من الصعب على اى رمز من النخبة التى تدعى الوطنية والثورية أن يثبت أن موقفه تجاه أي قضية في بلده موقف “مبدئي” أي يقوم على الإيمان بالمبدأ وليس على اى شىء اخر, ومن السهل جدا ان يقال له انه لو أصاب شيئا من الغنيمة لتغير موقفه وربما انقلب رأسا على عقب, وحده الموقف من العقيدة لدى البعض وليس الكل يمكن ان يكون استثناء. تاريخنا معهم هو تاريخ” الغنيمة بامتياز, وتاريخ ولاءات بدرجة مماثلة. لذلك يضرب المثل بالمعارضة المصرية وجميعهم منذ وجودهم الشيطانى على الساحة فى عصر كل العهود والتاريخ والمواقف مسجل لكل منهم لحظة بلحظة فى عهد عبدالناصر ثم عهد السادات ثم عهد مبارك ثم عهد المجلس العسكرى ثم عهد مرسى ثم عهدعدلى منصور ثم عهد السياسى وهم نفس الوجوه تنقلوا من موقف لموقف ومن تنظيم سرى لتنظيم ومن منبر لمنبر ثم من حزب لحزب ثم من حركة لحركة بل تغيرت المواقف السياسية والفكرية ومن شعار لشعار تجاه كافة القضايا تجاه امريكا وتجاه العرب وكل قضية على حده واجادوا لعبة الكراسى الموسيقية وارتداء الاقنعة وجمعوا تجاه كل نظام مابين الولاء والرفض ومابين اقصى اليمين لااقصى اليساروارتدوا قميص نظام وخلعوا قمصان اخريين بل حتى الان يمارسون نفس الاسلوب هذا حال النخبة الضالة وعندما يأت الحديث عن الظرف والانتهازية لا عن الأجندة والمبدأ. الموالاة والمعارضة في وطننا كما اشرت لعبة كراسي موسيقية، كل فقرة تنتهي يتغير فيها الكرسي وصاحبه من موقع الى اخر. لذلك كثير مما يثار فى الصحف والمجلات وكثير مما يكتب لا يخرج تقييمه عن ذلك, لو أصابه شيء لانتقل إلى الضفة الأخرى لا يستطيع حتى الصادق إثبات غير ذلك لأنه لم يتعرض للاختبار بعد. قل لى كم وزير رفض الوزاره والمنصب رغم انتقاده للسياسات وتوجهها, فقط عندمارفض احد سعى للفوز بكرسى البرلمان ومنهم من قبل التعيين او الانضمام لمجلس قومى مما يعنى غنيمة اكبر. الموقف المبدئي يحتاج إلى بنية تحتية مختلفة تماما غير متوفرة عندنا ما يفعله المعارض المصرى رغم انه شكلى هو أداءه للدور لا أكثر، ومهما كانت درجة تقمصه لهذا الدور يظل الخروج منه سهلا وميسرا. انه صاحب مبدأ من السلطة حتى تلوح له او تغريه الغنيمة التي يقوم عليها عقله السياسي كما ذكر الجابرى رحمه الله. المبدأ من السلطة ليس بالضرورة المبدأ من الحياة. تاريخنا شاهد على اعتذاريات مثقفينا وتراجعهم وانخراطهم وعودتهم وتنكرهم لما قاموا به والعود احمد وحتى لو لم يتغير السبب أو يزول ولكن ظروفهم تغيرت اما سلبا وأحيانا كثيرة إيجابا.
لذلك لا تعبأ العقلية لهؤلاء وحتى ونحن في عصر ثورة الاتصالات وسرعة وسائل النقل بما يكتب وتعبأ به الصحف والمنتديات, لأنها تدرك حسب تجربتها التاريخية الطويلة التي عاشتها أو قرأتها تاريخا إن القضية قضية نصيب من الغنيمة لم يتحصل بعد, ولا تكترث السلطة كذلك به لأنها تملك الجزرة وتستعملها حين ومتى تشاء. ربما هناك استثناءات عبر التاريخ بسيطة جدا لا تكاد تذكر في ثنائية الفرد والسلطة بالذات. لست ممن يؤمن بالحتميات ولكن الخروج منها يتطلب حفرا تاريخيا وخروجا عن المرجعية التاريخية التي تؤبدها. هل يعذر احد من هؤلاء عندما يكون موقفه زئبقى حسب ترائى الغنيمة له؟ الم يكن متماشيا مع تاريخه الذى يقرأه ماضيا ويعيشه ويصنعه معهم حاضرا؟ وهل يلام من ينتقد مثقفى هذا العصر بأنهم وقتيون وحسب مصالحهم؟ جميعنا ينتقد من اجل الصالح العام الكل يقول ذلك ولكن ماذا اذا انتفى تقابل الصالح العام مع الصالح الخاص, او ماذا لو ضحكت لك السلطة يوما هل تقوى على مقاومة اسنانها الذهبية أم انك خارج التاريخ هذا هو السؤال؟-
تلك حقيقة ليست من افكارى بل من التسلسل التاريخى لكل شخصية منهم والتاريخ موثق والتاريخ لايكذب والتاريخ لاينسى – واننى ساتناول تاريخ كل منهم ومواقفه بل تغيرت افكاره ومبادئه من كان فى اقصى اليمين الان فى اقصى اليسار ومن كان فى اقصى اليسار اصبح فى اقصى اليمين ومنهم من انقسم عن حزبه واضعفه واسس حزب منافس ومنهم من كان فى حركة كفاية ثم انتقل للجمعية الوطنية ثم ذهب لجبهة الانقاذ ومنهم من كان فى الاتحاد الاشتراكى ثم اسس حزب سرى انشق عنه وذهب لحزب سرى اخر رغم ان ده وده ماركسى وشيوعى ثم انضموا لحزب علنى برضه شيوعى واستمر ايضا فى حزبه السرى ثم على صراع المواقع القيادية استقالو او انقسموا من الحزب العلنى وكان حزب قوى وفعال وناضل ودفع الثمن ايام السادات وفجأة انشطر بسبب الغنيمة واسسوا حزب على نفس الارضية واصبح الجديد والقديم احزاب هزيلة لاتأثير لها نفس اسلوب الناصريين كل واحد عمل دكان وسبوبة فاصبحوا متشرذمين واكشاك هى دى الحكاية من البداية للنهاية والاغرب والاعجب والمخزى ان بعضهم حصل على غنيمة الملايين والتمويل فى المجلس القومى لحقوق الانسان والمجلس الاعلى للصحافة ويتحدثوا عن الاعتقال والتعذيب وتكميم الافواه والشمولية والرقابة على الصحافة رغم انهم كانوا جميعا ناصريين وفى الاتحاد الاشتراكى بل فى التنظيم الطليعى السرى واغلبهم كتب تقارير فى زملائه وفصلوا القضاة والصحفيين فى عهدهم ولازال التاريخ يذكرذلك للعهد الناصرى رغم ان عبدالناصر كان وطنيا عظيما حقق طرد الاستعمار وامم الصناعة للشعب واقام العدالة للعمال والفلاحين ولم يفتح احد منهم فمه والان اصبحوا دعاة لحقوق الانسان هى تلك النخبة الزائفة التى تتاجر اليوم بل يطالبون باسقاط العسكر وهم اساسا عسكر عبدالناصر– هكذا تحولوا من حال لحال فهل يمكن ان نثق فى وطنية هؤلاء ومن ينكر نفتح الصفحه من الاول ( اذا بليتم فاسسروا )ولو واحذ رشح نفسه فى اسرته لن يحصل على اى صوت — ان لم تستحى فقل انك ناشط وثورى ومناضل من منازلهم …. التاريخ لايمحى ولايتغيرياسادة