يحقق الشاب المصري “مصطفى حمدان” البالغ من العمر 25 عاما، دخلا سنويا يقدر بحوالي 2 مليون دولار، من تحويل النفايات إلى ذهب، لكن نجاحه هذا لم يأت بسهولة ومن دون عراقيل.
فقد أسس حمدان شركة “ريسيكلوبيكيا” المصرية، إحدى أولى شركات إعادة تدوير النفايات الإلكترونية في الشرق الأوسط.
وأنشأ هذا الشاب شركته لـ 5 سنوات خلت في مرآب منزل والديه في مدينة طنطا، التي تبعد 90 كيلومترا شمالي العاصمة القاهرة، فيما كان يدرس في كلية الهندسة هناك، واشترك مع 19 طالبا من الجامعة في مسابقة للأعمال الحرة كانت تحمل اسم “إنجاز”، وبلغت قيمة جائزتها 10 آلاف دولار.
فكر حمدان بعد انتهاء المسابقة في مسألة تأسيس شركته الخاصة، عندما جاءته الفكرة من التلفزيون، حيث يقول مصطفى: “كنت أشاهد فيلما وثائقيا عن إعادة تدوير النفايات الإلكترونية، وأدركت أن هناك كثيرا من الإمكانات في استخلاص المعادن من اللوحات الرئيسية لأجهزة الكمبيوتر (موذر بورد)، مثل الذهب والفضة والنحاس والبلاتينيوم”.
ويقول حمدان: “كانت تلك صناعة مزدهرة في أوروبا والولايات المتحدة، لكن، لم يكن يزاولها أحد في الشرق الأوسط.”
ولحظة تبلور فكرة شركة “ريسيكلوبيكيا” في رأسه، اقتبس حمدان اسم الشركة بإيحاء من كلمة “روبا بيكيا”، وتعني “الأشياء القديمة”، والتي عادة ما تُسمع في شوارع القاهرة عندما ينادي بها مشترو الأشياء القديمة لشراء الأدوات المنزلية المهملة.
واليوم، يعمل في شركة حمدان 20 شخصا في 4 مخازن، ويبيع رجل الأعمال الشاب نفايات إلكترونية بقيمة 2.4 ملايين دولار سنويا.
وعلى مدار أعوام، استطاع حمدان التغلب على الكثير من العراقيل، من بينها عدم قدرته على الإيفاء بتوفير الطلبيات، والتوسع الزائد، وتداعيات الاضطرابات السياسية والاجتماعية في مصر منذ اندلاع ثورات الربيع العربي.
وشرع حمدان في نشاطه عام 2011، وقت اندلاع موجات الربيع العربي، وبدأ ذلك بالترويج لتجارته بنشر إعلان في قسم الشركات بموقع التجارة الإلكترونية الشهير علي بابا، وجاءته أول طلبية بيع عبر ريسيكلوبيكيا عندما طلب مشتر في هونغ كونغ 10 أطنان من نفايات الأقراص الصلبة “هارد ديسك”، ويقول حمدان: “في ذلك الوقت، لم أكن أعلم حتى من أين سأجمع مثل هذه الكمية”.
ولإيجاد هذا الكم من النفايات، انتقل حمدان إلى القاهرة، حيث يعيش 17 مليون شخص يخلفون 15 طنا من القمامة يوميا.
وكي يفي حمدان بأولى طلبيات شركته المطلوب إرسالها إلى هونغ كونغ، أدرك أنه بحاجة إلى جمع 15 ألف دولار، وكان هذا قبل فوزه بجائزة مسابقة إنجاز، وبدلا من انتظار قيمة الجائزة، نجح حمدان في إقناع أستاذ جامعي بإقراضه المال مقابل 40% من أرباح صفقته الأولى، وذلك لتأمين المال الضروري، وبعد أشهر تمت أولى شحنات الصفقة بنجاح.
بعدها ساعده الفوز بجائزة مسابقة الأعمال الحرة في تأمين الاستثمار لتوسيع الشركة، والحصول على 120 ألف دولار من مستثمرين شهيرين بالقطاع الخاص المصري هما خالد إسماعيل وحسين الشيخ، وهما يشغلان الآن مقعدين في مجلس إدارة الشركة.
بعد ذلك أدرك حمدان أن ريسيكلوبيكيا يمكن أن تجني أموالا أكثر إذا توقفت عن القيام بدور الوسيط واضطلعت بدلا من ذلك بكل أعمال التفكيك بنفسها، وهو ما يمكنها من تلقي أسعار أفضل للنفايات التي جرى فصلها وفرزها.
ولذلك، سافر إلى هونغ كونغ لدراسة نشاط شركات إعادة تدوير النفايات في المنطقة الصينية، وأنهى صفقة في هونغ هونغ، ووقَع عقدا مع شركة تفكيك ألمانية، وأدى هذا كذلك إلى تخفيض تكاليف الشحن لدى ريسيكلوبيكيا.
وبحلول عام 2013، اقتربت ريسيكلوبيكيا من إبرام صفقة استثمار مع شركة ألمانية، لكن بعد شهر تبددت الأمال عندما أطاحت الاضطرابات السياسية في البلاد بمعظم الاستثمارات التي حققتها الشركة.
ويقول حمدان عن هذا الأمر: “بنهاية 2013، فقدنا معظم استثماراتنا التي حققناها”.
ودفعت الاضطرابات السياسية إلى جانب التقلبات في أسعار الذهب الشركة إلى حافة الانهيار، لكن رائد الأعمال الشاب تجاوز العاصفة خلال العامين الماضيين بالبحث عن شركاء بدلاء في أنحاء المحيط الأطلسي، إذ عرضت شركة “ديناميك ريسيكلينغ” ومقرها ولاية ويسكونسن بنودا أفضل للتعامل معه.
ويعكف حمدان في الوقت الحالي على التخطيط لتوسيع رقعة شركته في أنحاء الشرق الأوسط، كما عقد شراكة مع موقع جوميا للتسوق الإلكتروني.