الجرم المشهود بطريقة الجمهورية الاسلامية الايرانية

استخدم الولي الفقيه للنظام الايراني خامنئي في وسط شهر رمضان المبارك من هذا العام أمام جمع من نخبة من عناصره تعبيرا عسكريا تحت عنوان «الرمي الحر» ليطلق أيدى عناصره للهجوم. ومضى ثلاثة أسابيع على صدور أمر «الرمي الحر» الذي أثار نقاشات عديدة داخل النظام. كما وفي خارج النظام دارت نقاشات كثيرة حول ذلك أيضا. فمجمل التعليقات تفيد أن بعد مسرحية الانتخابات الرئاسية للنظام، ولكون خامنئي لم يفلح في تنصيب ابراهيم رئيسي المرشح المفضل لديه الى كرسي الرئاسة، لجأ الى استخدام هذا التعبير ليكشر عن أنيابه أمام روحاني.

ومثلما كان يتوقع فان تداعيات استخدام هكذا تعابير لم تكن متداولة في العرف السياسي، ستثير فوضى وهذا ما شهده واقع مشهد النظام الايراني عمليا.

ففي آخر جمعة من شهر رمضان المبارك (23 حزيران) حيث سماه نظام ولاية الفقيه بـ «يوم القدس» ويجر عناصره الى الشوارع وصلوات الجمعة، بهدف استعراض للقوة، قد أبرزت الفوضى الناجمة عن «الرمي الحر» تآثيرها بأبلغ صورة ممكنة حيث دخلت العناصر المطيعة لأمر خامنئي الميدان ليطلقوا شعارات «الموت للملا الأمريكي» و «الموت للكذاب» وبذلك استهدفوا روحاني. وهكذا اضطر الملا روحاني الذي واجه شعارات البطلجيين الحزب اللهين الى الهروب من الساحة. وكان الافراد الذين يرددون الشعارات، هم من جهة منظمة لم يواجهوا أي رد من قبل قوى الأمن الداخلي مما اضطر أفراد حماية روحاني الى تهريبه بالسيارة من المشهد.

وأورد تقرير لوكالة «مهر» الحكومية أن المدعي العام في طهران عباس جعفري دولت آبادي، قال بخصوص موضوع الاساءة الى رئيس الجمهورية في مسيرة يوم القدس: الادعاء العام في طهران يدخل في الموضوع مثل سائر الحالات التي ملتزمة بها قانونيا ولكون كانت الحالة جرما مشهودا، وحصلت أمام مرأى رجال الشرطة، كان على الشرطة رفع تقريرها الى الادعاء العام. اضافة الى ذلك، قال المدعي العام للنظام محمد جعفر منتظري هو الآخر بهذا الصدد انه من المقرر أن تدخل النيابة في طهران وعدلية طهران بشأن ملف حادث الاساءة الى رئيس الجمهورية في يوم القدس، وتقدم وزارة الداخلية وقوى الأمن الداخلي مستنداتها.

وفيما يخص ما يسمى بـ «الجرم المشهود» الذي استخدمه المدعي العام في طهران، ينبغي الايضاح أن هذا المصطلح هو مصطلح جزائي ورد في قوانين الجزاء وكتب حقوق الجزاء. انه باختصار كل ما ارتكبه شخص من مخالفة للقانون على المرأى العام وأمام أعين رجال الشرطة وضابطي العدل.

الجرم المشهود له مصاديق متنوعة منها ما يحصل من عمل اجرامي أمام أعين الشرطة مما يتطلب عملا سريعا ولا حاجة الى مراعاة الترتيبات المعمول بها فيما يخص جرائم غير مشهودة التي تتنافى مع سرعة العمل. ولهذا السبب فان صلاحيات المأمورين للكشف وملاحقة الجريمة لحفظ الآثار والآدلة للجريمة ومنع افلات المتهم في الجرائم المشهودة أوسع من الجرائم غير المشهودة.

وقال الملا عبدالله نوري وزير الداخلية الأسبق للنظام في ولاية خاتمي فيما يخص الاساءة الى روحاني: «من الغريب أن هكذا وقائع لا تحصل لمدافعي الحكم. أليس اولئك الذين تجاسروا على تعامل هكذا مع رئيس السلطة القضائية،… من جملة طيف الافراد الذين شنوا هجوما على السفارة البريطانية وفي يوم آخر أضرموا النار في السفارة السعودية ولديهم القدرة بالعبث بالتصريحات والكونسيرتات والاخلال فيها؟ فكيف أن جمعا خاصا يشعر بأنه لا حاجة الى السلطات الثلاث لتنفيذ مآربهم؟ انهم يرون أنفسهم مشرعين وكذلك منفذي القانون وكذلك قاضي المحكمة» (وكالة أنباء ايلنا الحكومية وهمدلي 24 حزيران).

السؤال الأساسي هو لماذا حصل هكذا وضع، ولم يتخذ الادعاء العام للنظام وكذلك عدلية طهران التي ارتكب الجرم المشهود في منطقتهما القضائية وكذلك عناصر قوى الأمن الداخلي الحاضرين في الميدان، أي خطوة وبقي المهاجمون المسيئون في المشهد محميين بـ «رجال القانون والقضاء» حتى يرغم رئيس السلطة القضائية على مغادرة الميدان؟

ان الاجابة الحقيقية وبعيدا عن كل التزويقات والتمويهات، هي أن هذه الحركة هي حركة منظمة جاءت تطبيقا لأمر خامنئي فيما يخص «الرمي الحر» الفوضوي.

ولكن الواقع الذي لا يقبل الكتمان، هو أن الجرائم المشهودة ترتكب منذ قرابة 40 عاما في نظام يسمي نفسه الجمهورية الاسلامية وفي كل أيامه وبأمر من الولي الفقيه وقادة النظام منها: الاعتداء على النساء والفتيات تحت عنوان سوء الحجاب ورش الأسيد على وجوههن، والاعتداء على الباعة المتجولين، ومهاجمة المتظاهرين والمحتجين والاعتداء عليهم بالضرب المبرح والقمع السافر الذي يطال الطلاب والهجوم على من ينامون في الكراتين وتحت الجسور وجلد الناس بذريعة المجاهرة بالافطار وعشرات الحالات الأخرى للجريمة المشهودة ولكن لا يرفع أي صوت احتجاج من قبل رجال الحكومة ومنهم روحاني نفسه.

نعم، هذا هو منطق التاريخ، كل من يزرع الريح يحصد العاصفة. خامنئي وروحاني يجب أن ينتظروا يوما يطوي الشعب والمقاومة الايرانية صفحة كل النظام القروسطي الذي يمارس منذ قرابة 40 عاما القمع والاضطهاد والتنكيل بحق الشعب وأن يتم رمي نظامهما في مزبلة التاريخ.

الحالات الحقيقية للجرائم المشهودة التي لم يتم النظر فيها اطلاقا في الجمهورية الاسلامية هي:

رش الأسيد والجلد وبتر أصابع اليد وفقء العين

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *