تعمل دول مجلس التعاون الخليجي في الوقت الراهن، على تعزيز وزيادة استثماراتها في قطاع الطاقة المتجددة، استعدادًا لمرحلة ما بعد النفط، الذي هوت أسعاره لأكثر من ثلثي قيمته على مدار عامين ونصف العام.
وقال مسؤولون وخبراء في قطاع الطاقة، إن “دولًا خليجية عدة اتجهت في الآونة الأخيرة نحو زيادة الاستثمارات في قطاع الطاقة المتجددة، في مقدمتها الإمارات والسعودية، مع سعيهم لتنويع مصادر الطاقة بعيدًا عن النفط”.
ويقدر حجم الاستثمارات العالمية في الطاقة المتجددة بنحو 300 مليار دولار في نهاية العام 2015، بزيادة خمسة أضعاف عما كانت عليه في 2004، وفق تقرير حديث صدر عن وكالة الطاقة المتجددة (آيرينا) والذي توقع ارتفاع الاستثمارات لتبلغ نحو 900 مليار دولار سنويًا حتى 2030.
وقال وزير الطاقة الإماراتي، سهيل المزروعي، إن “بلاده ماضية بقوة في استثماراتها في قطاع الطاقة بشكل عام، والطاقة المتجددة بشكل خاص”، لافتًا إلى أن “السنوات الثلاثين المقبلة ستشهد استثمار أكثر من 700 مليار درهم (190 مليار دولار) في قطاع الطاقة المتجددة وفقًا لاستراتيجية الإمارات للطاقة حتى 2050”.
وأضاف المزروعي في مؤتمر صحفي عقد على هامش مؤتمر للطاقة عقد الأسبوع الماضي، أن “استراتيجية الإمارات تضم خليطًا متوازنًا من مصادر توليد الطاقة”.
وزاد “الخليط يتوزع بواقع 50% من مصادر خضراء منها 44% من الطاقات المتجددة و6% من الطاقة النووية، فيما تأتي نسبة 50% المتبقية من الوقود الأحفوري وتتوزع بواقع 38% من الغاز الطبيعي و12% من الفحم الأخضر”.
وتعطي الإمارات أهمية كبيرة للاستثمار في الطاقة المتجددة، مع سعيها لرفع مساهمة الطاقة النظيفة إلى 50% بحلول 2050، وخفض الانبعاثات الكربونية من عملية إنتاج الكهرباء بنسبة 70% خلال العقود الثلاثة المقبلة.
ووفقًا لصندوق أبوظبي للتنمية (حكومي)، زادت المساعدات الإنمائية التي تقدمها دولة الإمارات في مجال الطاقة المتجددة للدول الناشئة على ما يقارب 900 مليون دولار.
من جانبه، قال وزير الطاقة والصناعة السعودي، خالد الفالح، إن المملكة ستطلق برنامجًا للطاقة المتجددة من المتوقع أن يشمل استثمارات تصل قيمتها بين 30 و50 مليار دولار بحلول 2023.
وأضاف الفالح، متحدثًا خلال مؤتمر أبوظبي، أن المملكة التي تعد أكبر مصدر للنفط في العالم، ستطلق خلال الأسابيع القليلة المقبلة أول جولة عطاءات لبرنامجها الضخم للطاقة المتجددة.
ونوه إلى أن البرنامج يهدف إلى إنتاج 10 غيغاواط من الكهرباء بحلول 2023، وسيشتمل على مشاريع طاقة شمسية وطاقة رياح.
وأشار إن “70% من مرافق المملكة ستعمل بالغاز، مضيفا: “السعودية ستصبح واحدة من الدول الرائدة في الاقتصاد المستدام”.
وقال وزير شؤون الكهرباء والماء في البحرين، عبدالحسين ميرزا، إن المملكة تسعى لإيجاد خيارات مناسبة للطاقة المتجددة وأهمها الطاقة الشمسية وطاقة الرياح.
وكانت البحرين أعلنت أواخر العام الماضي، أن أول مصنعاً لإنتاج الألواح الشمسية سيبدأ عمله في المملكة قريباً بطاقة إنتاجية تصل إلى 60 ألف لوحة شمسية، في خطوة تعزز موقع البلاد في مجال الطاقة المتجددة.
وأضاف ميرزا في المؤتمر أن المملكة وضعت برامج ملموسة لتشريع خطوات توسعة مساهمة الطاقة المتجددة في مزيج الطاقة، بما يضمن مستقبلا آمنا ومستداما للطاقة في البلاد.
وقامت البحرين أخيرا بمشروعات تجريبية للطاقة الشمسية، في الوقت الذي تأمل فيه إقرار تشريعات خاصة تسمح للمواطنين والشركات تزويد الشبكة الحكومية بالكهرباء المولدة من الطاقة الشمسية، إلى جانب إصدار تسعيرة موحدة لشراء الطاقة من المواطنين من أجل حثهم على إنتاج الطاقة في المنازل باستخدام الطاقة المتجددة.
بدوره، شدد مدير عام الوكالة الدولية للطاقة المتجددة “إيرينا” (مؤسسة دولية)، عدنان أمين، على ضرورة زيادة الاستثمارات في قطاع الطاقة المتجددة ومضاعفة المشاريع في كافة بلدان العالم، مؤكدا أن مصادر الطاقة المتجددة تحظى حالياً بشعبية متزايدة على مختلف الأصعدة تقريباً.
وقال أمين إن “تسريع وتيرة التحول في قطاع الطاقة وتوسيع نطاقه في الحد من الانبعاثات الكربونية، سيسهم في الارتقاء بحياة الأفراد، وتوفير فرص العمل، وتحقيق الأهداف التطويرية”.
وأضاف أن “انخفاض التكاليف وتسارع وتيرة الابتكار، ساهم في تحفيز عجلة الاستثمار في هذا القطاع الحيوي، لتدخل بذلك حلول الطاقة المتجددة في صلب مزيج الطاقة حاليًا”.
وأشار إلى أن العالم يشهد مبادرات أساسية في مجال الطاقة المتجددة، منها استثمارات من الصين بنحو 360 مليار دولار.
وقال المدير العام والعضو المنتدب لشركة الكهرباء والماء القطرية الحكومية، فهد بن حمد المهندي، إن شركته تتطلع إلى ترسيخ أطر الاستدامة وتنويع مزيج الطاقة في دولة قطر التي تسعى إلى إنتاج 1.8 غيغاوات من الطاقة الشمسية بحلول 2020.
وأضاف بن حمد أن شركته وقعت أخيرا اتفاقية مع شركة “مصدر” الإماراتية و”نبراس” القطرية، تهدف إلى إقامة علاقة عمل مشتركة بين الجهات الثلاث في مجال تطوير مشاريع الطاقة المتجددة والمستدامة، بحسب “الأناضول”.
وفي ذات السياق، قالت مؤسسة “فروست آند سوليفان”، المتخصصة في البحوث والاستشارات، إن دول الخليج تكثف استثماراتها في الطاقة المتجددة، وتستهدف رفع قدراتها لإنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية بمقدار 50 ضعفاً بين عامي 2015 و2025.
وأضافت المؤسسة، وفق أحدث تقاريرها، أن قدرات توليد الكهرباء في دول مجلس التعاون الخليجي ستنمو بمعدل سنوي مركب يبلغ نحو 3.74% بين عامي 2015 و2025، باستثمارات تقدّر بـ 116 مليار دولار، منها 85 مليارًا في عمليات التوليد و31 مليارًا أخرى في عمليات النقل والتوزيع.