رسالة خامنئي القصيرة بعد يومين من مسرحية الانتخابات، انعكاس لمرآة منكسرة لهزيمة النظام وتفاقم أزماته. هزيمة اريد أن تكون مخفية تحت عبارات دعائية متعددة. عباراة مثل «عزيمة راسخة و حماس وحيوية لا تنسى» و« لتشكيل مجلسين مقتدرين عظيمي الأهمية»و« الديمقراطية الدينية في وجهه المشرق المقتدر». معذلك ان الضعف السائد على كل جوانب هذه الرسالة يوضح الحقيقة بشكل جلي. فعلى سبيل المثال عندما يحذر قادة النظام من أن « الفترة الراهنة البالغة الحساسية تتطلب حساسية ووعياً وعزيمة راسخة من الجميع وخصوصاً أنتم المسؤولين». أو عندما يطعن رفسنجاني ويتهمه بـ « ترجيح المصالح الوطنية على الإرادات الشخصية و الفئوية» ويقول انه ليس أهل « الوقوف بشجاعة أمام التدخلات الأجنبية» ولا يبدي « ردود الفعل الثورية حيال مخططات الخصوم و الخونة ». كما وفي اشارة الى مزاعم روحاني بـ «الاستثمارات الخارجية» تحت عنوان «التنمية» و «التقدم» يقول: « التقدم لا يعني الذوبان في هاضمة الاستكبار العالمي».
خامنئي بطبيعة الحال يترك شهر السيف لشن حملات أكثر جهارا وليشفي غليله الى كبير جلاديه في قضاء النظام الملا آملي لاريجاني ليتهم على لسانه رفسنجاني «بالتناسق مع وسائل الاعلام الأمريكية والبريطانية» و حتى «الدواعش» و«التناغم مع الأجانب». الاتهام الذي يرادف الاعدام في نظام الولاية.
الا أن رفسنجاني وفي المقابل شهر السيف بوجه خامنئي ليقول «لا أحد يتحمل المقاومة أمام ارادة الغالبية الساحقة للشعب وكل من لايريده الشعب فعليه أن يرحل». (28 فبراير).
هذه المواجهة تبين أن في عهد ما بعد مسرحية الانتخابات، تدور رحى الصراع في قمة النظام وكل الأزمات الناتجة عنه راحت تتفاقم أكثر مما مضى. انها حالة مجتمعة بين حصيلة تبعات تجرع كأس السم ونتائج الصراع على الانتخابات حيث يخرج منها النظام والولي الفقيه أضعف وأعجز مما سبق. لماذا وكيف؟ وبالقاء نظرة الى نتائج مسرحية الانتخابات يمكن الحصول على الجواب:
1- لحد مساء الخميس 25 فبراير كان قادة النظام يتشدقون بمشاركة 75 بالمئة ولكن عمليا كانت «لا» الشارع الايراني كبيرة جدا بحيث حتى باللجوء الى دهاليز «تجميع الاراء» لمضاعفة الأصوات بمضروب كبير فلم يتمكنوا من اعلان أكثر من 62 بالمئه (بيان وزارة الداخلية 29 فبراير). هذا الواقع أن بوار سوق تهريج الانتخابات كان بدرجة حتى اضطرت وسائل الاعلام الحكومية الى الاعتراف بذلك من خلال عناوين تحذير من «الجزء الفارغ من الكأس» و«عدم حضور مالايقل عن 40 بالمئة أي حوالي 22 مليون نسمة» مؤكدين أن هذا الواقع لايمكن العبور عنه بسهولة» (جهان صنعت 28 فبراير) كما حذروا من أن «في بعض المناطق الفقيرة تضائل عدد الأصوات … لذلك على غرف التفكير في النظام والحكومة أن تدقق المسألة وتداركها». (جوان 28 فبراير).
2- مع شطب العناصر الرئيسية لخامنئي من أمثال حداد عادل والملا يزدي ومصباح وفي المقابل تصدر رفسنجاني القائمة، فقد تلقى الولي الفقيه ضربة كبيرة. ويمكن ادراك وقع هذه الضربة من خلال الشطب الكامل لقوائم زمرته في طهران سواء في مجلس الخبراء أو البرلمان. ووصفت وسائل الاعلام التابعة لخامنئي هذا الواقع تحت عنوان «اننا تلقينا هزيمة» (جهان نيوز 29 فبراير) و حتى ذهبت أبعد من ذلك ووصفتها بـ «الاطاحة» من حيث «الايديولوجية السياسية» (موقع دولت بهار الحكومي 28 فبراير).
3- معذلك وبما أن خامنئي وبشطبه المرشحين بالجملة من قبل مجلس الصيانة، قد سلب من رفسنجاني امكانية حصوله على الغالبية خاصة في مجلس الخبراء الا أن المشهدية تحولت الى اصطفاف مكثف بين زمر النظام والصراع على السلطة في مستو أعلى سوف تترتب عليه تبعات مثقلة على النظام المتجرع كأس السم.