الانتماء الوطنى

كما لكل زهرة في الحياة بستانها الخاص الذي تنتمي إليهِ وتحسُ فيها بالأمان، كذلك لكل إنسان انتماء خاص لأرض ما مُرتبط بها روحيًا وفكريًا ولكن قد لا يشعر فيها بالأمان … كيف!
أنت غصن من هذه الشجرة، تنتمي إلى هذه العائلة وتُلقب بها، أنك أيضًا وجدت في أرض تنتمي إليها وتتسمىّ باسمها ويُكتب اسمها في أوراقك أينما حللت وتُعرف بها، فالانتماء شعور غريزي ولدت وتربيت عليه، ومثلما تعرف بأنك تنتمي إلى هذه العائلة فكذلك يكون انتمائك لأرضك وتربتك التي جبلت منها وارتبطت بها ارتباط أبدي روحي ومُقدس. لكن في ظل ما تمطرهُ سحب السماء المُتشكلة من كل مما على تلك الأرض ذاتها، قد يُضعف هذا الشعور ويخنقه ويجعلهُ يضمحل ويتلاشىّ ويصبح غريبًا عن ديارهِ ويذهب بعيدًا في الأصقاع حيث ضياع الهوية واندثار اللغة وضعف الولاء وعدم الإرساء على أعتاب وطنًا! نعم ننتمي لإرضًا ولكن فيها قد لا نشعر بالأمان والاطمئنان، مما يحملنا على القلق والخوف والحيرة والتشتت من القادم المجهول واهتزاز الأرض من تحت أقدامنا وعدم المقدرة على ترسيخ الثبوت! من مِنَ البشر لا يتمنى أن يكون في أرضهِ راسخ كما هو كل شيءٍ راسخ؟! ولكن هذا الرسوخ يأتي من يقلعهُ من جذورهِ ويرميه بعيدًا في تربة أخرى ليثبت فيها وينمو ويكبر، لكن بشعور اللانتماء وإن كان مُنتميًا! بمعنى قد يرتبط بتلك الأرض ولكن ولا يمكن أن تكون في يوم من الأيام لهُ، كونها احتوته فقط ولم تولدهُ والفرق كبير بين أن تكون صاحب أرض وأن تكون ضيفًا ولاجئًا، أن تكون فرعًا بدل أن تكون الأصل! اليوم هذا الضعف بالانتماء واضح كثيرًا وأصبح يُتعب ويُرهق ولكن ليس الجميع، هنالك من لا يزال مُنتمي وهناك من يُريد أن يقتل هذا الانتماء بأي شكل من الأشكال، أنها دائرة المصالح والبقاء للأقوى التي تدور دورتها لتُحيط بالكل وإن كان رافضًا! وهذا ليس غريبًا في بلدٍ ظهرت به فئة باعت وطنها من اجل البحث عن مصالحها حتى لو كان هذا من عدو غادر او ارهابى خسيس
ولهذا نجد كثير من شباب اليوم يُعاني من مشكلة ضعف الشعور بالانتماء، وهذا الضعف بالشعور تولد من السلبية لكل ما هو قائم والانقياد الأعمىّ، ومن اللامبالاة بالحياة وبالكيان الواحد ومن عدم تحمل المسؤولية! أصبح مصير وجود شعبًا اليوم في بلد مثلنا متوقف تمامًا على عودة النخبة الضالة لرشدها
الانتماء هو إحساسك وشعورك ووجدانك، هو التأثر الإيجابي بمختلف الأحداث والمتغيرات التي ترافق بلد مُنهك وليس العكس، أن تكون منتمي بمعنى أن تعرف كيف ترفع من شأن بلد وكيف توحد الكلمة وكيف تقوي التوجه وكيف تغرز وتعزز هذا الشعور في الآخر؟ خدمة الأوطان لا تكون بالكلام والتنافس بل هي بالوعي وتقوية وتعزيز الموقف وتأهيل كيان من أجل النهوض، هكذا تُبنىّ الأوطان وهكذا يكون الانتماء بالبذل من الأعماق…. ويبقى أن نقول:
= ــ أن الأرض هي الأم الحقيقية، أم الكل، هي من نعمنا بخيراتها وهي من رأتنا منابع الحنان والجمال الحقيقي، وهي أول من تحملنا الذكريات إليها.
= ـ يبقى الحبَّ والإخلاص والدفاع والاعتزاز والولاء غريزة ولدت في الإنسان للحفاظ على بيتهِ ووطنهِ حتى وإن كان بعيدًا عنها بُعد قارة عن أخرى.
=ــ يبقى هذا الشعور وهذه الغريزة تجري في عروق كل غيور مُقيد بحبَّ وطنًا وتجعلهُ ساعة الساعة كالأسد المُتربص لفريستهِ لينقض عليها.
=ـــ يبقى الوطن والأرض تلك الزهرة الجميلة المستلقية على سفح جبل، ويبقى الإنسان كالنحلة التي تمتص الرحيق منها، لا استغناء لهُ عنها ولا نهوض لها ألا به.
=ــ يبقى اسم مصر لا يتغنى به من دون ان تكون بحق مصريا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *