اعتبر مراقبون عسكريون في إسرائيل، أن البيان الذي صدر عن حركة “الصابرين” الشيعية، التي تعد ذراعا إيرانية جديدة في قطاع غزة، الجمعة، والذي أعلنت فيه مسؤوليتها عن تفجير عبوة ناسفة بدورية عسكرية تابعة لقوات الاحتلال الإسرائيلي، شرقي خان يونس، جنوبي قطاع غزة، “يعني أن طهران نجحت في فتح جبهة جديدة في مواجهة إسرائيل، وأن الخطوات الإيرانية العسكرية الأولى عبر هذا الذراع بدأت بالفعل، محملين المسؤولية لحركة حماس، التي قالت سابقا إنها حظرت أنشطة تلك الحركة.
وأعلنت حركة “الصابرين” الشيعية الجمعة، أنها فجرت عبوة، بدورية عسكرية إسرائيلية حاولت الاقتراب من السياج الأمني، بالقرب من خط المواجهة شرقي خان يونس، لافتة إلى أن الانفجار تسبب في إصابة الدورية بشكل مباشر، ومقتل أحد أفرادها وإصابة آخر إصابة بالغة.
جبهة إيرانية جديدة
ويقول المراقبون إن حركة “الصابرين” تتلقى تمويلات إيرانية كبرى، وتحظى أنشطتها في القطاع برعاية حركة “حماس” ضمن محاولات الأخيرة الحفاظ على علاقات التقارب مع طهران، معتبرين أن النظر إلى تزايد نفوذ تلك الحركة الشيعية بالنسبة لإسرائيل، لن يكون بمعزل عن كونها تعمل في ظل حكم القطاع بواسطة “حماس”، وتغاضيها عن تحولها إلى جبهة إيرانية جديدة على حدود إسرائيل الجنوبية.
وكانت حركة “الصابرين” قد أعلنت مسؤوليتها عن عمليات أخرى استهدفت قوات الاحتلال الإسرائيلي، منها عمليات إطلاق نار باتجاه دورية عسكرية، لكن جيش الاحتلال ينظر إلى تفجير العبوة الناسفة على أنه الخطوة العسكرية الإيرانية الأولى التي تنطلق من القطاع.
المذهب الشيعي
وتعمل الحركة الشيعية في قطاع غزة، بتصريح من داخلية “حماس”، وتتخذ من شعار “حزب الله” اللبناني شعارا لها، مع إضفاء بعض التعديلات، وكان اسمها قد تردد بقوة منذ مايو الماضي، كحركة تسعى لنشر المذهب الشيعي، عبر أنشطة دعوية وخيرية، مدعومة بأنشطة اجتماعية بين مواطني القطاع، الذين يعتنقون في المجمل المذهب السُني.
وتقدر بعض المصادر أن “الصابرين” هي النسخة الإيرانية لـ”حزب الله” في لبنان، وجماعة “أنصار الله” الحوثية في اليمن، وأن حكومة حماس تتغاضى عن أنشطتها التي تحولت من السر إلى العلن، مقابل الدعم المالي الإيراني.
وتعمل الحركة منذ شهور على إرساء بنية أساسية شيعية مُسلحة في قطاع غزة، بنفس أسلوب تأسيس مليشيات حزب الله في لبنان، مطلع ثمانينيات القرن الماضي، وبنفس الذرائع وهي مقاومة المحتل الصهيوني، وتقدم نفسها على أنها “تستهدف أداء الواجب الشرعي بالجهاد في سبيل الله، والدفاع عن الأمة وتاريخها، وحاضرها ومستقبلها ومقدساتها، ضد أعدائها، وفي مقدمهم العدو الصهيوني المغتصب لأرضها المباركة، والعمل على نشر تعاليم الإسلام الصحيحة، وتحفيز حالة الصمود والثبات لدى الأمة الإسلامية”، حسب ما يرد في موقعها الإلكتروني.
احتكاك مع السلفيين
وتتهم جمعيات سلفية في غزة حكومة حماس بممارسة التضييق على الجهاديين السلفيين بالقطاع، وشن حملات إعلامية ضدهم عبر المساجد، في وقت ينشط فيه أتباع التيار الشيعي وحركة “الصابرين” في قطاع غزة.
وتشير بعض المصادر إلى أن تيارات سلفية كانت قد بدأت خطوات لمواجهة المد الشيعي في القطاع، ووجهت تهديدات لـ”هشام سالم”، الأمين العام لحركة “الصابرين” وأحد قيادات حركة “الجهاد الإسلامي” سابقا، والذي أعلن تشيعه قبل سنوات، وأن “حماس” تصدت لتلك التيارات، ما تسبب في توتر بين الجانبين.
ومع ذلك، كانت تقارير قد تحدثت في تموز/ يوليو الماضي عن قرار اتخذته حكومة “حماس” بحل الحركة وحظر أنشطتها، بعد ضغوط من تلك التيارات، التي ترى أن “الصابرين” هي بوابة نشر التشيع في قطاع غزة. لكن الأمين العام للحركة الشيعية نفى هذه الأنباء.