أننا لم نسمع أية جملة للتنظيمات الإرهابية عن فلسطين، لأنها في الأصل لا تهمهم، وهي ممسوحة من أجنداتهم، التي هي تآمرية وتدميرية وتكفيرية، تعمل ضد كل ما هو وطني وقومي وإنساني، والأنكى من ذلك أن الإرهابيين يضربون في كل مكان ويفجرون داخلياً وخارجياً، مسيئين للإسلام والعرب، مشتتين الانتباه في اتجاهات بعيدة كل البعد عن القضية الفلسطينية، إضافة إلى أنهم يختارون توقيت عملياتهم بالتزامن مع فعاليات فلسطينية مهمة كما حصل في العمليات الإرهابية التي تزامنت مع إضراب الأسرى.
ولأن الفصائل والقوى الفلسطينية مجتمعة ومن بينها الفصائل الإسلامية، أدركت مبكراً مرامي وتوجهات هؤلاء الإرهابيين، فإنها تعتبر أن العمليات التخريبية الخارجية، وبخاصة في الدول الأوروبية، مسيئة وتآمرية وقذرة كالتي حدثت في مانشستر، وخيمت على قمة الرئيسين عباس وترامب، ليأخذ المؤتمر الصحفي المشترك بينهما نصيباً مهماً من المساحة الزمنية المخصصة له، لإدانة هذا العمل الإرهابي الرخيص، على حساب طرح مزيد من القضايا والأفكار المتعلقة بالقضية، وليقدم الإرهابيون فرصةً لنتنياهو ليهاجم الفلسطينيين، وإن كان ذلك بشكل فج وغير منطقي، حينما قال لو ان الذي قام بالعملية فلسطيني، لتم تخصيص راتب لأسرته من السلطة، وقد كان الافتراض خيالياً ولا علاقة له بالمنطق، لكن في إطار الحملة الإسرائيلية الرسمية التي تستهدف رواتب الأسرى.
إن كل عمليات الإرهاب التي تستهدف المواطنين في أوروبا والعالم هي مدانة فلسطينياً، لأن الشعب الفلسطيني المناضل وصاحب القضية، يرفض المساس بأي مواطن آمن، تماماً كما ينشد الأمن والأمان لنفسه بعد أن اكتوى طويلاً بنار الاستهداف إنساناً ووجوداً، وهو يرى في أي عمل إرهابي حلقة في مخطط متكامل يستهدف تهميش دوره وقضيته، بجعل الإرهاب سلوكاً يومياً وكأنه حدث عادي، في محاولة لتسويق ما يتعرض له الشعب الفلسطيني من تقتيل وتنكيل، في سياق أنه يأتي ضمن سلوك عام وليس استثنائياً.
لا دين للإرهاب ولا ضمير، فمن يقتل طفلاً آمناً أو امرأة أو رجلاً في السوق أو من يقتل طفلاً في مدرسته أو يحرقه في بيته كما حدث مع عائلة “دوابشة” هو معدوم من الإنسانية، ومجرد من كل المعايير والاعتبارات الأخلاقية، وبالتالي لأننا شعب يحب الحياة فإن فلسفتنا تقوم على أساس الافتراق والتناقض مع كل من يستهدف إنسانية الإنسان مادياً ومعنوياً، حيث لا يمكن بأي حال من الأحوال مساواة من يتطلعون إلى الحرية، بأولئك الذين يتبنون استراتيجية التقتيل.
وعليه، فإن أي عمل إرهابي ضد أبرياء أو منشآت اجتماعية أو اقتصادية أو أماكن عبادة، هو مدان فلسطينياً، فكيف يمكن لشعب يعاني القهر والاستلاب، ألا يرفض ويستنكر استهداف الإنسان في كل مكان، فيما يكون الرفض والاستنكار مضاعفاً، عندما يتأكد الفلسطينيون مرة بعد أخرى، أن الإرهابيين بصرف النظر عن شعاراتهم وتسترهم بالدين، ينفذون برامج معادية وتجهيلية، ويطمسون إعلامياً بما يفعلون ويمارسون ما يجري على الساحة الفلسطينية من حصار وتجويع.