قرر الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة العودة إلى تحديد الفترة الرئاسية بولاية مدتها 5 سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة فقط بحيث “لا يمكن لأي تعديل دستوري أن يمس بمسألة إعادة انتخاب رئيس الجمهورية مرة واحدة فقط”، مثلما أعلن عنه وزير الدولة مدير ديوان الرئاسة أحمد أويحي في مؤتمر صحافي صباح اليوم الثلاثاء.
واللافت أن دستور الرئيس المستقيل اليمين زروال لعام 1996 كان ينص على هذه المادة، لكن عبد العزيز بوتفليقة الذي جاء إلى الحكم في انتخابات أبريل/نيسان 1999، هو من”حرّر” الفترة الرئاسية بموجب تعديل جزئي أجراه سنة 2008 ليتمكن من الترشح لولاية ثالثة عامًا بعد ذلك، ثم خاض ولاية رابعة في ربيع 2014.
وأطلقت أحزاب الموالاة وقتذاك حملة شرسة ضد معارضي فتح الفترة الرئاسية بمبرر أن التحديد فعل يعارض الديمقراطية وبينهم لويزة حنون رئيسة حزب العمال التروتسكي التي اتهمت كل ما عارض إعادة ترشح بوتفليقة لولاية ثالثة ثم رابعة، بالخيانة قبل أن تتحول في الفترة الأخيرة إلى معسكر المعارضة التي تشكك أصلاً في قدرة الرئيس الحالي على ممارسة صلاحياته الدستورية وتسيير دفة الحكم.
وقال رئيس حزب حركة مجتمع السلم المعارض عبد الرزاق مقري في بيان أعقب اجتماع مكتبه التنفيذي اليوم، إنه تبين “أن الوقت المطول الذي استغرقه إعداد هذا المشروع والهالة الكبيرة التي حاول البعض إحاطته بها والوعود العريضة التي أعلنت بخصوص توجيهاته الإصلاحية أن ذلك كله كان مجرد وهم وإلهاء للساحة السياسية، حيث اتضح بأنه دستور غير توافقي وغير إصلاحي ولا يعبر إلا عن توجهات رئيس الجمهورية ومن حوله ولا علاقة له على الإطلاق بما اقترحته الطبقة السياسية”.
وأضاف بيان الحزب الإسلامي المعارض الذي وصلت شبكة إرم الإخبارية نسخة منه، أن مضمون التعديلات الدستورية تؤشر على “استمرار طبيعة النظام السياسي الهجين الذي لا يشبه أي نظام دستوري في العالم، والذي يجعل رئيس الجمهورية يحكم ولا يتحمل المسؤولية، ويلغي كلية معنى الديمقراطية ومغزى الانتخابات، حيث لا يسمح للأغلبية البرلمانية بتشكيل الحكومة بمقتضى هذا المشروع”.
وتابع المصدر ذاته، أن المشكلة السياسية في الجزائر “لم تكن يوما في النصوص الدستورية ولكن في فساد النظام السياسي وعدم احترام وتطبيق القوانين والتعامل بالمعايير المزدوجة بين المواطنين”.
وذكر المحلل السياسي الجزائري الدكتور يوسف بن يزة لشبكة إرم الإخبارية أن إقدام الرئاسة على إبلاغ الرأي العام بمضمون التعديلات عبر وسائل الإعلام، يعني أنها وجدت “صيغة بديلة للاستفتاء ولكن في اتجاه واحد أي إعلام الشعب بمحتوى الدستور الجديد دون انتظار رأيهم، واعتقادي أن الدستور سيمرر عبر البرلمان”.
وتطالب فصائل سياسية عديدة السلطة بعرض الدستور على الاستفتاء ليقول الشعب كلمته فيه، بينما يلحظ متتبعون أن سرايا الحكم مترددة في تقديم المراجعة الدستورية إلى الشعب الجزائري “الذي قد يرفض الدستور جملة وتفصيلاً”.
ويقول مراقبون إن السلوك الاتصالي الذي بدر من رئاسة الجمهورية قد ترمي السلطة الحاكمة من خلاله إلى معرفة اتجاهات الرأي العام عبر وسائل الإعلام ودراسة الخيارات الممكنة قبل اتخاذ قرار التعديل الدستوري.