أصبح احتمال انهيار سد الموصل بالعراق في الآونة الاخيرة الشغل الشاغل لمراكز الدراسات والبحوث ووسائل الاعلام والاوساط السياسية والشعبية المحلية والدولية.
ويخشى ان يؤدي انهيار السد في حدوث كارثة إنسانية لا يحمد عقباها في أكبر مدينتين عراقيتين هما الموصل وبغداد والمناطق الأخرى الواقعة بينهما.
وتشير مراكز البحوث الامريكية المتخصصة في مجال السدود والجسور بأحدث دراسات لها أن سد الموصل الذي يبعد حوالي/ 50 كم شمال مدينة الموصل/ يعاني من مشاكل عدة لاسيما في قاعدته التي شيدت على أرض رخوة غير متماسكة وأن أعمال الحقن بمادة الاسمنت الخاص التي تقوم بها جهات عراقية مختصة غير ناجعة لحمايته بشكل نهائي وتلافي المشاكل التي يواجهها ما يعني ان استمرار اهماله سيتسبب بقرب انهياره.
ويقع سد الموصل شمال مدينة الموصل في محافظة نينوى على مجرى نهر دجلة وبني عام 1983و يبلغ طوله 2ر3 كيلومتر وارتفاعه 131 مترا وهو يعتبر أكبر سد في العراق ورابع أكبر سد في الشرق الأوسط وهو سد املائي ركامي ذو لب طيني وسطي , تمكن تنظيم الدولة الاسلامية (داعش) من السيطرة عليه بعد احداث حزيران/يونيو عام 2014 الا انه سرعان ما فقد السيطرة عليه بعد عملية عسكرية نفذها التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة اذ وصفت تلك العملية من قبل خبراء عسكريين بانها نوعية كونها لم تتسبب باي ضرر لبنى السد التحتية واقتصرت على تحريره فقط وإعادته الى أحضان الدولة العراقية.
وقال مدير سد الموصل رياض عز الدين إنه يستبعد انهيار السد في الوقت الحاضر والتسبب بكارثة إنسانية الا انه لم ينفِ وجود مخاطر جمة يعاني السد منها وفي مقدمتها ظهور تشققات كبيرة في منطقة الجسم والتي تحدث نتيجة لزيادة كميات المياه المخزونة فيه وعدم وجود طرق مناسبة لتصريفها في الوقت الملائم.
وأضاف عز الدين أن “على الحكومة المركزية ووزارة الموارد المائية التعامل الجاد مع التحذيرات التي أطلقتها مراكز البحوث والدراسات الامريكية المتعلقة بسد الموصل كون الكثير من خبراء السدود الامريكيين قد زاروا السد بعد تحريره من سيطرة تنظيم داعش واطلعوا على حالته واعدوا تقارير عن اوضاعه”.
وقال عز الدين” اننا نحاول من خلال القيام بإعمال التحشية(الحقن) بالإسمنت والصيانة لجسم السد وعلى نحو مستمر الحفاظ على وضعه الجيولوجي وإبقائه بحالة جيدة” ، لافتا في الوقت ذاته الى أنه جرى إبلاغ الحكومتين المحلية والمركزية ووزارة الموارد المائية بحالة السد والمخاطر التي تحيط به ولغاية الان لم نتلق ردا”.
وفي حال انهار سد الموصل فانه سيطلق أربعة مليارات متر مكعب من المياه دفعة واحدة، الأمر الذي سيؤدي إلى مقتل الآلاف في غضون ساعتين من الزمن وستكون بمثابة كارثة العصر في القرن الحادي والعشرين.
مسؤولون سياسيون عراقيون قالوا ان “اثارة ازمة سد الموصل في هذا الوقت بالتحديد تقف وراءها اجندات مشبوهة ومافيات وشركات فاسدة محلية ودولية تسعى للفوز بفرصة استثمار فيه بعد علمها بان الحكومة المركزية رصدت 300 مليار دينار عراقي250/مليون دولار/ لإعادة تأهيله ضمن المواصفات العالمية”.
وأوضحوا أن “هذه الاجندات المشبوهة والشركات الفاسدة بدأت تثير الإشاعات بشأن قرب انهيار السد والتسبب بكارثة من أجل تأجيج الرأي العام ضد الحكومة والدفع بها لمنح امتياز إعادة تأهيله اليها”.
من جانبهم وصف مواطنون موصليون موقف الحكومة العراقية تجاه السد بالضعيف حيث قال خالد الحديدي وهو مهندس يعمل في بلدية الموصل إن” الحكومة لا تفصح عما يجري حول السد عدا قولها انها اتفقت مؤخرا مع شركة ايطالية من اجل اعادة اعمار السد والقضاء على الكارثة التي لاسمح الله قد تكون سونامي ثانية في العراق”.
ويرى المسؤولون أن هدف هذه الشركات يجب الا يمنع الحكومة ووزارة الموارد المائية من الإسراع بإعادة تأهيل سد الموصل وتحسين أوضاعه وابعاد المخاطر عنه ولكن من خلال منح امتياز تأهيله الى شركات عالمية لها باع في مجال تأهيل السدود والجسور ضمن أرقى المواصفات.
كان الهدف الاساسي من انشاء سد الموصل هو درء خطر الفيضان الذي كان يهدد جميع المدن العراقية الواقعة على جانبي مجرى نهر دجلة بالإضافة الى تخزين المياه بحجم 11ر11 مليار متر مكعب وتوليد الطاقة الكهربائية بطاقة اجمالية منصوبة قدرها 1050 ميجاواط حيث تبلغ الطاقة المشيدة لمحطة السد الرئيسي (750) ميجاواط وللسد التنظيمي (60) ميجاواط ولمشروع التخزين بالضخ (240) ميجاواط هذا فضلاَ عن تطوير الثروة السمكية واستغلال البحيرات للأغراض السياحية.
من جانبه قال محافظ نينوى السابق اثيل النجيفي إن التغلب على مشكلة انهيار سد الموصل بسيط جدا ويكمن من خلال تصريف مياه السد ، مستندا بذلك على ان خطورة انهيار السد مرتبطة بعدم قدرته على إطلاق كميات من المياه تتناسب مع حجم المياه الواردة من تركيا.
وأكد النجيفي ، في دراسة عن السد ، ضرورة الاستعانة بخبرات الشركات الأجنبية لضمان تصليح وتشغيل بوابات السد وتصريف المياه المطلوب تصريفها قبل موسم الفيضان.
حقن قواعد سد الموصل هي طريقة تعود الى ثمانينيات القرن الماضي استخدمت لتقوية اسسه بشكل مستمر اذ يستخدم في اعمال التحشية اسمنت فائق النعومة يجرى انتاجه بكميات كبيرة في معمل اسمنت حمام العليل جنوب مدينة الموصل وينقل بسرعة فائقة الى موقع السد للقيام بأعمال التحشية.
وأعلنت الحكومة العراقية أنها وافقت على احالة مسألة صيانة سد الموصل إلى شركة تريفي الايطالية المتخصصة في هذا المجال.