عانى سكان مدينة الرقة السورية على مدى 3 سنوات من حكم تنظيم “داعش” الإرهابي، وقواعده الصارمة واعتداءاته الوحشية ما منعهم من ممارسة حياتهم الطبيعية.
منذ سيطرة التنظيم على الرقة في 2014، بات التواصل مع السكان مهمة صعبة في منطقة محظورة على الصحفيين. وتمكنت وكالة “فرانس برس” من مقابلة مواطنين فضلوا استخدام أسماء مستعارة، عبر حملة “الرقة تذبح بصمت”، التي تنشط سرا في المدينة، وتوثق انتهاكات وممارسات التنظيم.
سامي (24 عاما) وريما (22 عاما)، وقعا ضحية الأحكام المتشددة للتنظيم، وبات عليهما الاكتفاء بالرسائل المكتوبة أو تبادل النظرات سريعا وعن بعد.
ويتذكر سامي كيف بدأت معاناته مع ريما، التي تعرّف بها وأحبها عام 2011. فيقول: “كنا نلتقي ونتحدث في الشارع، ونجلس معا في أي مكان عام. لكن كل شيء تغير، وبتنا نخاف من دوريات “داعش”، وقبلها جبهة النصرة”.
ويضيف: “لم يبق شيء لم نقم به. كنا نكتب رسائل ونرسلها عن طريق الصبية الصغار”. ثم وجد سامي وريما خطة أخرى، فكان يسبقها، على سبيل المثال، إلى مقهى إنترنت، ويبعث لها رسائل إلكترونية. وبعد يومين تزور هي أيضا أحد مقاهي الإنترنت لتتمكن من فتح بريدها الإلكتروني، وتلقي الرسائل على هاتفها.
ويقتصر وجود الإنترنت في الرقة على مقاه معدودة، بعدما قطع تنظيم “الدولة الإسلامية” خدمة الإنترنت عن المنازل والمحال منذ فترة طويلة. ويروي سامي خططا أخرى لجأ إليها وحبيبته، فيقول: “تخبرني مثلا أنها ستخرج من المنزل في وقت محدد. فنتفق على أن نلتقي في أحد المتاجر. تدخل هي لشراء بعض الأغراض، من دون أن ترفع الغطاء عن وجهها، وآتي أنا ونتكلم قليلا، قبل أن يدخل علينا “داعشي” يخرّب كل شيء”.
وفي إحدى المرات، كان حظهما سيئا جدا، حيث خرجت ريما من منزلها، وأتى سامي بدوره ليراها من بعيد. لكن عناصر التنظيم أوقفوا ريما بحجة “أن لباسها غير شرعي”، ولم يكن باستطاعة سامي حتى الدفاع عنها.
يقول: “غضبت، ولم أتجرأ على الكلام. أردت أن تنشق الأرض وتبتلعني… انهمرت دموعي، وكانت تؤشر لي ريما بيديها ألا اقترب منهم. تمنيت الموت وقتها”.
أراد سامي الذي يعمل حاليا في أحد محال البقالة، بعدما كان طالبا جامعيا، أن يتزوج ريما ويتخلص من هذا العذاب. لكن شرط عائلتها كان مغادرة الرقة، وهو ما لم يتمكن بعد من القيام به.