أكَّد رئيسُ المجلس الإسلاميِّ العربيِّ العلاَّمة الدكتور السيد محمد علي الحسيني أنَّه لولا وجود المملكة، وقيادتها الحكيمة، لكان المشروع الإيراني نجح في إسقاط الدول العربيَّة الواحدة تلو الأخرى، وبيَّن أنَّه -بفضل جهود المملكة- جرى إسقاط العدوان الحوثي الإيراني على اليمن، كما جرى حفظ مملكة البحرين عبر درع الجزيرة، والوقوف مع الكويت، ودعم الإمارات، وصمود لبنان حتَّى الآن وحفظ استقراره، وإفشال المخطط الإيراني بإبعاده عن أشقائه العرب، وتغيير هويته بدعم سعودي جلي، أمَّا سوريا فلا تزال تعاني بسبب حجم التدخل الروسي الضخم، وليس الجهد الإيراني الذي بلغ في مرحلة من المراحل حافة اليأس من قدرة بشار الأسد على البقاء. يمكن عرض الكثير من الأمثلة على الدور المحوري للمملكة في حفظ وصيانة الأمن القومي العربي، والأهم -برأينا- هو الموقف السياسي الحازم، والذي لا يقبل القسمة على اثنين، عندما يتعلَّق الأمر بوحدة أي دولة عربيَّة.
الشيعة وطنيون ينبذون الإرهاب الإيرانى
بالتأكيد هم وطنيون، وقد أثبتوا عبر التاريخ وطنيتهم، ولنذكر أن شيعة الكويت نبذوا الإرهاب الإيراني قبل الجميع، كذلك فإن شيعة السعودية لم يرفعوا يومًا شعار الانفصال أو التمرد على أولي الأمر، وكذلك الأمر في البحرين والإمارات. وهنا يجب التمييز بين الأكثرية الساحقة من الشيعة، وبين فئة صغيرة في كل دولة ذات ارتباطات خارجيَّة، ومشروعات أجنبيَّة، تغالي في وصف ما تسميه «مظالم الشيعة» في بلادها، وتدعو للتمرُّد وهذه هي أيضًا مناسبة للتأكيد على أهميَّة وجود مجلس شيعي عربي، فدوره يكمن أيضًا، في إقامة هذا التمييز بين الفئات الشعبيَّة المتمسكة بانتمائها الوطني، والتي ينبغي احتضانها ومواكبتها دينيًّا وفكريًّا وثقافيًّا، بما يعزِّز وطنيتها ويحيمها، وبين الفئة الضالة والمضللة والتي تعمل وفقًا لأجندة خارجيَّة، وهذه لا تعامل إلاَّ بالحزم والشدة.
تدخلات مرفوضة
تدخلات إيران مرفوضة وفقًا لكلِّ الأعراف والمواثيق الدوليَّة، وهي حرب معلنة أحيانًا، وغير معلنة في أحيان أخرى. ولكنَّها حملة تفتيتية تخريبة واحدة، تستهدف نقاط الضعف العربيَّة، في هذا البلد أو ذاك، من أجل شرذمة شعبه، وتفكيك بنيان دولته، تمهيدًا لافتراسه. لقد شهدنا ذلك في أربعة بلدان عربيَّة بشكل علني وواضح، من خلال التدخل العسكري المباشر وغير المباشر، ونشهد على ذلك أيضًا في المجموعات الإرهابيَّة التي ترسلها طهران إلى دول الخليج للتخريب الأمني. عدا عن الجهد الدعائي المكثف الذي يمارسه حكم الملالي لتضليل الشيعة وغير الشيعة ببدعة ولاية الفقيه.
ذرائع إيران للتدخل واهية ووقحة
عن تفسير التدخلات الإيرانية فى المنطقة، وجوار المملكة يقول الحسيني: «المستهدف الأول من هذه التدخلات هو المملكة، وبعد أن حاول الإيراني إضعاف الأمَّة العربيَّة والإسلاميَّة في أطرافها، وخصوصًا في المشرق والمغرب، حاول الانتقال إلى قلب الأمَّة العربيَّة، أي الخليج العربي، من خلال مهاجمة السعوديَّة مباشرةً. ففي البحرين تمَّ تظهير الهدف بكل وقاحة، على أنَّه تاريخيٌّ، بالقول إنَّ هذه المملكة هي محافظة إيرانية، أمَّا في اليمن فلا توجد أي ذريعة دينيَّة أو تاريخيَّة، فالحوثيون ليسوا شيعة، ولا تاريخ مشترك لهذا البلد مع إيران، لا من قريب ولا من بعيد، وقد ظهر جليًّا الهدف الوحيد من السيطرة على اليمن، وبكل صفاقة، وهو استهداف الأراضي السعوديَّة مباشرة، وهذا ما أكَّدته الأحداث.
الشيعة العرب ولاؤهم لبلدانهم
شيعة العرب هم مواطنون، ينتمون إلى الدولة التي يعيشون فيها، ولدينا عراقيون سعوديون وكويتيون وبحرانيون وإمارتيون وقطريون ولبنانيون شيعة.. إلى آخره. وكل فئة من هؤلاء تتبع سياسيًّا إلى دولتها الوطنيَّة، لا فرق بينهم وبين أي مواطن آخر من طائفة أخرى، أو من مذهب مغاير. الانتماء السياسي هو انتماء وطني، ولا يتجاوز حدود البلاد. بهذا المعنى لا حاجة لمرجعيَّة سياسيَّة عربيَّة، فأولو الأمر في بلادنا العربيَّة يقومون بمهامهم على أكمل وجه. نعم.. ونحن كمجلس إسلامي عربي معني بملف الشيعة العرب، نتعاون وننسق مع الشيعة العرب في أوطانهم، ونعمل لما فيه خير وصلاح لها، وبذلك نتفاعل ونتكامل ونتشاور مع الحكومات العربيَّة؛ لنكون يدًا واحدةً دائمًا.
نتصدى لتسييس الحج ومرجعيتنا عربية
أمَّا الحاجة إلى مرجعيَّة دينيَّة عربيَّة، فلابدَّ من الاعتراف بخصوصيَّة ما للشيعة في كل دولة عربيَّة، تميزهم عن مواطنيهم الآخرين، وهذا ليس خلافًا بقدر ما هو تنوّع وتعدّد يغني المجتمع الإسلامي ولا يضره. فإذا ما تداخل السياسي بالديني في مجتمع ما، مثل المجتمع العربي، وخصوصًا إذا استمع البعض من هؤلاء الشيعة إلى الدعاية الخارجيَّة التي تريد تسييس الدين كمناسك الحج، وتجعله سياسيًّا، يتوجَّب علينا التصدِّي كمجلس إسلامي عربي بصفتنا المرجعيَّة العربيَّة لنقدِّم النصائح والتوجيهات، ونمنع من دخول البدع والتحريف والتشويه والدعاية الخارجيَّة من التسلل، وإذا حصل الاختراق يجب مجابهته دينيًّا وفكريًّا وسياسيًّا هذه المرجعيَّة لا تعمل وفقًا لأجندة خارجيَّة، كما تعمل مرجعيَّات أخرى غير عربيَّة، وإنَّما نحن بما نمثل نعمل بالتنسيق والتشاور والتكامل مع الحكومات العربيَّة وأولي الأمر. ومهمَّة المرجعيَّة الدينيَّة العربيَّة الأساسيَّة تثبيت الانتماء الوطني لشيعة العرب أينما وجدوا.
المجلس الإسلامي العربي يجمع الأطياف الرافضة لولاية الفقيه
هذا المجلس مطلوب وموجود وهو المجلس الإسلامي العربي، وهو الإطار الجامع لكلِّ الشخصيَّات الشيعيَّة العربيَّة الرافضة لولاية الفقيه، فالجهود الفرديَّة تضيع هباءً في المواجهة إذا كان الطرف الذي تواجهه قويًا بحجم دولة مثل إيران، لديها دولة ومنظومة دعائيَّة وفكريَّة وسياسيَّة وثقافيَّة، عدا عن القوة الاقتصاديَّة والعسكريَّة والأمنيَّة كما تضعف محاولات التصدِّي إذا كانت مشتتة غير منتظمة. فإذا كان المشروع المعادي منظمًا وممنهجًا، ينبغي الرد بنفس المستوى، وبالطريقة نفسها.