نعم لإسلام النبي والآل والصحابة

 . 

 
لا شك أنّ الهدم ليس كالبناء، لأنّه أسهل مايكون، فهو لا يحتاج إلى ذلك الجهد والعمل والوقت وانّما يمكن إتمامه في أسرع وقت ممكن، وعلى سبيل المثال لا الحصر، لو قمنا بتشييد عمارة من 20 طابقا، فكم سنحتاج إليه من الوقت والجهد والإمكانيات والأموال لإكماله؟ ثم لو أردنا هدم عمارة من 20 طابقا، فكم سنحتاج من الوقت والجهد والعمل؟.
من المؤكد جدا أنَّ الفرق شاسع جدا بين الحالتين بحيث لا يمكن مقارنتهما.
عندما قمنا بتأسيس المجلس الإسلامي العربي في لبنان، فإن الهدف لم يكن هدفاً مرحلياً وتكتيكياً من أجل أغراض وأهداف محددة وإنّما كان أبعد من ذلك بكثير، فقد جاء تأسيس المجلس في خضم أوضاع وظروف غير مسبوقة من حيث التناحر والانقسام والاختلاف الطائفي والمذهبي الذي لم نشهده خلال التأريخ المعاصر، وقد كان الهدف والغاية الاساسية من وراء تأسيس هذا المجلس هو العمل باتجاه توحيد الأمة الإسلامية ولم شملها وقطع دابر الفرقة والاختلاف، يومها جوبهنا باعتراضات وحالات رفض متباينة دعتنا الى التخلي عن هذا النهج واختيار ماهو دارج ومطروح على الساحة، ولأننا قد أدركنا بأن المطروح على الساحة لا يمكن أن يتجاوب ويتطابق مع ما نؤمن به من اتجاه توحيدي بين أبناء الأمة الإسلامية، فإننا مضينا على ماقد رأيناه الأفضل لنا ولأمتنا.
عندما تشرفنا منذ أيام بزيارة الحضْرة النّبوية الشريفة وتنسمنا نسائم العبق المحمدي الشريف وتشرفنا بزيارة صاحبيه أبي بكر وعمر وترضينا عليهما، فوجئت بأن ماقد أقدمت عليه قد أثار حفيظة البعض من الشيعة المتطرفين بلْ إنّ رهطا منهم أقام الدنيا ولم يقعدها وتعرض لي بالسب والشتم والتهديد والوعيد وكأنّني خرجت عن الإسلام والعياذ بالله أو جئت بأمر بالغ القبح والشناعة وتناسى هؤلاء أو بالأحرى يتناسون ويتعمدون التجاهل لأسباب مختلفة أن الإسلام قد قام على عمل وجهد الرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم وعلى جهد أصحابه الميامين وعندما نتصدى لأي بحث أو دراسة أو أي أمر آخر من هذا القبيل بشأن الإسلام، فإننا نضع نصب أعيننا دائما بدايات انطلاق الإسلام و كيف أنّ النّبي الأكرم وأصحابه عانوا الأمرين من أجل جعل الإسلام أمرا واقعا.
النفخ في القرب الطائفية المثقوبة -المثقوبة حقا-، والسعي للإصرار والتأكيد على الركائز الواهية والمفتعلة لاختلاف الأمة الإسلامية واستحالة وحدتها واتفاقها على كلمة وموقف واحد جامع، كان للأسف ولايزال هم قطاع ملفت للنظر من الشيعة والسنة المتطرفين الذين يريدون تشويه وتحريف التاريخ المجيد للإسلام وفرض أفكار ومفاهيم متعارضة و متناقضة قلبا وقالبا مع الأفكار والمفاهيم التي كانت مطروحة خلال عهد الخلفاء الراشدين وبالأخص خلال عهد الخليفة الإمام علي أبن أبي طالب وما يمكن استخلاصه واستشفافه من عهد الخلفاء الراشدين هو أنّ كلمة الإسلام ومصلحته العليا كانت فوق كل اعتبار وهذا الدرس البليغ الذي يبدو أن الكثيرين لم يفهموه ولم يستوعبوه كما يجب، فظلوا يرددون أفكارا ورؤى ومفاهيما لا تتفق البتة مع الأفكار والتوجهات الإسلامية الأصلية التي تم طرحها خلال بدايات الإسلام.
النبي الأكرم صلى الله عليه واله وسلم، قد انطلق بالدعوة ومعه أصحابه وعلى رأسهم، أبو بكر الصديق وعمر الفاروق وعثمان ذو النورين وعلي بن أبي طالب عليه السلام، ومضوا معا وصبروا وتحمّلوا وجاهدوا معا وتصاهروا وتوفوا معا ودفن النبي ومعه صاحبيه أبو بكر وعمر معا.
فبفضل النبي والآل والصحابة وصل إلينا الإسلام وبهم ومعهم تشكلت وتحققت الوحدة الإسلامية.
إنّ ماقد قمنا به من السلام على النبي وأصحابه والترضي عليهم هو أقل الواجب علينا كمسلمين وإنّ ماقد قام به بعض من الجهلاء من رد علينا بالسب والشتم وهم يدعون الإسلام واتباع أهل البيت، في حين أن أهل البيت لم يسبوا يوما ولم يشتموا بل إن موقفهم من الصحابة يمكن استخلاصه واستشفافه من الأقوال والأحاديث الشريفة التي ندرجها أدناه من أجل التأكيد على أنّنا لم نقم بما قمنا به عن جهل ودون علم مسبق، من أن الإسلام قد بني على أيادي النبي الأكرم والصحابة، ليس هناك إطلاقا أي تعارض أو تضاد بين نهج الأئمة عليهم السلام وبين نهج الصحابة رضي الله عنهم أبدا فكلاهما ينطلق وينبعث من مشكاة واحدة.
قال علي أبن أبي طالب»ع» من على منبر الكوفة: «لا أوتى برجل يفضلني على أبي بكر وعمر إلا جلدته حد المفتري» الكشي: ترجمة رقم: (257)، معجم الخوئي: (8/153، 326)، الفصول المختارة 127 والرواية متواترة وصححها الخوئي وقال عنها شيخ الطائفة أنّه قد قالها على تقية ولا أعلم كيف يقول على تقية وهو خليفة المسلمين في منبر الكوفة يا ترى مما كان يخاف وهو أمير المؤمين؟
جاء رجلٌ إلى أمير المؤمنين «ع» فقال: سمعتك تقول فى الخطبة آنفا: اللهم أصلحنا بما أصلحت به الخلفاء الراشدين، فمن هما؟ قال: حبيباي وعماك أبوبكر وعمر، إماما الهدى، وشيخا الإسلام، رجلا قريش، المقتدى بهما بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، من اقتدى بهما عصم ومن اتبع آثارهما هدي إلى صراط مستقيم، «تلخيص الشافي تأليف الشيخ الطوسي 2/428.
قال الإمام الحسن العسكري في تفسيره مبينا منزلة الصحابة الكرام عندما سأل موسى عليه سلام الله بضع أسئلة – منها قوله: .. هل في صحابة الأنبياء أكرم عندك من صحابتي قال الله عز وجل: يا موسى أما علمت أن فضل صحابة محمد على جميع صحابة المرسلين كفضل آل محمد على جميع آل النبييين وكفضل محمد على جميع المرسلين تفسير الحسن العسكري ص 11 عند تفسير سورة البقرة.
وقال الإمام علي»ع» في مدح الشيخين أبي بكر وعمر رضي الله عنهما وكان أفضلهم في الإسلام كما زعمت وأنصحهم لله ولرسوله الخليفة الصديق والخليفة الفاروق ولعمري أن مكانهما في الإسلام لعظيم وإن المصاب بهما لجرح في الإسلام شديد رحمهما الله وجزاهما بأحسن ما عملا شرح نهج البلاغة للميثم 1/31.
ويقول علي بن أبي طالب «ع» وهو يذكر بيعته لأبي بكر:.. فمشيت عند ذلك إلى أبي بكر فبايعته ونهضت في تلك الأحداث حتى زاغ الباطل وزهق وكانت كلمة الله هي العليا ولو كره الكافرون فتولى أبو بكر تلك الأمور فيسر وسدد وقارب واقتصد فصحبته مناصحا وأطعته فيما أطاع الله فيه جاهداً الغارات للثقفي جـ2 ص 305،307.
ويروي المجلسي عن الطوسي رواية موثوقة عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنّه قال لأصحابه: أوصيكم في أصحاب رسول الله، لا تسبوهم، فإنّهم أصحاب نبيكم، وهم أصحابه الذين لم يبتدعوا في الدين شيئا، ولم يوقروا صاحب بدعة، نعم! أوصاني رسول الله في هؤلاء . [«حياة القلوب للمجلسي» ج2 ص621].
ويقول الإمام الرابع عند الإثني عشرية وهو علي بن حسين يجيب كما روى علامتهم علي بن أبي الفتح الأربلي في كتابه كشف الغمة في معرفة الأئمة عن علي بن الحسن أنه: قدم عليه نفر من أهل العـراق فقالوا في أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم، فلما فرغوا من كلامهم، قال لهم: ألا تخبروني أنتم (المهاجرون الأولون الذين أخرجوا من ديارهم وأمـوالهم يبتغون فضلا من اللـه ورضوانا وينصرون الله ورسوله أولئك هم الصادقون)؟ قالوا: لا، قال: فأنتم (الذين تبوأوا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة)؟ قالوا: لا، قال: أما أنتم قد تبرأتم أن تكونوا من أحد هذين الفريقين وأنا أشهد أنكم لستم من الذين قال الله فيهم (والذين جاؤوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا) أخرجوا عني فعل الله بكم كشف الغمة جـ2 ص 291 تحت عنوان فضائل الإمام زين العابدين . دار الأضواء ـ بيروت ـ ط. 1405هـ ـ 1985م.
أورد أبو النصر محمد بن مسعود المعروف بالعياشي في تفسيره لقوله تعالى (إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين) رواية تنفي النفاق صراحة عن صحابة النبي صلى الله عليه وسلم، رواها عن محمد الباقر وهو خامس الأئمة الاثني عشر المعصومين عند القوم: فعن سلام قال: كنت عند أبي جعفر عليه السلام فدخل عليه حمران بن أعين فسأله عن أشياء – إلى أن قال محمد الباقر – أما إن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا: يا رسول الله تخاف علينا النفاق، قال: فقال لهم: ولم تخافون ذلك؟ قالوا إنّا إذا كنّا عندك فذكرتنا ورعنا ووجلنا نسينا الدنيا وزهدنا فيها حتى كأنا نعاين الآخرة والجنة والنار ونحن عندك، فإذا خرجنا من عندك ودخلنا هذه البيوت وشممنا الأولاد ورأينا العيال والأهل والأولاد والمال يكاد أن نحوّل عن الحال التي كنا عليها عندك وحتى كأنا لم نكن علـى شيء أفتخـاف علينـا أن يكون هذا النفاق؟ فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: كلا! هذا من خطوات الشيطان ليرغبنكم في الدنيا، والله لو أنكم تدومون على الحال التي تكونون عليها وأنتم عندي في الحال التي وصفتم أنفسكم بها لصافحتكم الملائكة ومشيتم على الماء ولولا أنكم تذنبون فتستغفرون الله لخلق خلقا لكي يذنبوا – وهذا خير دليل على أن الخطأ أو الذنب الذي يقع فيه الصحابي لا يعتبر قدحا به – ثم يستغفروا فيغفر لهم إن المؤمن مفتن تواب أما تسمع لقوله تعالى «إن الله يحب التوابين» وقال «استغفروا ربكم ثم توبوا إليه» تفسير العياشي سورة البقرة آية 222 المجلد الأول ص 128. مؤسسة الأعلمي للمطبوعات ـ بيروت، تصحيح: السيد هاشم الهولي المحلاني ط. 1411هـ ـ 1991م.
صرح كبير مفسري الشيعة علي بن إبراهيم القمي حيث ذكر قول الله عز وجل: «يأيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك» فقال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لحفصة رضي الله عنها يوما أنا أفضي إليك سرا فقالت نعم ما هو فقال: إن أبا بكر يلي الخلافة بعدي ثم من بعده أبوك -ذكره الكشاف يقصد عمر رضي الله عنه- فقلت من أخبرك بهذا قال الله أخبرني. تفسير القمي جـ2 ص 376 سورة التحريم.
يقول جعفر الصادق لامرأة سألته عن أبي بكر وعمر: أأتولاهما!! فقال: توليهما. فقالت: فأقول لربي إذا لقيته إنك أمرتني بولايتهما؟؟ فقال لها: نعم . روضة الكافي: ج8 ص101.
يقول علي بن أبي طالب رضي الله عنـه يمدح المهاجرين من الصحابة في جواب معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه فيقول: فاز أهل السبق بسبقهم وذهب المهاجرون الأولون بفضلهم «نهج البلاغة ص 557
يروي أبو الفتح الأربلي ـ من علماء الإمامية ـ يورد في كتابه كشف الغمة قصة زواج علي بن أبي طالب من فاطمة رضي الله عنهما مثبتا مساعدة عثمان لعلي في زواجه من فاطمة: … قال علي فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا أبا الحسن انطلق الآن فبع درعك وآت بثمنه حتى أهيء لك ولابنتي فاطمة ما يصلحكما، قال علي: فانطلقت وبعته باربعمائة درهم سود هجرية من عثمان بن عفان رضي الله عنه، فلما قبضت الدراهم منه وقبض الدرع مني قال: يا أبا الحسن ألست أولى بالدرع منك وأنت أولى بالدراهم مني؟ فقلت: بلى، قال: فإن الدرع هدية مني إليك، فأخـذت الدرع والدراهم وأقبلت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فطرحت الدرع والدراهـم بيـن يديـه وأخبرته بما كـان من أمـر عثمان فدعـا له بخير… كشف الغمة للأربلي جـ1 ص 368 ـ 369 تحت في تزويجه فاطمة عليها السلام.
من خلال مراجعة الأقوال والأحاديث أعلاه، يتأكد أن ما طرحناه وأكدنا عليه مرارا وتكرارا من أن الإسلام قد جاء على أساس من الوحدة والتآلف والانسجام وأن الخلفاء الراشدين و الصحابة رضي الله عنهم، قد قاموا بأداء دورهم المطلوب من أجل بناء صرح الإسلام وإعلاء كلمته وإن كل مايقال أو يشاع خلاف ذلك ليس من الإسلام في شيء وإننا كلما توجهنا توجها وحدويا ونبذنا الفرقة والاختلاف فإننا بذلك نكون قد أرضينا الله والرسول وعُدنا إلى الإسلام الحقيقي بتشكيل وحدة إسلامية وهذا هو إسلامنا وهذه عقيدتنا.
 . 


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *