شكل الرئيس الفلسطيني محمود عباس، اليوم الإثنين، محكمة دستورية، يقول محللون إنها تركز المزيد من السلطات في يديه، وربما تسمح له بتهميش حركة المقاومة الإسلامية “حماس”، في حال محاولتها الانفصال.
وقال مسؤولون إن المحكمة المكونة من 9 أعضاء، والتي ستكون أعلى من كافة، المحاكم الموجودة، تشكلت دون جلبة بمرسوم رئاسي، صدر يوم الثالث من أبريل/ نيسان الجاري، وستفتتح بعد أن يؤدي العضو التاسع اليمين في مراسم تقام اليوم الإثنين.
ويقول منتقدون إن المحكمة تضم العديد من القضاة من حركة فتح، التي يتزعمها عباس وتهدد بتعميق الانقسامات السياسية بين الفلسطينيين، وتقول فتح إن من حق عباس تشكيل المحكمة التي تقول إنها مستقلة عن الرئيس البالغ من العمر 81 عاماً.
وقال أسامة القواسمي المتحدث باسم حركة فتح لرويترز رداً على هذه الاتهامات: “هذا كلام عار عن الصحة تماماً، نحن نحترم القانون والرئيس صلاحياته الكاملة تعطيه الحق في تشكيل المحكمة الدستورية من اجل حماية القانون وفصل السلطات”.
وأضاف: “لذلك نحن ندعم هذا القرار بشكل واضح ولا يوجد عند الرئيس أو عند أي أحد في القيادة الفلسطينية أجندات خاصة في هذا الموضوع”.
وتابع: “المهمة الأساسية للمحكمة الدستورية هي الرقابة على دستورية القوانين، وهي هيئة مستقلة تماماً بحكم القانون، ولدينا الثقة الكاملة بهذه المحكمة، وهذا يعزز القانون ويعزز الفصل بين السلطات”.
وجاء قرار عباس في الوقت الذي تعمق فيه بالفعل الانقسام بين فتح وحماس، وبينما تثور تساؤلات عما يمكن أن يحدث إذا ما ترك الرئيس منصبه أو توفي وهو يشغله دون تحديد خلف له.
وقد يكون من سلطة عباس تشكيل المحكمة، الذي يأتي بعد 14 عاماً من صياغة مسودة القانون الأساسي الفلسطيني، وهو شكل من أشكال الدستور، لكن بعض المحللين يرون أن تشكيلها وسيلة للالتفاف على المعارضة في فترة حرجة.
وقال جرانت روملي الباحث في مؤسسة “الدفاع عن الديمقراطيات” في واشنطن: “إنه استئثار سافر بالسلطة في وقت يعلم فيه أن بإمكانه الإفلات بفعلته”.
وقال روملي لرويترز: “من وجهة نظر عباس هذه هي وسيلته لإحباط آمال “حماس”، وضمان سيطرة فتح على السلطة الفلسطينية بعد رحيله”.
عقبة في طريق منافسيه
ويرى معلقون فلسطينيون كذلك أن المحكمة، التي ستكون قراراتها ملزمة للسلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية وسيلة لتقوية سلطات الرئيس وتهميش حماس، وجميع أعضاء المحكمة إما من أعضاء فتح أو تراهم حماس وغيرها باعتبارهم متحالفين مع فتح.
وقال هاني المصري المحلل السياسي المقيم في رام الله: “كأنك تصادر كل شيء وتضع مؤسسات تحت يدك وهذا شيء خطير مزيد من وضع كل السلطات وكل الصلاحيات وكل المؤسسات بيد شخص واحد”.
وقال سامي أبو زهري المتحدث باسم حركة حماس: “معظم أعضاء المحكمة قيادات في فتح، وهذا يحولها إلى محكمة حزبية ويخالف قانون المحكمة الذي ينص على ألا يكون لأي عضو خلفية حزبية، هذه المحكمة تعطي أبو مازن فرصة لمواجهة المجلس التشريعي سواء في حال إعادة تفعيله حالياً أو إعادة انتخابه، حيث أن من حق هذه المحكمة إبطال أي قوانين سبق أن صدرت أو يمكن أن تصدر لاحقاً عن المجلس التشريعي لا تعجب محمود عباس ولذلك تشكيل هذه المحكمة بهذه الطريقة الحزبية يعني أن فتح تريد أن تضمن السيطرة على النظام السياسي الفلسطيني كله”.
وقال حسن العوري المستشار القانوني للرئيس محمود عباس إن هناك حاجة للمحكمة لأسباب منها أن الوضع القانوني للبرلمان هو محل تساؤل في غياب الانتخابات.
وتابع: “ليس عيباً إذا تصدت المحكمة الدستورية لهذه المسألة نحن نريد مرجعا قضائياً، فيما لو طرح الأمر ليس من ناحية تغييب المجلس التشريعي ولكن إن حصل بعض الإشكاليات تجد كل يتمترس في موقفه إذا لا بد من وجود جهة تقضي في هذا الأمر وأنا لا أعتقد أن هذا عيب على الإطلاق”.
لكن باحثين فلسطينيين يقولون إن المحكمة تثير مشكلات، فقال عصام عابدين المحاضر في جامعة بيرزيت: “ممكن أن تكون سلاحا مدمرا !ذا تم إساءة استخدامها”، مشيراً إلى أن الخصوم السياسيين لعباس مثل محمد دحلان المقيم في الخارج الآن أصبحوا يواجهون عقبة جديدة في مساعيهم لاتخاذ إجراءات قانونية بشأن سلطته.