تقرير: “الكوتا” السياسية.. خطوة مطلوبة باتجاه تمكين المرأة اللبنانية‎‎

رغم توقيع لبنان على المواثيق الدولية التي تكفل حق مشاركة المرأة في الحياة السياسية، إلا أن هذا البلد العربي يقبع في المرتبة قبل الأخيرة 143/ 144 من ناحية التمثيل السياسي للنساء، بحسب تقرير “الفجوة بين الجنسين”، الذي أصدره منتدى الاقتصاد العالمي في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.

وهو ما أحدث صخباً واعتراضاً واسعاً في الشارع اللبناني، وزاد من وتيرة مساع تهدف بالدرجة الأولى إلى إقرار مشروع “الكوتا” النسائية في الحياة السياسية، وهو نوع من التمييز الإيجابي لتصحيح خلل في تمثيل النساء، عبر تحديد عدد لهن في مؤسسات الدولة.

وتقترح بعض الهيئات الناشطة في هذا المجال إقرار “الكوتا” النسائية كمشروع مؤقت، لرفع نسبة مشاركة النساء في الانتخابات اللبنانية، أسوة بدول متقدمة، مثل: فرنسا وإسبانيا.

ومن المفارقات المرفوضة لدى المؤسسات الحقوقية اللبنانية أن لبنان من الدول التي صادقت عام 1996 على “اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة” (سيداو)، لكن حتى الآن لم تطبقها.

وكذلك حال لبنان بالنسبة لإعلان بكين عام 1995، الذي أوصى برفع تمثيل المرأة من خلال القوانين والتشريعات، وإيجاد آلية لإيصال النساء إلى مواقع صنع القرار بنسبة لا تقل عن 30%.

داخل الأحزاب أولاً

واستشعرت جمعية “لبنانيون” أن العمل مع المجتمع المدني في هذا الشأن ليس كافياً، فتقدمت إلى الأحزاب السياسية بمشاريع للبدء في تمكين المرأة أولا من داخل البيت الحزبي.

وقالت ندين ضاهر رئيسة الجمعية، إن “كل حزب رشح لنا ممثلة عنه، وكنا نجتمع معهن بصورة دورية كل شهر تقريباً، ووصلنا بعد عامين من الجهد إلى وثيقة مشتركة لتفعيل دور المرأة في السياسة وقعت عليها 9 أحزاب. وبناء عليه، بدأنا نسمع أصواتا نسائية في بعض المكاتب السياسية للأحزاب”.

أما في ما يتعلق بمشروع التمثيل النسائي المقترح بنسبة 30% في الانتخابات القادمة (مايو/ أيار 2017)، فأوضحت ضاهر أن “مجمل الأحزاب وافقت على ما نسبته 20%، بينما تحفظ حزبان (لم تحددهما) فقط على مشروع الكوتا ككل”.

وشددت على أن “التوجه العام ينبغي أن يدعم التمثيل النسائي في السياسة؛ فالمرأة اللبنانية تتواجد في الجامعات والنقابات، وتشارك بفاعلية في عملية الانتخاب، ولم تعط الفرضة بعد لتثبت كفاءتها”.

وبالنسبة لنظام “الكوتا”، رأت ضاهر أنه “مجرد حل لتسريع تمثيل مشاركة المرأة في الحياة السياسية بشكل فعال، إلى حين تغير نظرة المجتمع البطيئة نسبياً حيال مشاركة المرأة في صنع القرار الوطني”.

74 حكومة و7 وزيرات فقط

ولضمان وصول النساء إلى مواقع صنع القرار السياسي، بما يخدم المصلحة الوطنية، ينشط في لبنان تحالف “نساء في البرلمان”، ويضم 120 جمعية ومنظمة مدنية وأفرادا.

وقالت عبير شبارو عضوة التحالف وعضوة “الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية”، إن “جهداً كبيراً يبذل لإيجاد صيغ تتيح إدراج بند الكوتا في أي من القوانين الانتخابية المقترحة، فلا حجة قانونية على الإطلاق لأي تخلف عن المضي في المشروع”.

وتابعت شبارو أن “ثمرة الجهود التي قام بها قانونيون متخصصون في هذا الإطار وضعت كاملة في أيدي اللجنة المختصة بدراسة القوانين الانتخابية المقترحة، وكذلك الجهات الحكومية المشرفة على صنع القرار”.

مستنكرة، قالت شبارو إن “74 حكومة تعاقبت على لبنان، بداية من العام 1942، ولم تضم سوى 7 وزيرات فقط، في إشارة إلى تجاهل مقصود لكفاءات المرأة اللبنانية”، وفقاً للأناضول.

وحول مدى توافق نظام “الكوتا” مع مبادىء الديمقراطية وتكافؤ الفرص، أجابت بأنه “رغم مرور نصف قرن على منح المرأة اللبنانية حق التصويت والترشح، إلا أن الحواجز الاجتماعية والثقافية لا تزال تعيق ترشحها”.

وأضافت: “على أي حال الكوتا هي تمييز إيجابي دستوري مؤقت يهدف إلى تصحيح الخلل وإعادة التوازن إلى المجتمعات، ويمنح المرأة أحقية المشاركة في الحياة السياسية ريثما يتم الوصول الى تغيير بنيوي يطال الأفكار والثقافة السائدة”.

وفي خطوة غير مسبوقة، أشارت شبارو إلى أن تحالفا كبيرا سيعلن لاحقاً، برعاية “الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية”، يقوم على توحيد قرابة 400 جمعية لبنانية؛ للمطالبة بالمصادقة على إدراج “الكوتا” في أي قانون انتخابي يعتمد خلال الانتخابات النيابية القادمة.

واستحدثت حكومة الحريري، التي أعلنت قبل أيام، وزارة تتعلق بشؤون المرأة، لكن يتولاها “وزير”، إذ لم تضم التشكيلة الحكومية (30 وزيرا) سوى امرأة واحدة، هي عناية عز الدين كوزيرة دولة لشؤون التنمية الإدارية.

غير أن الحريري وعد بالعمل بجدية كبيرة لإقرار قانون انتخابي جديد يتضمن بند “الكوتا”، بما يضمن تمثيل المرأة في الحياة السياسية.

ولم تمثل المرأة في الحكومة اللبنانية السابقة إلا بسيدة واحدة، هي القاضية أليس شبطيني، التي تولت وزارة المهجرين، وفي حكومة عام 2009 تواجدت وزيرتان، ومثلهما في حكومة 2004.

أما في البرلمان الحالي، فتوجد 4 نساء فقط من إجمالي 128 نائبا، ما يعني أنهن لا يملكن سوى 3% من إجمالي المقاعد النيابية، بينما مؤتمر بيكن كان اقترح وصول 38 امرأة إلى البرلمان للوصول إلى التمثيل العادل للنساء.

ومعظم النساء اللواتي دخلن السياسة في لبنان من عائلات سياسية، مثل ستريدا جعجع، زوجة رئيس حزب القوات اللبنانية، سمير جعجع، وبهية الحريري، أخت رئيس الوزراء، رفيق الحريري، الذي اغتيل عام 2005، إضافة إلى نايلة معوض، زوجة الرئيس اللبناني، رينيه معوّض، الذي اغتيل عام 1989، والنائب نايلة تويني التي دخلت البرلمان عقب اغتيال والدها جبران تويني عام 2006.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *