رافق إعلان الحكومة الزيادة في أسعار المحروقات في تونس يوم الأحد الماضي، موجة استياء التونسيين الذين اشتكوا من ارتفاع الأسعار في مختلف المواد الضرورية.
يأتي ذلك برغم أن وزير التنمية والاستثمار والتعاون الدولي، محمد فاضل عبدالكافي، عزا رفع أسعار المحروقات إلى “تراجع سعر صرف الدينار التونسي مقارنة بالدولار الأمريكي.”، مؤكدًا أنه “كلما تراجعت قيمة الدينار التونسي سيرتفع سعر المحروقات أكثر”.
وأكد في تصريح إذاعي “أنّ إمكانية الزيادة في أسعار المواد الغذائية الأساسية واردة.”، مشيرًا إلى أنّ وزارة المالية “ستبيّن لمختلف الأحزاب السياسية والمنظمات أنّ منظومة الدعم لا ينتفع بها مستحقوها من الفقراء وضعاف الحال بل تذهب إلى الأغنياء كذلك.”.
رضوخ للإملاءات
استنكرت الجبهة الشعبية (ائتلاف من الأحزاب الشيوعية والقومية) الزيادة في الأسعار التي أقرّتها الحكومة، والتي شملت المحروقات والسجائر، معتبرة أنّ ذلك يمثل “دليلًا واضحًا على أنّ الحكومة ماضية قدمًا في تنفيذ إملاءات صندوق النقد الدولي الهادفة إلى تحميل فاتورة الأزمة للفئات الوسطى من خلال تعبئة موارد تقدر بـ 122 مليون دينار على حسابها.” إلى جانب “ضرب المزيد من القدرة الشرائية لأوسع الفئات الشعبية على اعتبار أنّ الزيادة في سعر المحروقات ينتج عنها آليًا زيادة في كلفة النقل وخاصة نقل البضائع والتي تؤدي بدورها إلى رفع في أسعار جلّ المواد والخدمات.”.
وأوضحت الجبهة الشعبية بحسب بيانها الذي نشرته اليوم الثلاثاء، واطلعت عليه “إرم نيوز” أنّ التدهور المتواصل لقيمة الدينار التونسي سواء مقارنة باليورو أو بالدولار الأمريكي أمر متعمّد من الحكومة والبنك المركزي وذلك إلى أن تصل تلك القيمة إلى مستويات تستجيب لشروط صندوق النقد الدولي.
وحذّرت الجبهة مما أطلقت عليه “الرفع غير المبرّر” لسعر المحروقات الذي”سيعزّز جاذبية السوق الموازية ونشاط التهريب على حساب القطاع المهيكل”، وفق نصّ البيان.
حكومة صندوق النقد الدولي
أكد القيادي في حراك “تونس الإرادة” عبدالواحد اليحياوي أنّ “حكومة الشاهد ليست حكومة نداء تونس أو حركة النهضة ولا أيّ من الأحزاب المشاركة في الائتلاف البرلماني بل هي حكومة صندوق النقد الدولي”.
وأضاف اليحياوي متهكّمًا في تدوينه له على “فيسبوك”: “صندوق النقد الدولي هو الحزب الفائز في الانتخابات البرلمانية 2014.”، مشيرًا إلى أنّ الجميع يعرف ذلك بما في ذلك اتحاد الشغل الذي تفاوض مع الصندوق في خصوص تأجيل زيادات الأجور عن سنة 2017، معتبرًا أنّ “حكومة الشاهد اليوم معزولة عن أحزاب “وثيقة قرطاج” وهي تستمد وجودها وكل برامجها من صندوق النقد الدولي.”.
تفقير الشعب
وفي السياق، أكدت الأستاذة الجامعية ألفة يوسف “أن هذه الزيادة ستزيد في تفقير الشعب”، مضيفة “من الطريف أن يبرّر البعض زيادة البنزين التي ستنتج زيادات كبيرة أخرى تثقل كاهل المواطن.. وطريف أنّ هؤلاء أنفسهم كانوا يقيمون الدنيا ولا يقعدونها عندما تتمّ زيادة في ظلّ حكومات أخرى..”.
وأعربت ألفة يوسف عن أسفها ممن اعتبرتهم “بعض المأجورين أو الانتهازيين يتكلمون حسب مصالحهم الشخصية وحساباتهم الفردية، وقلّة قليلة هي التي تعبّر عن قلقها من ارتفاع الأسعار وألم المواطن البسيط.”.
وأفاد وزير المالية بالنيابة محمد فاضل عبد الكافي أنّ “ميزانية الدولة التونسية بلغت سنة 2017 32.5 مليار دينار من بينها 14 مليار دينار مخصصة للأجور، و1.6 مليار دينار قيمة الدعم الغذائي، و650 مليون دينار دعمًا طاقيًا و450 مليون دينار دعمًا للنقل.”.
وتلتزم تونس ببرنامج إصلاح اقتصادي، توافقت عليه مع صندوق النقد الدولي، وبموجبه وافق الصندوق، العام الماضي، على منحها قرضًا بقيمة إجمالية قدرها 2.8 مليار موزعًا على شرائح تصرف على سنوات عدة.
وتحتوي تونس على 35 حقل نفط قيد الاستغلال حاليًا، تنتج 44 ألف برميل يوميًا، و36 ألف برميل مكافئ نفط من الغاز الطبيعي.
وتعاني تونس، كغيرها من الدول المنتجة للنفط، من هبوط أسعار النفط الخام، بنسبة 59% مقارنة مع أسعار 2014، إلى 50 دولارًا للبرميل كمتوسط في الوقت الحالي، نزولًا من 120 دولارًا قبل ثلاث سنوات.