لم أعرف من يكون .. لكن نظراته المصرة حفرت بسؤالي ألف جواب .. ولم أسأله المراد ..
وحين سقطت أولى دمعات الغروب .. مرت على أفقي ومضات ذكريات .. تنبىء بعاصفة بكاء آتية من زمن بعيد .. وعرفت من أين تأتي روافد دمعه الحار ..
فحين نادوا على الركاب للقيام .. غاب في الزحام .. ناسيا كراسه دون يراع .. على مقعد الأيام ..
قرأت آخر صفحات مذكراته .. يقول :
* اليوم رأيتها دون أحلام ..
فسال امامي شريط الأسى ..
واعادني شحوب ابتسامتها
الى بساتين العمر سالفة الربيع ..
هي تلك التي غنينا لها روائع الأشواق ..
تلك التي كانت تعد الخطوات ..
وكأنها تمن بها على الدروب ..
هي تلك التي لم يعرف أحد
سبب بسماتها الدامعة ..
وما قبلت بالمناديل ..
من قلوب غالية الأثمان ..
هي من كانت توشوش البحر
وتجتمع حولها نوارس الغربة
لتضيء الشموع لعيد العشاق
تحملها رسائلا تكتبها لنفسها دون أقلام
وتوقع في زوايا روحها حرفها المجهول
لم نعد نغار من بعضنا حين فداء
ما كان حرفها يبتدىء بأي من أسماءنا
فتلاقينا على ضفاف قبلتها الآمنة
لنبحر الى الحياة حاملين وصاياها بالوفاء
تلك هي من رأيتها اليوم ..
ولا تشبه يوم الوداع ..
عرفتها من وشم صورتها في ذاكرة الروح ..
وشددت الرحيل دون سلام
كي لا تراني استرق الحنين *…
وصحوت من الأحاسيس ذات نداء أخير
خفت ان تفوتني رحلة أخرى الى الشعور
فضممت الماضي .. وأغلقت الكراس …
.