم تلاحظون كيف الحكم الايراني قنن على اساس انه يستمر في القمع والقهر المواطن الإيراني حتى يجعل من الحكم الاستبدادي طريقة في تنظيم الخلافة الإسلامية. ولا يفوتني الامر ان اذكر بان الدستور الإيراني ينص على الزامية الدولة في ترتيب وتنظيم الخلافة الإسلامية العالمية. وهذه القوانين تلزم الدولة ان تستخدم كل الامكانيات من اجل تصدير” الثورة”. واكد بان ايران دولة غنية جدا لها كل الامكانيات لتطوير الاقتصاد يفوق الاقتصاديات الاوروبية وعندما نرى الفقر يعم البلد فانه يعود إلى الفساد وحكم غير راشد جعل من دولة كإيران تصبح البطالة فيها منتشرة والفقر منتشر والاستبداد هو وسيلة من وسائل الحكم في إيران.
واكدت السيدة فريدة كريمي مسؤولة العلاقات مع المنظمات المدافعة عن حقوق الإنسان في المقاومة الإيرانية في مداخلتها بان عدد الإعدامات منذ مجيء روحاني حتى الآن قد جاوز الفي إعدام وهذا رقم ملفت للنظر جدا. واضافت هناك جانب آخر وهو طريقة تنفيذ الإعدامات حيث يقوم بها النظام في المرأي العام. باعتقادي تنفيذ الإعدامات في المرأي العام هو تعذيب جماعي. اي انه عقاب لكل المجتمع. ان النظام يعلن تنفيذ الإعدامات مسبقا ويسعى إلى بث اجواء الخوف والرعب وليست هذه الاجراءات بلا سبب بل هناك غاية محددة وهو ارعاب الشارع. وقبل اي شي آخر، روحاني يريد ان يرسل رسالة محددة إلى الشعب وهي ان التصريحات التي اطلقها لا يخصكم ايها الشعب الإيراني ولا تتصور بان اي شي قد تغيير بالنسبة لكم، بل هذه التصريحات من اجل الاستهلاك الخارجي، وهو يخاطب من هو في خارج إيران ليجذب بزعمه الرساميل والاستثمارات إلى إيران ويوحي بان إيران اصبحت بلدا آمنا … وهي المزاعم التي انتم تعرفون حقيقتها…. وطبعا كلها عار عن الصحة، وعلي وجه التحديد نفذت ما لا يقل عن سبعة وخمسين اعداما في المرأي العام خلال عشرة اشهر ماضية وهذا الرقم يوضح حقيقة خطاب روحاني بصورة جلية.
في مداخلته شرح السيد صالح حميد ابعاد الفساد في حكومة روحاني مشيرا الى ان ما صرح اسحاق جهانكيري نائب روحاني حيث قال 170 ميليار دولار فقدت من صندوق التنمية الوطنية. وهذا يعادل نصف الميزانية الإيرانية تقريبا. وقال في الوقت الذي وصف مرشد النظام علي خامنئي حكومة احمدي نجاد بأنزه الحكومات في التاريخ الإيراني ولكن بعد كشف ملفات الفساد تبين بان هناك سبعين ميليار دولار تم اختلاسه والمتورطين في هذه العملية كل من محمد رضا رحيمي النائب الاول لاحمدي نجاد ونائبه الاخر حميد بقائي وعشرون مسؤولا حكوميا رفيعا الان بعضهم في السجن. نائب الرئيس حكم عليه فقط لخمس سنوات رغم انه كنائب الرئيس كان متورطا في قضية اختلاس شركة التأمينات حوالي 2.5 ميليار دولار وبقية المؤسسات. وشرح السيد حميد فضحية اخرى تتعلق بثلاث آلاف منح دراسية في حقبة احمدي نجاد منحت لابناء الوزراء والمسؤولين وذويهم المقربين من حكومة احمدي نجاد. ونقل عن خبراء اقتصاديين ايرانيين في قطاع النفط الإيراني بين خمس سنوات إلى عشرسنوات حتي اذا انفق كثير من المال على المؤسسات النفطية لن يؤدي ذلك الى تحسين الوضع الاقتصادي او إلى زيادة الانتاج. وكانت الحكومة الإيرانية تتوقع خلال موازنة العام الحالي على اساس سعر سبعين دولار لبرميل نفط لكنه خلال خمسة اشهر الماضية انخفضت الاسعار إلى خمسين واربعين دولارا لبرميل واحد فلذلك اصبح هناك عجزا لا تطاق.
وقال السيد احسان امين الرعايا مسؤول في الهيئة السياسية للمقاومة الإيرانيه في مداخلته ان اربعة وزراء لحكومة روحاني وجهوا رسالة للاخير خلال شهر اكتوبر الماضي وهم وزراء معنيون باقتصاد البلد، اكدوا في رسالتهم بان قيمة الفائدة في سوق الرساميل والاستثمارات في إيران انخفضت بنسبة 42% طيلة 19 شهراً الماضية واضافوا بان الارباح التي حصلت عليها المصارف انخفضت إلى حد ليس هناك توقع في الافق ان تتحسن خلال خمس سنوات قادمة. واشاروا الي ان صناعة عجلات الصالون على وشك التوقف وذلك في الوقت الذي تتراوح فيه نسبة التنمية الاقتصادية للبلد حوالي رقم ”صفر” رغم جميع الوعود التي اطلقت حيث ان قيمة صرف العملة الرسمية للبلد انخفظت خلال الاسابيع الاخيرة ايضا. ويجب ان نضيف الى كل ذلك التقييم الاخير لصندوق النقد الدولي ومن خلال ذلك بامكاننا ان نستنتج بان معدل الدخل الفردي من الناتج الاجمالي الوطني في إيران والذي كان 6400 دولار في عام 2011، قد تلقص ونزل إلى 5300 دولار عام 2014 وهذا يعني اي ايراني أفقر بالنسبة 17% وذلك يعني أفقر بالمقارنة مع المواطن العراقي والجزائري والأردني. واضاف السيد احسان امين بان جميع هذه الاحصائيات والارقام تسمح لنا ان نستخلص النتيجة بان وعود روحاني للاصلاح الاقتصادي منيت بالفشل وان هذا الفشل يحصل في الوقت الذي وقع فيه الاتفاق النووي وبعد اتفاق جنيف في 2013 بدأ تستلم الحكومة الإيرانية شهريا مبالغ بالملايين من الاموال المجمدة ولم تشدد العقوبات خلال هذه الفترة فحسب بل فتحت بعض الاجواء للالتفاف ببعض العقوبات، كما زارت طهران وفود اقتصادية سياسية متعاقبة خلال الاشهر الاخيرة ووقعت بعض منها صفقات وعقود مع النظام الإيراني رغم كل هذه التحركات والمحاولات فلم يكن مردودها ذات تاثير على الوضع الاقتصادي بل انه زاد سوءًا حتى بالمقارنة مع المرحلة التي سبقت الاتفاق النووي.