ملف خاص أولي لمتابعة كارثة الحرائق وكيف تعاملت معها دولة الاحتلال سياسياً وأمنياً وإعلاميا

بدء لا بُدَ منه
في هذا الملف نضع بين يدي القارئ الكريم ووسائل الإعلام وكتاب الرأي ما تناولته الصحف الاسرائيلية حول كارثة الحرائق التي إشتعلت في غير مكان، لا نخوض في مضمونها، وإنما إلى مستوى الكراهية والتحريض “والسقوط الأخلاقي” الذي حملتهأالسنة وعقول مريضة لم تتورع عن شن حملة إتهامات باطلة للفلسطيني والعربي في دليل آخر على أنها”أي دولة الاحتلال” غير مستعدة لأن تكون شريك في بناء المستقبل بقدر ذهابها نحو إشعال حريق الكراهية.
 
 لقد تابعنا بقلق شديد موجة الحرائق التي إندلعت في غير مكان، حرصاً على الطبيعة والبشرية في آن معاً، وتأثير ذلك على الطبيعة والمناخ الواحد؛ وقد ساءتنا الانتهازية المُفرطة “كما جرت العادة” لجوقة المحرضين في دولة الاحتلال التي تستغل كل شيء لشيطنة الفلسطيني حتى الكوارث الطبيعية، والاساءة للعربي من قبل اليمين المتطرف الذي عوض إخماد ألسنة اللّهب في موجة الحرائق الأخيرة؛ إنبرى لكيل الاتهامات جزافًا وربط إندلاع الحرائق بأبناء شعبنا بذريعة “الخلفية القومية”، وإشعال فتيل الكراهية والتحريض والعنصرية؛ ويضاف إلى ذلك تنكر العديد من ساسة الاحتلال وعلى رأسهم نتنياهو (الذي تحدث باستهزاء ثم قدم الشكر على ما سمعه من مهنية عالية لرجال الدفاع المدني الفلسطيني) ووزارة خارجية الإحتلال لمشاركة الدفاع المدني الفلسطيني في إطفاء الحرائق، ونشر أعلام الدولة المشاركة في إخماد النار دون العلم الفلسطيني.
لسنا في وارد تحليل سيناريوهات هذه الكارثة، لكن من المهم جداً التوقف عند أسباب هذا الكم من التحريض   ضد شعبنا؛ ولماذا هذا التعجل في القاء التهم من قِبَل نتنياهو، الذي أطلق فوراً عنوان “إرهاب المحرقين”، وتتابعت جوقة المحرضين من غلعاد أردان إلى نفتالي بينت إلى ما يسمى بالقائد العام للشرطة في دولة الاحتلال روني الشيخ، الذي زعم وجود تحقيقات واعتقالات رفض تفصيلها، لتحويل الادعاء إلى حقيقة!
هي إتهامات الإخفاق في المعالجة والسيطرة والتفكير السليم، وهذا يعني إتهام الفلسطيني والعربي قبل أن نُحاسَب على فشل الحكومة الاسرائيلية في كل شيء إلا من استعراض عضلات القوة المتغطرسة والتحريض الأعمى. 
ومحاولات قادة الاحتلال وأحزاب اليمين الأعمى ربط كرة النار بشعبنا، ليست بالجديدة في ظل منسوب التحريض المتصاعد، الذي يستغل الأحداث لإلصاقها بـ”أيدٍ فلسطينية وعربية معادية للسامية”! حتى لو كانت  كوارث طبيعية!
لذلك نقول أن نشر وسائل الاعلام إزاء ما يتصل بالكوارث الطبيعية الأخيرة يجب أن يكون بالمسؤولية التي تقتضيها المهنية، وعدم منح الاحتلال فرصة لتكريس عنصريته؛ كما أن رواد مواقع التواصل الاجتماعي مطالبون بالحديث بمسؤولية عالية وعدم التشكيك بقدرتنا على العمل والابداء، وهذا ما قام به أفراد الدفاع المدني الذين قدموا واجبًا أخلاقيًا حفاظاً على أشجار غرسها أجدادنا قبل النكبة، وقدموا واجباً أخلاقياً يتماهي مع القيم العربية الأصيلة ونرفع لهم القبعة إحتراماً على هذا الأداء.
إذا كان هذا الأمر ينطبق على اعلام الفلسطيني بمختلف وسائله واتجاهاته، نعتقد أن الوسائل التي تمتلك للمعلومات والحقائق أكثر أن تكون أكثر مسؤولية لا أن تتحول إلى بوق أعمى لعقول مريضة  ونحن هنا نتحدث عن الاعلام الاسرائيلي الذي نقل على مدار الايام الماضية كمّاً من الحقد والكراهية نفثه الكثير من السياسيين الاسرائيلين التي كان بالامكانها أن تغتنم الفرصة لردم الهوة السحيقة من الحقد وبث الأمل.   
 
       فقد تناولت الصحف الاسرائيلية الصحف الاسرائيلية الصادرة يوم الجمعة 25 تشرين الثاني 2016 كافة، ملف “كارثة الحرائق الضخمة” التي شهدتها عدة مناطق في فلسطين المحتلة عام 1948،  خلال الأيام الثلاث الاخيرة، من باب تبني ادعاءات الجهاز الامني الاسرائيلي الذي يزعم بأن قسماً من الحرائق، نجم عن عمليات احراق متعمدة على خلفية قومية، وما رافق ذلك من تحريض رسمي، كالمعتاد، على العرب، سواء بشكل مباشر او من خلال التلميح، والذي بدأه رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، بإطلاق عنوان “ارهاب المحرقين”، ومن ثم وزير امنه الداخلي غلعاد اردان، الذي تبنى هذا المصطلح وحاول ترسيخه من خلال الادعاء بان نصف الحرائق على الاقل نجمت عن عمل متعمد، ثم وزير التعليم نفتالي بينت، الذي نشر تغريدة يلمح فيها الى ان العرب هم من يقفون وراء الحرائق، ثم القائد العام للشرطة الاسرائيلية، روني الشيخ، الذي تحدث عن تحقيقات واعتقالات رفض تفصيلها، لتثبيت هذا الادعاء.
وفيما تعاملت بعض الصحف مع هذه الادعاءات بتحفظ ما، او الاكتفاء بالاقتباسات، لوحظ من عناوين صحيفة “يسرائيل هيوم”، بوق نتنياهو واليمين، محاولة واضحة لترسيخ هذه الادعاءات كـ”حقائق” ونشر سلسلة واسعة من التقارير والمقالات، التي تحرض بشكل واضح على المواطنين العرب.
       يشار الى ان موجة الحرائق اندلعت على خلفية الرياح القوية ونجم بعضها عن اهمال عمال ومتنزهين، وتسببت الأحوال الجوية السائدة في سرعة إنتشارها من مكان إلى آخر، وبحسب متخصصين يصعب تحديد اسباب الحريق الا بعد تحقيق مهني، وهذا يحتاج لوقت ليس بالقصير في الحالة التي نشهدها. غير أن العديد من المسؤولين الاسرائيليين كانت إتهاماتهم جاهزة للتغطية على عجزهم في التعامل مع حجم الكارثة ففضلوا الصاق عجزهم نحو المزيد من بث الحقد والكراهية والتحريض على الفلسطيني حتى وإن تطلب الأمر استغلال الكوارث الطبيعية. 
       من المهم الإشارة في هذا المكان أن الدفاع المدني الفلسطيني لم يلتفت إلى حملة التحريض تلك وهب لإخماد للمساعدة في إخماد الحرائق مرتكزاً على واجبه الأخلاقي والانساني.
 
وتعالو نستطلع ما كتبته “هآرتس” في هذا الباب، حيث أشارت:
 رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، صرح، مساء الخميس، ان “اسرائيل تواجه ارهاب المحرقين”. وكان نتنياهو يتحدث خلال جلسة لتقييم الأوضاع في مقر الطوارئ في مدينة حيفا، التي اندلعت النيران في عدة مواقع فيها.
وقال نتنياهو: “نحن نواجه ارهاب المحرقين، واريد القول بشكل واضح جدا: كل حريق ينجم عن إحراق أو تحريض على الإحراق هو ارهاب بكل ما يعنيه الأمر. من يحاول احراق اجزاء من اسرائيل سيعاقب بكل صرامة”. وأضاف: “هناك حرائق وقعت نتيجة خطأ او اهمال وهناك حرائق متعمدة. نحن نشاهد ظاهرة تشجيع الحرائق الشريرة على الشبكات الاجتماعية”.
وقال نتنياهو انه يوجه الشكر الى الزعماء الاجانب الذين ارسلوا طائرات لإخماد الحرائق. وان 12 طائرة وصلت من سبع دول: روسيا، تركيا، قبرص، اليونان، بريطانيا، ايطاليا وكرواتيا.
وفي وقت رحب فيه نتنياهو بالمساعدات من قبل الدول التي ارسلت طائرات اخماد الحرائق، يستدل من الرد الذي تنشره “يسرائيل هيوم” ردا على سؤال حول اقتراح السلطة الفلسطينية تقديم المساعدة، تعامله المتردد مع هذا العرض، حيث قال: تقبلنا العرض، سنفحص ان كنا بحاجة الى هذه المساعدة. انهم يقترحون اربع سيارات مطافئ وربما نستخدمها”!
ü     لاحظوا كيف وجه الشكر للدول الأوروبية التي هبت للمساعدة وكيف حاول المرور باستهتار على المساعدة الفلسطينية التي أشاد بمهنيتها الجميع وقدرتها على إخماد الحرائق التي قامت بالتعامل معها بقدرة فائقة.
نتابع عن هآرتس:
 وقال وزير الامن الداخلي، غلعاد اردان، خلال لقاء مع الصحفيين: “لقد بات من الواضح ان قسما كبيرا من الحرائق هو نتيجة احراق متعمد، كما قال رئيس الحكومة، هذا “ارهاب المحرقين”. واضاف انه في هذه المرحلة تم اعتقال عدد قليل من المشبوهين لكن الشرطة ليست معنية بكشف تفاصيل حاليا. وحسب اردان فان هذا “الارهاب” يتحرك ايضا بدافع التحريض على الشبكة الاجتماعية”.
ويعتقد الجهاز الأمني ان الحديث ليس عن عمل منظم، وانما مبادرات محلية من قبل المحرقين. ورفض اردان خلال تصريحات لإذاعة الجيش، صباح الخميس، التطرق الى سؤال حول ما اذا كان يحمل الفلسطينيين المسؤولية عن الحرائق، لكنه قال: “الجهات المهنية تقدر بأن حوالي 50% من موجة الحرائق التي بدأت امس الاول (الثلاثاء) نجم عن احراق متعمد”.
 وقال “ان المفتش العام للشرطة امر قسم التحقيقات والاستخبارات بتشكيل طاقم خاص للتحقيق، وسيتم فحص كل حريق وفي حال تبين ان الحريق نجم عن عمل متعمد سيتم اتخاذ الاجراءات لتنفيذ القانون بكل صرامة، ضد من بادر اليه”.
من جهته قال وزير الداخلية ارييه درعي خلال زيارته لحيفا انه سيدرس العمل على الغاء مكانة كل شخص يتبين انه متورط في احراق متعمد. كما تطرق المفتش العام للشرطة الى امكانية ان تكون الحرائق قد اندلعت بفعل فاعل او نتيجة الاهمال، وقال: “يوجد من هذا ومن ذاك. انا لا اريد المس بالتحقيق، ولذلك لن اقول اين. اذا ابقى المواطنون أياديهم في جيوبهم غدا، لن يحدث شيء، اذا وقعت حرائق سنعرف كيف نعالج الأمر. نحن ندعو المدنيين الى التبليغ عن كل من يشعل (النار) للقهوة ويترك الموقد مشتعلا”.
 
 
 
جوقة سياسية يحوي جرابها تهماً شيطانية جاهزة ومزامير أبواقها جاهزة للعزف  
  “يسرائيل هيوم” سعت إلى ترسيخ الشبهات “كحقائق” وكتبت في تقريرها الرئيسي ان ما ظهر كتخوف معقول، امس الاول (الاربعاء)، تحول امس (الخميس) الى شبهات راسخة ومثيرة للقلق: حسب وزير الامن الداخلي، غلعاد اردان، فان حوالي 50% من الحرائق كانت بفعل فاعل. وفي ضوء التخوف والاحوال الجوية المتوقع ان تكون جافة خلال الأيام القادمة، اعلنت الشرطة وسلطة المطافئ “حالة الطوارئ العليا” حتى يوم الثلاثاء القادم. وسيتم تعزيز قوات المطافئ بـ300 رجل اطفاء من الجبهة الداخلية، فيما ارسلت الولايات المتحدة طائرة اخماد الحرائق الضخمة “سوبر تنكر” للمشاركة في اخماد الحرائق.
لقد اندلع خلال الأسبوع الأخير حوالي 1500 حريق في مختلف انحاء البلاد، وامام حجمها ووتيرتها وطابع ظهورها، ازداد التكهن بأن المقصود موجة حرائق مفتعلة على خلفية قومية. هكذا، على سبيل المثال، قال القائم بأعمال مفوض المطافئ والانقاض، شمعون بن نير، ان مجهولين حاولوا احراق محطة المطافئ في حيفا عمداً. وفي سجن الدامون، شاهد راصد امس (الخميس) مشبوهين بالقرب من احدى بؤر الحرائق في منطقة السجن.   
وتمضي الصحيفة فتكتب: “لقد اكد وزير الامن الداخلي، اردان، والمفتش العام للشرطة، روني الشيخ، بأن بعض الحرائق كانت “على خلفية قومية”. وتم حتى امس، اعتقال ثمانية مشبوهين. وقال الشيخ: “لن افصل اين نشتبه بأن المقصود حرائق مفتعلة، واين لا، كي لا نزعج التحقيق ونشوشه. يمكن الافتراض بأن من احرق لم يحرق بسبب حبه للنيران وانما يتجه الأمر الى الجانب القومي. نحن نواجه واقعا ان من يشاهد في الاخبار بأن هناك فرصة يحاول استغلالها”.
وقد بدأت طواقم التحقيق في الشرطة وسلطة المطافئ بالتحقيق، بمشاركة كلاب قص الأثر الخبيرة في تعقب المواد المشتعلة. كما تستخدم في التحقيق طائرات وكاميرات. واوعز اردان الى الشرطة بأن تركز الجهود على الشبكة الاجتماعية ايضا، وكشف المحرضين والحارقين. واوعز روني الشيخ، مفتش الشرطة العام، الى رئيس طاقم التحقيقات والاستخبارات، ميني يتسحاقي، بتشكيل طاقم تحقيق قُطري لتركيز معالجة التحقيق، وجمع الاستخبارات وتعقب التكنولوجيات والتشخيص الجنائي. وسيركز الطاقم المعطيات وينسق بين طواقم التحقيق في الوية الشرطة، ويجري تقييمات ويبلّوِر توصيات، تركز على الجهود لاحباط ومنع تكرار الاحداث.
وكتب وزير التعليم نفتالي بينت على صفحته في تويتر وفي الفيسبوك، ان “من لا ينتمي لهذه البلاد، فقط، يستطيع احراقها”، فيما ذهبت زميلته وزيرة القضاء اييلت شكيد، الى الحسم والحديث عن ان عقوبة من يحرق النيران تتراوح بين 15 و20 سنة سجن.
 
ü     في ظل مواصلة التحريض، قادة سياسيون ودينيون وإجتماعيون والمجالس المحلية العربية في الداخل الفلسطيني يهبون للمساعدة: “ارضنا ولن نحرقها”، ونتنياهو يواصل التحريض
 
وفي جانب آخر تضيف “يسرائيل هيوم”: امام الشماتة والتحريض التي ظهرت على الشبكات الاجتماعية، كانت مقترحات بتقديم المساعدة من قبل القطاع العربي في اسرائيل، حيث اعلنت الكثير من البلدات العربية استعداد سكانها لاستيعاب اليهود والعرب الذين تم اخلاؤهم من بيوتهم. واعلنت الحركة الاسلامية، بل حتى التجمع، عن اقامة غرفة طوارئ يمكن التوجه اليها من قبل اليهود والعرب، خاصة الجامعيين الذين تضررت مساكنهم. كما دعا مركز مساواة في حيفا اليهود والعرب الى مركز الاستيعاب الذي اقامه للمساعدة. كما اعلن الوقف الاسلامي في حيفا عن فتح المسجد الكبير في البلدة التحتا لاستيعاب اللاجئين من النيران، كما دعا مجلس المطارنة المسيحيين في حيفا السكان الى الكنائس، وشجب الحرائق.
 
أما “هآرتس” فتكتب:
 ان رئيس لجنة المتابعة العربية محمد بركة، تطرق الى التحريض على العرب، وشجب حديث نتنياهو عن “ارهاب المحرقين”، وقال انه يحرض ضد الجمهور العربي. واضاف ان نتنياهو يشعل نيران العنصرية كما فعل غيره من القادة في القرن الماضي، حين الصقوا بالمجموعات العرقية كل الامراض.
كما شجب نواب القائمة المشتركة تصريحات نتنياهو. وجاء في بيان للقائمة ان “نتنياهو يحاول حرف انظار الجمهور عن اخفاقات جهاز المطافئ والانقاذ، وقضية الغواصات. وبدلا من تطبيق توصيات لجنة التحقيق في حريق الكرمل عام 2010، يعمل على تأجيج الكراهية والتحريض ضد العرب، ويتهمهم بالحرائق. نحن نتضامن مع العائلات التي واجهت مأساة خطيرة واحترقت بيوتها او تضررت”. 
وقال رئيس القائمة المشتركة، النائب ايمن عودة: “للأسف هناك من قرر استغلال الوضع الرهيب من اجل التحريض على جمهور بأكمله. من يحب الوطن يجب عليه التركيز على اخماد الحرائق ومساعدة المصابين وليس تأجيج الكراهية”. ودعا عودة الى وقف التحريض ضد الجمهور العربي، وقال: “انا لا اعرف ان كان مشعلو بعض الحرائق عربا ام لا، واذا كان الأمر كذلك فيجب معاقبتهم بكل صرامة. كلنا معاً من اجل انقاذ هذا المكان الجميل. انا ابن حيفا والكرمل، ولكن المهم الان هو انقاذ هذا المكان. لا يهم ان كان الأمر يتعلق باليهود او العرب، حيفا والكرمل لنا جميعا. هذا امر يمس بالجميع”.
وقال النائب احمد الطيبي انه “في الوقت الذي يحارب فيه رجال المطافئ الحرائق ويتم إخلاء السكان من ابناء كافة الديانات من بيوتهم، ينشغل محرقو النار في اليمين بإشعال الحريق القادم. في حريق الكرمل السابق، ايضا، اتهموا العرب بالكارثة، واتضح فيما بعد ان الأمر نجم عن “نارجيلة” اشعلها فتية”. 
وقال النائب جمال زحالقة انه يشجب التحريض ضد العرب واكد ان “المناظر الطبيعية في الوطن غالية علينا وفي الثقافة العربية، كما اليهودية، يعتبر كل مس بالأشجار مخالفة خطيرة”. واضاف: “من الجنون اضافة حريق سياسي عنصري الى النيران المشتعلة”. 
وقال النائب طلب أبو عرار: “هناك وزراء في الحكومة وغيرهم في اليمين المتطرف يواصلون حملة التحريض ضد المجتمع العربي، ويتهمونه بالمسؤولية عن الحرائق في البلاد. هذه الامور تصب الزيت على النار فقط وتشعل المنطقة. نحن كمجتمع عربي، ايضا، يؤلمنا رؤية الاخضر يتحول الى اسود، والنار لا تميز بين يهودي وعربي”.
وقال النائب يوسف جبارين: “ارفض باشمئزاز الاتهامات وكأن المقصود حرائق على خلفية قومية، واطالب قائد الشرطة ووزير الامن الداخلي بالتصرف بمسؤولية ووقف موجة التحريض التي يغديانها”.
 
الكارثة تتسبب بإخلاء عشرات الالوف جراء الحريق الضخم في حيفا
وتناولت الصحف بتوسع الحريق الهائل الذي اندلع في عدة مواقع في مدينة حيفا، يوم الخميس، وكتبت “هآرتس” ان موجة الحرائق في انحاء البلاد وصلت الى قمتها، مع اندلاع حرائق هائلة في مدينة حيفا، ادت الى إخلاء حوالي 60 الف مواطن من بيوتهم، والحقت الضرر بعشرات العمارات السكانية والسيارات. وقد اندلعت النيران في عدة مواقع في المدينة، بفارق زمني قصير. وتقوم قوات الامن بالتحقيق لمعرفة ما اذا نجمت الحرائق عن عمل متعمد.
 ولم تتأخر سلطة المطافئ عن السير في ركب التلميح الى وجود “خلفية قومية”، واعتقادها بان بعض الحرائق التي اندلعت في حيفا كانت متعمدة. وقال الناطق بلسان سلطة المطافئ والانقاذ في لواء الشاطئ، اوري جيبوطيرو، في ساعات ظهر الخميس، ان جهاز المطافئ يتواجد في خضم حرب. “نحن ندير معارك من اجل منع المس بحياة البشر. هذه حرب على البيت. حرب على الكرمل”.
وتحدث جيبوطيرو عن موجة من الحرائق التي بدأت بالقرب من محطة المطافئ بفارق خمس دقائق بين الواحدة والاخرى. وقال: “يبدو انه جرت محاولة لإحباط محطة المطافئ، ومن ثم المدينة كلها. هذا ليس صدفة”.
وتم خلال ساعات النهار إخلاء 12 حياً من سكانها، ومن بينها مدارس ورياض اطفال، كما تم إخلاء جامعة حيفا ومعهد التخنيون.  وتم تجنيد كتيبتين من لواء الانقاذ في الجبهة الداخلية للمساعدة في إخلاء المدنيين، كما تم تجنيد مئات جنود الاحتياط، وانتشرت قوات الشرطة وحرس الحدود في شوارع الاحياء التي تم إخلاء سكانها، تحسبا لوقوع عمليات سرقة في البيوت الخالية. يشار الى انه تم، ايضا، إخلاء سجني الكرمل والدامون. وتم نقل 269 اسيرا من سجن الكرمل، و294 اسيرا من سجن الدامون، الى سجون “تسلمون”، “حرمون”، “كيشون”، “الشارون”، “ايشل” و”جلبواع”، بالإضافة الى 130 سجانا يخدمون في السجنين.
Ø     المحققون يقرون بصعوبة التحقيق؟!!!!!!!!!!
وتكتب “هآرتس” في تقرير منفرد ان المحققين بدأوا بمحاولة كشف مصادر النيران واسباب اندلاعها، ويقومون بالبحث عن كل دليل يمكنه المساعدة على فهم ما اذا نجم ذلك عن اهمال او احراق متعمد. والمهمة صعبة في المناطق المفتوحة بشكل خاص، لأن النار تخفي كل دليل. ويوم امس (الخميس) كان يمكن للمحققين القول انه في بعض الحرائق في حيفا كان الأمر متعمدا، لكنهم لم يملكوا أي دليل قاطع.
وقال رئيس قسم التحقيق في الشبكة القُطرية لمركز الاطفاء ران شيلف لصحيفة “هآرتس” ان “النيران تلتهم البيئة ويمكنك ظاهراً، الاعتقاد بأنها تسبب ضررا لا يمكنك بعده تحديد سبب اندلاع النار”. ويؤكد ان المهمة الاولى والجوهرية هي تحديد مكان بدء النار. في البناية المؤلفة من 4-5 غرف عليك الوصول الى الغرفة التي اندلعت فيها النار وفحص الأدلة لمعرفة السبب. لكن الأمر اصعب بكثير في منطقة مفتوحة. فالرياح هناك تتغير ويمكن ان تسبب مصاعب في تحديد مصدر الحريق. “الطوبوغرافيا لا تساعدنا وقسم من النباتات لا يبقى، والاصعب هي الظروف – يكفي عود ثقاب واحد لإشعال حريق. لا تحتاج الى مواد مشتعلة او جهاز خاص لإشعال الحرائق”. في ظروف الطقس الحالي يصعب التحقيق في الحرائق، يقول شيلف، ويضيف: “نحن نستعين بكل شيء يمكنه المساعدة لأنه يصعب جدا تركيب البازل”.
 
الطيران الاسرائيلي يساعد في البحث عن “المشبوهين”
في هذا الصدد ينشر موقع “واللا” تقريرا تحت عنوان “توثيق من طائرة بلا طيار:
 هكذا يساعد سلاح الجو في العثور على المشبوهين بإشعال النيران” وقد جاء في التقرير: “منذ بدء موجة الحرائق في أرجاء البلاد، انضم سلاح الجو من أجل مساعدة قيادة الشرطة وخدمات الإطفاء في مهمات عدة. وكان مقطع فيديو نشره الناطق بلسان الجيش اليوم، (الجمعة) قد كشف عن واحدة من هذه المهمات: العثور على الجهات المشتبه بها في إشعال النار في مستوطنة “بيت مئير” هذا الصباح. في المراحل المتقدمة من عمليات مكافحة النيران  تمت إقامة غرف قيادة مختلفة تابعة لجهاز الشرطة والإطفاء إلى جانب ممثلين عن سلاح الجو قاموا بتنسيق وتعزيز التعاون بين الجهات المختلفة. وقد تم ربط منظومات القيادة والسيطرة بغرف القيادة من أجل إتاحة المجال أمام ضباط الشرطة للحصول على صور من الطائرات غير المأهولة إلى جانب طائرات سلاح الجو الأخرى، التي قامت بأعمال حراسة ودورية إبان حصول الأحداث. 
وقام سلاح الجو بالعثور على مراكز اندلاع الحرائق ووجه طائرات الإطفاء من أجل  تفعيل نشاطها، هذا يعني أن قوات سلاح الجو قد قامت بتمشيط المناطق التي تم إشعال الحرائق فيها من أجل العثور على مشبوهين. ويظهر في مقطع الفيديو الذي جرى نشره رجل مشبوها يقوم على الظاهر بإشعال حريق. وبعد تشخيصه تم إرسال قوات شرطية إلى المكان. 
 “إن النار التي انتقلت بهذه السرعة في الكرمل لم تضاهيها نيران من قبل. لقد احترقت عشرات الأمتار، نصف بلدة كاملة احترقت خلال دقائق. أنا من سكان المستوطنة، ولم يتضرر منزلي. لقد أتيت لكي أقوم بإخلاء عائلتي وعدت فورا”، قال لنا أحد سكان بيت مائير، يوسيف كاريم، متحدثا عن المشاهد المرعبة التي رآها في الموقع. 
هذا، وقد نجح رجال الإطفاء في محاصرة مقدمة النيران والإبقاء عليها حول المستوطنة، وقد منعوا بذلك استمرار انتشار النار نحو سائر المنازل والغابة القريبة. ولم تتمكن قوات مكافحة النيران من السيطرة على النيران حتى اللحظة [ كُتب التقرير الساعة السادسة من مساء الجمعة] ، وقد تعاود النيران التغلب على الجهود وتغيير اتجاهها بحسب اتجاه الريح.
 
 الاذاعات الاسرائيلية كيف تعاملت مع الكارثة؟
أما الاذاعات الاسرائيلية الرسمية فقد تناولت إندلاع الحرائق بشكل خبري مُرِّرت خلالها تلميحات التحريض في سياق التغطية، فقد  قالت الاذاعات الرسمية، يوم الجمعة.. وفي مستوطنة حلميش شمال/ غرب رام الله قامت طواقم اطفاء عديدة مستعينة بطائرات من سلاح الجو بجهود للسيطرة على الحريق الكبير الذي شب الليلة الماضية. وتم جزئيا احتواء السنة اللهب واصيب شخصان ورجلا اطفاء بصورة طفيفة، فيما التهمت النيران نحو 40 منزلا وتم اجلاء جميع السكان وعددهم نحو الف وثلاثمئه شخص عن منازلهم، وتم اعتقال فلسطينيين بشبهة اضرام النار.
وشبت النيران أمس قرب مستوطنة دوليف وبجوار كفار هأورنيم غربي رام الله . كما شبت حرائق في منطقة ألفي مانشيه وكارنيه شومرو.  وفي مدينة البيرة قرب رام الله شب حريق في منزل سكني وتمكنت طواقم الدفاع المدني الفلسطيني من إخراج خمسة أطفال من داخل المنزل، وتم نقلهم الى المستشفى للمعالجة بعد اصابتهم جراء استنشاق الدخان.
في مستوطنة معاليه أدوميم أصيب 12 شخصا من جراء حريق شب فجر اليوم (الجمعة) في عمارة سكنية. ووصفت حالة شابة عمرها خمسة وعشرون عاما ببالغة الخطورة وحالة شاب عشريني بخطيرة. وأصيب الاثنان جراء استنشاق الدخان.  
وفي غضون ذلك تمكن رجال الإطفاء من السيطرة على الحريق الذي شب قرب القرية الزراعية “ياعد” في الجليل الأسفل. وسمح للسكان بالعودة الى منازلهم. إلى ذلك سمح لجميع سكان حيفا بالعودة الى منازلهم (الجمعة) باستثناء تلك التي تضررت ولا يمكن الاقامة فيها . وقد احترق نحو سبعمائة منزل في المدينة.  
وفي الناصرة تمت السيطرة على الحريق الذي شب الليلة الماضية قرب حي الفاخورة. وسمح للسكان الذين تم إجلاؤهم عن المنازل العودة إليها. ولم يبلغ عن وقوع إصابات. وتمكن رجال الاطفاء من احتواء النيران التي شبت في الاحراش المجاورة لمدخل قرية عيلوط قرب الناصرة دون وقوع اصابات. ويشتبه في اضرام النار عمدا.
 
*    في زاوية المقالات والتقارير ركب الكثير من كتاب الرأي الاسرائيليين موجة التحريض على الفلسطينيين بشكل عام على فلسطيني الداخل بشكل خاص
 
وتحت عنوان: موجة الحرائق هي اختبار استراتيجي لقوات الطوارئ تمهيدا للمعركة القادمة.
كتب عاموس هرئيل، في “هآرتس” ان موجة الحرائق التي تعربد في أرجاء البلاد منذ ثلاثة ايام تتراكم بالتدريج لتتحول الى حدث استراتيجي. وفي ذروتها، أمس، استدعت الاخلاء العاجل لعشرات الاف السكان من حيفا، والحقت ضررا جسيما بعشرات المنازل وخلفت دمارا سيستغرق اعادة ترميمه عدة اشهر، ان لم يكن سنين. في بند الآثار الاقل حماسة، اعادت الحرائق، ايضا، موجات البث المفتوحة في قنوات التلفزيون وسمحت لوزراء الحكومة بعرض ستراتهم القتالية على الملأ، ولوزير التعليم والمفتش العام للشرطة بالتقاط صور لهما ذات تعابير وجوه غريبة، في الوقت الذي كانا يركبان على دراجات نارية.
لبالغ الحظ، لم توقع الحرائق حتى الان خسائر في الارواح، لكن يبدو أن الحدث لم يصبح من خلفنا بعد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *