كشفت أوراق قضية محالة من محكمة النقض في أبوظبي إلى محكمة الاستئناف لنظرها بهيئة مغايرة، عن إقدام شابين يحملان جنسية دولة آسيوية على تكبيل فتاة من جنسيتهما، وضربها بعبوة عصير زجاجية على رأسها، وخنقها، ما أدى إلى موتها، ثم سرقاها، وفرا من موقع الجريمة، وفقاً للنيابة العامة في أبوظبي.
وبحسب أوراق القضية، فقد ارتكب الجانيان الزنا مع المجني عليها، قبل أن تقضي نتيجة كتم نفسها وخنقها، وفقاً لتقرير الطب الشرعي، حيث أسلمت جسدها لهما، فعاشراها معاشرة الأزواج دون رابطة شرعية بينهم.
وكانت النيابة العامة أسندت إلى المتهمين تهمة قتل المجني عليها عمداً، بأن اجتمعا عليها، وشلا حركتها عن طريق تكبيلها من يديها وقدميها، واعتدى عليها أحدهما بزجاجة عصير موجهاً ضربات عدة إلى رأسها، وخنقاها بالضغط على رقبتها ووضع رباط ضاغط على أنفها وفمها، بقصد قتلها، مضيفة أنه نجم عن ذلك وفاتها.
وقضت محكمة أبوظبي الابتدائية بإدانة المتهمين في ما أسند إليهما من قتل عمد وسرقة، وقررت معاقبتهما عن ذلك بحبس كل منهما ثلاث سنوات من تاريخ صدور الحكم، لتنازل ولي دم المجني عليها، مع إلزامهما بالتضامن بأن يسددا لذويها 100 ألف درهم على وجه الدية. وقضت بحبس كل منهما سنة عن جريمة الزنا التعزيرية، وبالزامهما بالرسوم المستحقة، مع الأمر بإبعادهما معاً خارج الدولة.
وقد استأنف المحكوم عليهما الحكم، فقضت محكمة استئناف أبوظبي بقبول الاستئنافين شكلاً وفي الموضوع، وتأييد الحكم المستأنف.
ولما لم يلق الحكم قبولاً من المتهمين، طعنا فيه أمام محكمة النقض، حيث أودعت صحيفة الطعن المحامية المنتدبة فائزة موسى عن المتهم الأول، وأودع المحامي المنتدب علي خضر العبادي صحيفة الطعن عن المتهم الثاني وطلبا في آخرها طعن الحكم وإعادة الدعوى إلى المحكمة مصدر الحكم لنظرها بهيئة مغايرة.
وبينت محكمة النقض في حكمها أنه لما كان من المقرر عملا بالمادتين 222 و246 من قانون الإجراءات الجزائية الاتحادي، أن لمحكمة النقض أن تتصدى من تلقاء نفسها للأسباب المتعلقة بالنظام العام، ومنها المسائل المتصلة بإجراءات التقاضي، وإصدار الأحكام متى تعلقت بالحكم المطعون فيه، وتوافرت عناصر الفصل فيها، وكان من المقرر عملاً بالمادة 1/4 من قانون الإجراءات الجزائية، أن كل متهم في جناية معاقب عليها بالإعدام أو السجن المؤبد يجب أن يكون له محامٍ للدفاع عنه في مرحلة المحاكمة، فإذا لم يوكل المتهم محامياً ندبت له المحكمة محامياً تتحمل الدولة مقابلاً لجهده، فإذا حوكم المتهم دون محامٍ بجانبه كانت إجراءات المحاكمة باطلة بطلاناً متعلقاً بالنظام العام، والعبرة في تحديد العقوبة الموجبة لحضور محام بجانب المتهم للدفاع عنه في مرحلة المحاكمة هي بما تنص عليه مواد الإحالة لا بما تحكم به المحكمة.
وكانت النيابة العامة قد أحالت الطاعنين الى محكمة الجنايات لارتكابهما جناية القتل العمد المعاقب عليها بالإعدام، وكان الثابت من محاضر الجلسات المنعقدة أمام محكمة الاستئناف أن محاكمة الطاعنين تمت من دون حضور محامٍ يتولى الدفاع عنهما، ما يبطل الإجراءات بسبب مخالفة قاعدة جوهرية من النظام العام.
كما أن المقرر عملاً بالمادة 210/1 من قانون الإجراءات الجزائية الاتحادي، أن يصدر الحكم في جلسة علنية، ولو نظرت الدعوى في جلسة سرية. ومحضر الجلسة هو الدليل على صدور الحكم علناً من عدمه، فإذا لم يذكر ذلك في محضر جلسة النطق بالحكم كان باطلاً.
ولما كان حكم محكمة الدرجة الأولى المؤيد بالحكم المطعون فيه قد خلا من أي بيان بشأن صدوره في جلسة علنية، كما خلا محضر جلسة النطق بالحكم المنعقدة من الإشارة الى أن تلاوة الحكم تمت في جلسة علنية، ما يترتب عليه بطلان حكم محكمة الدرجة الأولى وبطلان الحكم المطعون فيه القاضي بتأييد الحكم المستأنف بطلاناً متعلقاً بالنظام العام لأن ما بني على باطل فهو باطل، وهو ما يوجب نقض الحكم المطعون فيه، والإحالة دون حاجة لبحث أوجه الطعن.
وبناء على ما جاء من بينات في الدعوى، حكمت محكمة النقض في أبوظبي بنقض الحكم المطعون فيه في القضية، وقضت بإحالة الدعوى الى محكمة الاستئناف لنظرها بهيئة مغايرة.