فاجأ رئيس حركة مجتمع السلم أكبر أحزاب المعارضة الإسلامية في الجزائر، الشارع الجزائري بتقديم المباركة والتهنئة لرئيس الوزراء الجديد عبد المجيد تبون ليكون بذلك أول حزب سياسي يهنئ خليفة عبد المالك سلال بمهامه الحكومية، في سلوك لافت بعد رفض “الإخوان” المشاركة في التشكيل الوزاري خلال المشاورات التي أدارها قبل أيّام رئيس الوزراء المغادر.
وقال عبد الرزاق مقري في خطابٍ وجهه إلى رئيس الحكومة الجديدة عبد المجيد تبون، إن حزب “مجتمع السلم” سيؤدي “دوره الدستوري والقانوني تجاه الحكومة الجديدة كمعارضة سياسية مسؤولة وذات مصداقية، تعتمد على النقد البناء ومحاربة الفساد والنصيحة وتقديم الأفكار والبدائل والتعاون مع الجميع بما يحقق مصلحة الجزائر أولا وآخرا”.
فيما اعتبر قيادي إسلامي آخر أن خطوة مقري تؤشر على مخاوف للإخوان من خطوات انتقامية من طرف السلطة الحاكمة بعد رفضهم المشاركة في الحكومة الجديدة بمبرر “عدم شرعية الانتخابات التشريعية وعدم استعداد نظام بوتفليقة للتغيير والتفاوض مع المعارضة وفق حوار بناء وجاد”.
وقال المتحدث إن قادة حركة مجتمع السلم تلقوا رسائل “تهديد” من طرف جهات نافذة في السلطة، بعد رفضهم الخروج من المعارضة والدخول إلى الحكومة، إثر العرض الذي قدمه لهم بوتفليقة عن طريق رئيس الوزراء السابق عبد المالك سلال.
وأوضح المصدر نفسه أن نظام الرئيس عبد العزيز بوتفليقة “تعوّد على توجيه ضربات قاصمة لأحزاب سياسية ترفض التعاطي مع سياساته، مثل إطاحته سابقًا برئيس حكومته علي بن فليس من قيادة حزب جبهة التحرير الوطني وقبله أطاح بأمينها العام بوعلام بن حمودة دافعًا إياه للاستقالة الجبرية، وكذلك اشتكى القيادي الإسلامي المعارض عبد الله جاب الله من تعرضه للإطاحة من قيادة حزبيه السابقين وهما حركة النهضة وحركة الإصلاح الوطني”.
وما زال بعض قياديي “حمس” يضغطون عليها لتطليق جبهة المعارضة والعودة إلى السلطة التي غادرتها في مايو/أيار 2012 بسبب خلافاتها مع شريكيها في التحالف الرئاسي آنذاك وهما جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي، لكن الاستمرار في نهج معارضة حكم بوتفليقة قرار فصل فيه مجلس الشورى الإسلامي لحركة مجتمع السلم.
وأرسل عبد الرزاق مقري إشارات “إيجابية” نحو التواصل مع حكومة رئيس الوزراء الجديد عبد المجيد تبون، منتقدًا في الوقت ذاته سلفه “سلال” الذي فشل –بحسبه- في الحوار مع الشركاء الاقتصاديين والاجتماعيين والسياسيين لتجاوز الأزمة القائمة والأزمات المتوقعة بدل القرارات الفوقية وفرض الأمر الواقع.
ورأى “مقري” أن حصيلة الحكومة السابقة “سلبية على حاضر الجزائر ومستقبلها بالنظر لعجزها في توظيف الفرص التمويلية الضخمة والظروف السياسية والمجتمعية الرائعة التي أتيحت للسلطات القائمة إذ أصبحنا اليوم أمام أزمة كبيرة قد تكون آثارها صعبة على الشعب الجزائري واستقرار البلد”.
وأبرز مسؤول الحزب السياسي المعارض أن “الأزمة الجزائرية القائمة وحالة الإخفاق الواضحة لا تعالج بتغيير الأشخاص فقط، بل على الأخص بتغيير طريقة الحكم وثقافة الحاكم وبوجود رؤية قادرة على تحقيق الانتقال الاقتصادي والانتقال السياسي وذلك لن يتحقق إلا بالتدافع الديمقراطي الذي يضمن الرقابة على الشأن العام”.