تسهب الأوساط الدبلوماسية الخليجية هذه الأيام في التساؤل بشأن أهداف جهود قطرية حثيثة لدق إسفين في العلاقة بين رأسي الحربة في التحالف العربي الداعم للشرعية في اليمن، السعودية والإمارات، لصالح إخوان اليمن، المتحالفين تاريخيا مع الدوحة.
المتابعون للشأن اليمني، والعارفون بدهاليز السياسة القطرية المتداخلة، والتي يحظى فيها الإخوان المسلمون بمكان الصدارة، مع نظرة براغماتية بحتة، رصدوا عدة أساليب تتبعها الدوحة بوتيرة متسارعة لتنفيذ مخططها، تتراوح بين الحملات الإعلامية الشرسة التي تروج لخلاف مزعوم بين السعودية والإمارات، إلى محاولة تشجيع أطراف في الحكومة اليمنية الشرعية على تقويض جهود تطبيع الحياة في المناطق اليمنية وفق حسابات سياسية دقيقة.
حملة إعلامية شرسة
ووفقا لمصادر ديبلوماسية خليجية فإن الدوحة جندت آلتها الإعلامية الضخمة، للتشويش على عمل التحالف في اليمن، من خلال تقارير وبرامج تتناوب على الحديث عن تضارب الأجندات السعودية الإماراتية، وهو كلام رد عليه البلدان في أكثر من مناسبة بأن “علاقتهما ذات طابع إستراتيجي، لا مجال فيه لمثل هذا التناقض”.
ويبدو الموقف القطري أكثر وضوحا في المجلس الانتقالي الجنوبي، إذ جندت الدوحة كل وسائلها الإعلامية لمهاجمته، معتبرة أنه انقلاب من أبوظبي على الشرعية، في حين أن العارفين بتاريخ الحراك السياسي في جنوب اليمن، يعرفون أنه تطور طبيعي لمجريات الأحداث هناك وربما تأخر بعض الوقت؛ من أجل ترتيب الأولويات وفقا للمصادر.
وتضيف المصادر حين كان اليمنيون يتظاهرون في عدن للمطالبة “بحقوقهم العادلة، معلنين تمسكهم بالشرعية” كان الإعلام القطري يصور الموقف على أنه انقلاب ضد هادي.
وبينما كانت الرياض وأبوظبي تعملان على “رأب الصدع بين القوى الجنوبية والسلطات الشرعية” كانت الماكينة الإعلامية القطرية تعمل على تضخيم الأزمة بحسب المصادر.
وتضيف المصادر أنه على عكس ما تم الترويج له من قبل الإعلام القطري، أثبتت القيادات الجنوبية قدرتها على الوصول إلى حلول مرضية مع السلطات الشرعية، بعد أن أثبتت أهميتها على أرض المعركة ضد الحوثيين.
تعطيل الخدمات
وتلفت المصادر إلى أن الدور القطري المناهض لسياسة التحالف لم يقتصر على الجانب الإعلامي، فقد كان للخدمات التي تمس حياة المواطنين، نصيب من هذه السياسة.
وتشير المصادر في هذا الصدد إلى غياب قطر التام عن مؤتمر المانحين الذي عقد مؤخرا لدعم اليمن، بينما كانت السعودية والإمارات والكويت حاضرة إلى جانب العديد من الدول الأجنبية التي تبرعت لدعم الشعب اليمني.
ورغم أن إعلام الدوحة قام في وقت سابق بحملة كبيرة للترويج لافتتاح محطة كهرباء في عدن بتمويل قطري، إلا أن النتائج كانت “هزيلة”، إذ لم تر المحطة النور بعد؛ ما أحرج السلطات الشرعية ودفعها إلى احتجاج نادر على عضو في التحالف بحسب المصادر.
وكشفت رسالة تناقلها الإعلام اليمني أن وزير الكهرباء اليمني المهندس عبدالله محسن الأكوع خاطب المدير العام لصندوق قطر للتنمية، عن “إيقاف دولة قطر منحة كان من شأنها معالجة انقطاعات التيار الكهربائي، متسببة في إحراج كبير للحكومة الشرعية”.
وأظهرت الرسالة أن دولة قطر هي المتسبب الحقيقي بتأخير دخول الـ(60) ميجا الموعودة ضمن طاقة كهرباء عدن.
وجاء في الرسالة أن هناك “تأخيرًا غير مبرر للشركة التركية ” لتشغيل المشروع القطري لإدخال 60 ميجا إلى طاقة كهرباء عدن”.
وتتحمل قطر، حسب توزيع المهام لمكتب التنسيق الخليجي، ملف الكهرباء بعدن، وهو الملف الأكثر فشلًا في ملفات الخدمات والأكثر أهمية لسكان المدينة وفقا للمصادر.