أكتبُ هذا المقال كمواطنة من أبناء مصر العاديين ، ممن تذرف عيونهم دما ، وتعتصر قلوبهم ألَما ، وتمتلئ صدورهم غضبا، لمناظر الأجساد المتطايرة نتيجة الانفجارات فى
بقعةٍ من بقاع ارضنا العربية الغالية ، وأحسَبُ أن القهرالارهابى لم يصل في أي وقت ما وصله الان من هذه الإستباحة للدم العربى وكان زملائى من دول اوربية يقولون لنا
( ان بني قومكم قد جَنُّوا فعقولكم الان مع هؤلاء لا تفيدكم ) .. وأتمنى أن لا يكون فعلا اخوننا العرب قد جَنُّوا فعليا حتى لا نقول أن العقل لم يعُد مفيدا !!!…
جميعنا ندرك أن الصراع على الساحتين العربية والاسلامية واضح منذ زمن ،إنه صراع بين العروبة والاسلام من طرف وبين الصهيونية العالمية ومن يؤازرها من الطرف الآخر ، وبالتأكيد أكثر من هم بين الأحياء سعادة اليوم لِما يجري في بلادنا العربية هم الصهاينة ومن لفَّ لفيفهم ، لأن العروبة تُغتَال بيد العرب ،، وأكثر من هم من الأموات سعادة هما أبا لهب وأبا جهل لأن الإسلام يُغتال من أبنائه !!. فهل تبَقَّى شيء من الاسلام لم نشوهه ؟؟!!
هناك من ( باع ) القرآن وآياته على شكل فتاوى لتبرير القتل والذبح بين أبناء الأمة ،، بل وتبرير قتل الأجنبي لأبناء الأمة ، في انتهاك صارخ وعدوان فاقع على كتاب الله الذي جاء فيه ( كَتبَ ربكم على نفسه الرحمة ) ، وعدوان على رسول الرحمة الذي كانت عيناه تذرفان وهو يُقَبّل ابنه المتوفى ابراهيم ، بل هناك من ( يعتدي) حتى على أسماء الله الحسنى فيُطلق على باخرته ( لطف الله ) ،، ولكن بدل أن تنسجم حمولتها مع اسمها فقد شكّلتْ عدوانا على ( اسم الله ) قبل أن تشكل عدوانا على شعوب اوطاننا الأبي الطيب الذي لم نعرف عنه إلا علاقات الود والمحبة والتسامح والتعاون والاحترام والسلمية بين بعض ،، ونقف اليوم حائرين مذهولين مشدوهين ، متسائلين : ماذا حصل ؟؟!!.
هل هي أيادي الشياطين مسَّتنا فماتت كل معاني الإنسانية والرحمة التي أشرت إليها في الأسطر السابقة ،، فغاب العقل والبصر والبصيرة ؟! أم أن الاسلام كان مجرد ضيف عابر إحتسى القهوة المرّة في مضارب العرب ، وتناول الرُطب الطازجة وانصرف في طريقه ، ونحن مضينا في طريقنا الجاهلي الى حرب البسوس بين تغلب وبكر،، وداحس والغبراء بين عبس وذبيان ،، والخزازي بين عرب الشمال والجنوب ،، وعدنا الى اللات والعزى ومناة وسواع ..؟!. كيف حوّل بعضنا الاسلام الى مجرد رافعة للتزمت والتعصب والحقد وأفرغوه من كل معاني الرحمة ،، بل من كل معانيه الانسانية والروحية ؟!. ماذا تعني هذه الردة والعودة للمنظومة الجاهلية الفكرية والثقافية ،، حيث العرب لم يكونوا (شعبا) بل مجموعة قبائل وعشائر وبطون وأفخاذ متناحرة يسودها الحقد والحسد والبغضاء والعصبية والثأر وحب السيطرة والغزو والسبي والغدر والانتقام ؟!