لاتزال أحداث وتطورات الأوضاع في سوريا تتفاعل وتتداخل بصورة غير عادية، ولاسيما من حيث الدور الإيراني الذي ينتقل من وضع سيء إلى أسوء، ذلك أنه ومنذ بداية تدخله المباشر في عام 2011، أي مع إندلاع الثورة السورية المباركة ضد نظام بشار الأسد، فقد صمم على الدفاع عن النظام ومساعدته من أجل الوقوف بوجه إنتفاضة الشعب و قمعه بأية صورة ممکنة.
تدخل نظام ولاية الفقيه الإيراني الذي کان في بداية أمره استشاريا واشتمل على إرسال الأسلحة والمعدات ومختلف المساعدات الأخرى، لکن ومع الهزائم و الاندحارات الواسعة النطاق لقوات النظام العسکرية و الأمنية أمام زخم وقوة واردات الشعب السوري الشجاع و وصول النظام إلى مرحلة تنذر بسقوطه، فقد جاءت المرحلة الثانية لتدخل نظام ولاية الفقيه في الأوضاع السورية دفاعا عن نظام الأسد، حيث قام بإرسال فيلق القدس وميليشيات عراقية وأفغانية و باکستانية إلى جانب حزب الله اللبناني الذي دخل بکامل ثقله إلى الساحة السورية.
المرحلة الثانية من التورط الإيراني في سوريا والتي کانت مرحلة دموية ضارية وعلى الرغم من کل الثقل العسکري و التعبوي واللوجستي الضخم الذي قام بتوجيهه وترتيبه نظام ولاية الفقيه، إلا أنها لم تتمکن رغم کل ذلك من تغيير مسار الامور والأحداث لصالح النظام السوري، ذلك أن الهزائم والاندحارات واسعة النطاق بدأت تتوالى بصورة غير طبيعية، حيث أن نعوش أفراد وقادة الحرس الثوري المتواجدين في سوريا و في مقدمتهم سليماني وحسين همداني وکذلك بالنسبة لمقاتلي حزب الله و العراقيين والأفغان والباکستانيين بدأت تتقاطر بإتجاه إيران والعراق، وهو مادفع بإيران وتحت ضغط تخوفها من الهزيمة النهائية إلى إستقدام الروس من أجل تدعيم نظام الأسد و لرفع المعنويات المنهارة لجبهتها المشبوهة ضد الشعب السوري.
إستقدام الروس کان بمثابة بدء المرحلة الثالثة من التورط الإيراني في سوريا، وعلى الرغم من کل تلك الضجة الاعلامية و الحرب النفسية التي رافقتها للتأثير على معنويات الثورة السورية، إلا أنها وعلى الرغم من ضراوتها وعنفها المفرط، لم تنجح أيضا في لوي ذراع الشعب السوري، وهو ماأدى إلى خروج الروس من المواجهة بماء وجههم، وترك النظام السوري وحليفه الإيراني لکي يواجهوا الموقف لوحدهم، وذلك ما أرعب طهران ودمشق على حد سواء، ومن هنا، فإن إيران ومن أجل تدارك الموقف و الأوضاع الحرجة في سوريا، بادرت لإرسال القوات النظامية الإيرانية للمشارکة في الحرب الدائرة في سوريا، بعد أن صرح خامنئي قبل أيام بأن المعرکة في سوريا مصيرية، ويجب أن نلاحظ هنا ونأخذ بعين الاعتبار بأنها المرة الأولى التي يتم فيها إرسال قوات نظامية إيرانية منذ الحرب الإيرانية العراقية إلى خارج إيران، وهذا التطور هو بمثابة بدء المرحلة الرابعة من التورط الإيراني في سوريا و هو مايعني بأن خيارات نظام ولاية الفقيه في إيران بدأت تتضاءل و طفقت الدائرة تضيق به أکثر فأکثر خصوصا إذا ماعلمنا بأن مصير القوات النظامية الإيرانية وفي أفضل الأحوال لن يکون ولايمکن أن يکون بأفضل حال من حال الحرس الثوري والميليشيات الاخرى التي قاتلت ضد إنتفاضة الشعب السوري أي بأسلوب حرب العصابات، وليس بإمکان قوات تقليدية ووفق الاساليب الکلاسيکية أن تحرز نتائج أفضل من غيرها، بل وإن الذي يمکن إنتظاره وتوقعه وإستشفافه من المرحلة الرابعة من التورط الإيراني في سوريا من أنه وصل إلى المنعطف الذي يٶدي إلى هاوية شديدة الانحدار، وهو ماسنشهده لاحقا بإذن الله ومشيئته وإن موعدنا الصبح أليس الصبح بقريب.