إعلان الرئيس عبدالفتاح السيسي أن رؤساء أركان الجيوش العربية سوف يلتقون لبحث تفاصيل القوة العسكرية العربية المشتركة التي تم الاتفاق على تكوينها خلال القمة العربية الـ26، ثارت تساؤلات عديدة حول تشكيل هذه القوة ومهامها وطبيعة تكوينها وكيفية عملها، ثم كيف سيكون تدخلها في بلد ما؟ وهل تحتاج لقرار من الجامعة العربية أم من رئيس الدولة المراد التدخل فيها؟
وزير الخارجية المصري، سامح شكري، أكد أن التصور المبدئي للقوة العربية هو أنها دائمة التواجد، ولكنها ليست بالضرورة متمركزة داخل دولة عربية بعينها، وستكون جاهزة دائماً للتدخل في أي مكان، فيما أكد السفير بدر عبدالعاطي، المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية، أن القوة ستكون دائمة، والمشاركة فيها طواعية واختياريا من جانب الدول وليس إجباريا، مضيفا أن الأمر متروك لقرار كل دولة.
وأوضح أن القوة العربية المشتركة لها صفة الديمومة، ولها آلية عمل ونطاق، وستكون لها قيادة ومركز قيادة، مضيفا أن القوة ستضطلع بمهام التدخل العسكري السريع وما تكلف به من مهام أخرى لمواجهة التحديات التي تهدد أمن وسلامة الدول الأعضاء وسيادتها الوطنية، وتشكل تهديدا للأمن القومي، بما فيها تهديدات التنظيمات الإرهابية.
التشكيل العسكري والألوية المطلوبة
اللواء ناجي شهود، مدير المخابرات الحربية المصري السابق يشرح تفاصيل تشكيل ومهام هذه القوة، ويؤكد لـ”العربية.نت” أن تشكيل هذه القوة سيتحدد أولا وفقا للمهام المكلفة بها، والسبب الذي من أجله أنشئت، ويقول إن الهدف هو حماية الدول العربية من الإرهاب أو محاولات الاعتداء الخارجي أو المطامع الأجنبية، وهنا لابد أن تكون القوة ذات كفاءة مناسبة تحقق مهمة الردع وتواجه التهديدات بسرعة وحسم، وتوصل رسالة للعالم أن العرب خرجوا من التبعية وأصبحت لهم كلمة قوية ومؤثرة وسلطة ردع، ولذلك لابد أن تتشكل القوة من ألوية قتالية من كافة الأفرع والوحدات العسكرية وقوات خاصة ورجال استخبارات، فلو كانت المهمة التي ستقوم بها جوية فلابد من توافر قوات جوية وقوات دفاع جوي ودعما لوجسيتيا يخدم القوات المشاركة، ويوفر لها الغطاء الجوي الآمن، ويحميها من مضادات الطائرات والصواريخ، ولو كانت المهمة بحرية فلابد من قوة بحرية تعتمد على توفير أكفأ الغواصات البحرية والزوارق والمدمرات، ولابد أن تكون نسبة المشاركة معقولة من كل الدول حتى يتحقق للقوات الكفاءة المطلوبة والقدرات الرادعة، أما في حالة تطلب الأمر معركة برية فهنا لابد أن يتوافر للقوة تشكيلات قتالية من المشاة والمظلات، وتوفير مهام الإنزال، وهو ما يعني في النهاية أن تكون القوة المشتركة بمثابة جيش نظامي كامل مستعد للحرب في أي لحظة وفي أي مكان، وتتوافر به كافة التشكيلات القتالية والأفرع الرئيسية للجيوش النظامية.
وقال “شهود ” لابد من وجود مجلس عسكري يقود هذه القوة التي سيتطلب منها الامر تنفيذ مهام أخرى كتحرير مدن وعواصم او بلدان عربية كاملة من تنظيمات إرهابية او تحرير أسرى ورهائن خلف خطوط العدو أو استعادة مدن ومناطق سقطت في يد الارهابيين ومن ورائهم ولذلك سيكون هذا المجلس مسؤولا عن وضع الخطط والتدريبات اللازمة لتكون القوات جاهزة وبسرعة للتدخل في المناطق الملتهبة وشن عمليات خاطفة ورادعة.
وتوقع مدير المخابرات المصري السابق أن تعمل قيادة القوة وغالبا ما ستكون من الدولة ذات المساهمة الأكبر تحت مظلة الجامعة العربية حتى تكون لها شرعية، وأن يكون مقر القيادة متواصلا مع الجامعة العربية لسرعة تنسيق المواقف السياسية والعسكرية للدول المشتركة والتنسيق مع المنظمات الإقليمية والدولية لإعطاء غطاء شرعي لعمل القوة على أن تتولى القيادة المشتركة تحديد حجم القوات التي تساهم بها كل دولة حسب إمكانياتها العسكرية البرية والبحرية والجوية، وشكل ونوعية المعلومات المطلوبة من كل دولة لمحاربة التهديد المحتمل لكل دولة عربية، ودراسة إمكانيات كل دولة لتخصيص موانئ ومطارات وطرق ومصانع حربية للمجهود العسكري، وإمكانية دعم بعض الدول ماليا لدعم قدراتها العسكرية، مؤكدا أن الأعداد المشاركة ستختلف بالطبع وفق كل عملية وكل حالة على حدة.
وأضاف أن من مهام القيادة الموحدة دراسة مسارح العمليات البرية والجوية والبحرية للمنطقة العربية والدول المحيطة التي تهدد الأمن القومي العربي، وتوحيد خرائط مسارح العمليات، وأسماء الهيئات والموانئ والمطارات، مؤكدا أن القوة تعمل على تعميق الشعور القومي وضرورة مواجهة الخطر بصورة جماعية، والبعد عن الشعارات الحزبية والطائفية والدينية، ونسيان الخصومات والنزاعات السابقة بين الدول العربية.
الولاية القانونية لعمل القوة
الدكتور أيمن سلامة، عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية وأستاذ القانون الدولي بجامعة القاهرة، يؤكد أن الدول العربية التي ستشارك قواتها في هذه القوة يجب أن تتفق على العديد من الوسائل والأمور القانونية التي تنظم عملها الجديد، وتحديد الولاية القانونية لها، مؤكدا لـ”العربية.نت” أن الولاية يجب أن تحدد المهام والواجبات والمسؤوليات وعمل القوة من الناحية الزمانية والمكانية أي الأقاليم العربية التي ستعمل القوة على أراضيها، وهل ستعمل في الدول المشاركة فقط أم تمتد لتشمل الدول غير المشاركة، فضلا عن ضرورة توحيد العقائد العسكرية المختلفة للجيوش العربية، وتوحيد القيادة والتسلسل الدوري للقيادات، ووحدة القرار السياسي للقادة العرب الذين تشارك دولهم في القوة.
وقال إن الأمين العام للجامعة العربية يجب أن يعين مفوضا للقوة يكون حلقة الوصل بين الجامعة والقائد الميداني، إضافة إلى ضرورة تحديد قواعد الاشتباك وتعديلها وفقا للمستجدات العملياتية ومعرفة مدى إمكانية تعاون القوة مع قوات أخرى تابعة لمنظمات إقليمية ودولية خلال العمليات، مؤكدا أن القوة لابد أن يتوافر بها صفة الديمومة، لأنها ستشارك في كافة الأقاليم العربية ومهامها ستختلف كلية عن المهام المكلف بها قوات أخرى، مثل قوات درع الجزيرة والقوات العربية التي خرجت عن قمة الكويت عام 1961 لبنان عام 76.
وقال إن إنشاء القوة يتفق مع قواعد القانون الدولي، وتحديدا المادة 52 من ميثاق الأمم المتحدة التي تنص على أنه ليس في الميثاق ما يحول دون قيام تنظيمات أو وكالات إقليمية تعالج الأمور المتعلقة بحفظ السلم والأمن الدولي ما يكون العمل الإقليمي صالحاً فيها ومناسباً ما دامت هذه التنظيمات أو الوكالات الإقليمية ونشاطها متلائمة مع مقاصد “الأمم المتحدة” ومبادئها.
وأضاف أن إنشاء هذه القوة ليس بدعة بل هناك تجارب مماثلة، ومنها القوة التي أنشأها الاتحاد الإفريقي والتي تتولى مهام حفظ السلام، إضافة إلى القوة التي أنشأتها المنظمة الاقتصادية لغرب إفريقيا “الايكواس”، وساهمت في حفظ السلام ووقف الحرب الأهلية في سيراليون وليبريا.
وقال إن التدخل العسكري في دولة ما يجب أن يكون بقرار من الجامعة العربية أو في حالة أن يكون هناك طلب رسمي من الدولة التي تتعرض للخطر وتحتاج للنجدة.