أعربت أحزاب جزائرية معارضة عن مخاوفها من تزوير الانتخابات البرلمانية التي تُجرى الخميس المقبل، وحذرت من أن تسجيل خروقات تؤثـر على السياق العام للاستحقاق التشريعي ستكون عواقبه هذه المرة وخيمة على الجزائر واستقرارها وربّما وحدتها، في إشارة إلى ما يتردد عن توجّه حزب جبهة التحرير الوطني الحاكم إلى اكتساح البرلمان الجديد.
ويحتفظ الجزائريون بذكريات مع تزوير الانتخابات التشريعية، بدءًا من الاستحقاق الشهير في العام 1997 وشهد اكتساحًا لحزب التجمع الوطني الديمقراطي بعد شهرين فقط من تأسيسه في عهد الرئيس السابق اليمين زروال.
ويقول سياسيون إن صقور المؤسسة العسكرية المتحكمة وقتها بمفاصل الدولة، هم من أوعزوا بإنشاء حزب جديد وسخروا له الإمكانيات كافة للفوز وحصد أغلبية المقاعد، وهو حاليًا يحتل مركز القوة السياسية الثانية في البلاد بقيادة مدير ديوان الرئاسة أحمد أويحيى.
وقال رئيس حركة مجتمع السلم عبد الرزاق مقري(إسلامي) في بيان شديد اللهجة وصل”إرم نيوز” نسخة منه، إن المؤسسات التشريعية الحالية معطوبة الشرعية والهيئات التنفيذية المنبثقة عنها لن تستطيع مواجهة التوترات الاجتماعية المتوقعة التي ستلي الأزمة الاقتصادية التي بات المسؤولون أنفسهم يعترفون بوجودها في ظل ظروف إقليمية ودولية خطيرة.
وأشار مقري إلى تسجيل “تجاوزات غير مقبولة حدثت في بعض المحافظات أثناء الحملة الانتخابية من أحزاب الموالاة وبعض القوائم وعلى مستوى الخرجات الحكومية في هذا الوقت غير المناسب من تدشين للمشاريع وتوزيع للسكنات واستخدام لمقدرات الدولة”.
ودعا السلطة الحاكمة في الجزائر إلى توفير شروط وضمانات شفافية ونزاهة الانتخابات، وتحملها المسؤولية كاملة تجاه آفة التزوير بكل أشكاله الظاهرة والخفية، واحترام إرادة الشعب وحماية أصواته، كما حثّت جميع المراقبين والمشرفين إدارياً وقضائياً وكل مسؤول له علاقة بالانتخابات إلى الاستجابة لضمائرهم وعدم الخضوع للضغوط أو المصالح والعلاقات الشخصية.
تطيمنات حكومية
وردّ وزير الداخلية الجزائري نور الدين بدوي على هذه “الانشغالات” بأن الحكومة حرصت على توفير أجواء من المنافسة الشفافة والنزيهة لانتخابات البرلمان، متعهّدًا باستدراك “كل الهفوات والاختلالات” المسجلة في القوانين المنظمة للانتخابات بوتيرة “سريعة” وهذا تحضيرا للاستحقاقات القادمة.
وذكر عضو الحكومة الجزائرية، أن رئيس البلاد عبد العزيز بوتفليقة أمر بتسخير كل الإمكانيات البشرية والمادية لضمان انتخابات شفافة ونزيهة، من خلال جعل المواطن الجزائري يكرس مواطنته بواسطه أدائه لواجبه الانتخابي.
وهاجم بدوي، “دعاة المقاطعة” الذين يبثون خطابات الرفض عبر وسائط التواصل الاجتماعي، محاولاً تهوين حجم تأثيرهم على سلوك الناخبين وموجهًا انتقادات لاذعة إلى “أطراف” تقود حملة مضادة للتحسيس بجدوى التصويت واختيار النواب الجدد.
وقال المسؤول ذاته، إنه يجري حاليًا حصر “الأخطاء” المسجلة لتجنبها خلال إجراء الانتخابات البلدية التي تجرى الخريف المقبل وبعدها الانتخابات الرئاسية في أبريل/نيسان 2019 تاريخ نهاية الولاية الرابعة للرئيس الحالي عبد العزيز بوتفليقة.
تفاؤل حذر
وأعرب وزير الداخلية عن تفاؤل رسمي “حذر” بتسجيل نسبة مشاركة واسعة في الانتخابات التشريعية التي تجرى الخميس لاختيار ممثلي سادس برلمان منذ فجر التعددية الحزبية بموجب دستور 1989.
ولفت إلى تسجيل نحو 800 ألف شاب جديد في قائمة الناخبين خلال آخر عملية لمراجعة لوائح الانتخابات التي تمّت في شهر فبراير/شباط الماضي، داعيًا الجزائريين كافة إلى التوجه بكثافة يوم الاقتراع لاختيار نواب يرافعون لانشغالاتهم داخل البرلمان.
واعتبر أن “الذهاب بقوة لصناديق الاقتراع يهدف لإعطاء قوة للمؤسسات الدستورية”، موضحًا أنه “لا يُمكن لأي إصلاحات أن تتجسد ميدانيا دون مشاركة المواطن”.
واتهم أطرافًا لم يُسمّها بالعمل على إحداث فراغ مؤسساتي في الجزائر من خلال “تفويت” الفرصة على انتخاب برلمان يحوز على شرعية شعبية.