القضية الأهم لنظام ولاية الفقيه
القضية الأهم في نظام ولاية الفقية بالأحرى لدى خامنئي وقوات الحرس في عام 2018-2019 هي الحيلولة دون السقوط. ولقد طرحت هذه القضية تحديدا على الطاولة في كانون الثاني/ يناير 2018 حيث جعل العصيان والانتفاضة العارمة في 142مدينة تحت الشعار الرئيسي لـ«الموت لخامنئي وروحاني» و«أيها الإصلاحي والأصولي لقد انتهت لعبتكما» قضية الإسقاط بمثابة أهم القضايا وأكثرها ضرورة على طاولة النظام. كما ولأول مرة دافع القادة في المجتمع الدولي عن حق الشعب الإيراني في التغيير والأمر وصل إلى حد تحدث فيه بعض من العملاء والمدافعين الأسبقين والحاليين للنظام في الخارج والداخل عن الاستفتاء واجتياز نظام ولاية الفقيه.
وفي الحقيقة طرحت قضية تغيير النظام جراء انتفاضة كانون الثاني/ يناير 2018 على الصعيد العام بمثابة مطلب سياسي حيث كان خامنئي وقوات الحرس يحاولان التستر عليها منذ سنوات. كما كان قبول لُعَب البناء والإصلاحات والرأفة والاعتدال في حكومات كل من هاشمي رفسنجاني وخاتمي وأحمدينجاد وروحاني يهدف إلى ذلك حتى لا تعلن قضية الإسقاط في الأجواء العامة.
ثلاثة عناصر ضرورية للإسقاط
يكمن إسقاط نظام ولاية الفقيه في ثلاثة عناصر:
الوضع الداخلي
الوضع الدولي
وجود بديل لاجتياز نظام ولاية الفقيه
والوضع الداخلي هو عبارة عن القضايا الاقتصادية والمعيشية والحيوية والسياسية وما إلى ذلك داخل المجتمع حيث ترتفع نبرتها. وقضايا المواطنين المنهوبة أموالهم والتقويض الواسع للبيئة وأزمة المياه وزيادة حالات السكن في العشوائيات والبطالة المتزايدة وهبوط قيمة الريال وتفشي الإدمان والفحشاء والفساد الواسع في نظام الأقلية الحاكم وما شابهها هي تشكل جزءا من علامات تدل على جاهزية الأجواء لوصول المجتمع إلى نقطة الانتفاضة والثورة. وفي انتفاضة كانون الثاني/ يناير 2018 لقد أسقطت الأمواج الأولى للمنتفضين صور الرموز الرئيسية للحكومة أي صور خامنئي وقاسم سليماني وسحقوها تحت أقدامهم وحرقوها.
والوضع الدولي (المذكور آنفا) يعني أن المجتمع الدولي لا يحرم الشعب الإيراني من حقه في الحصول على التغيير على يده. وتم تمهيد الأرضية لهذا المجال منذ تموز/ يوليو 2002 عندما كشفت المقاومة الإيرانية عن المواقع النووية الرئيسية لنظام ولاية الفقيه. وبشكل تدريجي وجراء استمرار عمليات الكشف هذه تحولت قضية منع نظام ولاية الفقيه من امتلاك القنبلة النووية إلى القضية الرئيسية على الصعيد الدولي. وتزامنا مع ذلك، ما قامت به المقاومة الإيرانية من الإعلان والتوعية وعمليات الكشف عن النشاطات الصاروخية لقوات الحرس وتصدير الإرهاب إلى بلدان المنطقة، جعلت قضية إثارة الأزمات من قبل نظام ولاية الفقيه على الصعيدين الإقليمي والدولي على طاولة المجتمع الدولي.
ويعتبر كل من سوريا وهي بمثابة أرض محروقة مع نسبة رهيبة للنزوح فيها والعراق بجانبها حيث تسيطر عليه العصابات القاتلة التابعة لقوات الحرس وفضلا عن جماعة حزب الله اللبناني بمثابة أحد معاقل الإرهاب والتهريب الدوليين، نماذج تؤيد أحقية عمليات الكشف التي قامت بها المقاومة الإيرانية.
والعنصر الثالث لإيجاد التغيير في إيران هو وجود بديل. المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية التي تعد أقدم ائتلاف سياسي في التأريخ الإيراني المعاصر والذي يضم منظمة قائدة تمثل هذا البديل، ووجود شبكة واسعة داخل البلد حيث اضطر خامنئي إلى الإذعان بأن انتفاضة كانون الثاني/ يناير اندلعت تحت دعوتها واستمرت تحت قيادتها، ووجود علاقات دولية واسعة بدءا من الكونغرس الأميركي إلى البرلمان الأوروبي والعلاقة الواسعة مع الشخصيات من الطراز الأول على الصعيد الدولي، وذلك بجانب تنظيم متماسك يتحلى بعناصر وأعضاء اجتازوا مصائب وصعوبات عديدة نظير الحصار الجائر على أشرف وليبرتي تحت الهجمات المتتالية لقوات الحرس. وكل هذه العناصر المذكورة تجعل المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية البديل الحقيقي الوحيد والموجود في المشهد السياسي في إيران.
كما أشار خامنئي في كلمة أدلى بها يوم 9كانون الثاني/ يناير 2018 إلى هذه العناصر الثلاثة. كما قبل بشكل ضمني بأنهم غير قادرين على معالجة قضايا البلاد الداخلية مطالبا بالتعامل الصارم مع التابعين لمنظمة مجاهدي خلق الإيرانية.
محاولة من أجل إزالة البديل
وأشار خامنئي في كلمة أدلى بها يوم 9كانون الثاني/ يناير 2018 على هذه العناصر الثلاثة بينما كان يعلم أن نظامه غير قادر على معالجة القضايا التي جعلت المجتمع يكاد أن ينفجر. ومن جانب آخر كان يعلم أنه لا يمكن أن يتوصل في نهاية المطاف إلى مصالحة مستدامة مع المجتمع الدولي لأن الكف عن امتلاك القنبلة النووية قطعيا والتنازل عن توسيع النشاطات الصاروخية والتسليحية فضلا عن تصدير الإرهاب لا تعني إلا التشكيك في ولاية الفقيه وقوات الحرس. وبالنتيجة ليس أمام خامنئي سوى طريق واحد وهو إزالة البديل. لأنه إذا ما تمكن من إزالة البديل بالأحرى المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية ومنظمة مجاهدي خلق الإيرانية، فيمكن له الحفاظ على بقائه.
وفي حالة فقدان بديل حقيقي يستطيع خامنئي فرض نفسه على المجتمع الإيراني والمجتمع الدولي وإثبات عدم وجود بديل لنظامه وبالتالي وجراء عدم وجود حكومة في إيران، سوف يواجه المجتمع الإيراني حالة من الانفلات الأمني والتشتت وعدم السيطرة على الأزمات الإقليمية؛ وبالنتيجة يكمن الحل الوحيد في قبول خامنئي وقوات الحرس من قبل الشعب الإيراني والمجتمع الدولي والتعامل معهما.
ومنذ انطلاقة الانتفاضة الإيرانية في كانون الثاني/ يناير 2018 بدأ النظام يركز على هذه القضية. وتركز بؤرة هذه السياسة على الهجوم على منظمة مجاهدي خلق الإيرانية. ويكون جزء من هذا الهجوم كالمعتاد هو الهجوم المباشر كالاعتقال والتعذيب والإعدام والقمع السافر بحق مجاهدي خلق. وفي هذا الشأن يمكن الإشارة إلى عمليات الاعتقال خلال الأشهر المنصرمة وإرسال فرق الاغتيال إلى مقرات مجاهدي خلق في أوروبا وما شابهه من إجراءات.
الحرب المرنة من قبل استخبارات قوات الحرس ضد منظمة مجاهدي خلق
هناك مجال أكثر تعقيدا حيث قام به النظام وهو الهجوم غير المباشر أو الحرب المرنة ضد مجاهدي خلق. ناهيك عن استخدام هذا الأسلوب من قبل النظام ضد مجاهدي خلق دوما، ولكنه اتخذ جوانب أكثر تعقيدا عقب انتفاضة كانون الثاني/ يناير 2018. ويركز إجراء نظام ولاية الفقيه وبالتحديد استخبارات قوات الحرس في هذا المجال على ثلاثة مجالات:
أولا، التأكيد على عدم وجود بديل للنظام وذلك من خلال نشر خبر أو تحليل خطأ أن انتفاضة كانون الثاني/ يناير 2018 كانت تفتقد إلى القيادة كالخطوة الأولى. وسرعان ما بعد انطلاقة الانتفاضة بدأت الأبواق التابعة لاستخبارات قوات الحرس في كل أرجاء البلاد حتى الخارج تصرخ أن انتفاضة كانون الثاني/ يناير 2018 كانت بلا قيادة، بينما كان رأس النظام وكبار المسؤولين فيه يؤكدون عند توجيههم قواتهم على الدور الحيوي لمنظمة مجاهدي خلق الإيرانية في انتفاضه كانون الثاني/ يناير 2018.
وثانيا، كانت استخبارات قوات الحرس تقدم بدائل غير حقيقية وتطلق الدعايات من أجلها. مما يعني إيجاد منافسين مزيفين في وجه مجاهدي خلق لحرف الرأي العام عن البديل الحقيقي الوحيد. ومن أجل ذلك كان الأمر بحاجة إلى إجراءات مادية ميدانية في الشوارع حيث كانت القوات التابعة لاستخبارات قوات الحرس انتشرت في الشوارع لتهيئة الصور والأفلام أو حرضت الآخرين على ذلك.
وثالثا، تخويف الجماهير من البديل أي مجاهدي خلق، الأمر الذي كانت استخبارات قوات الحرس تركز عليه بشكل مميز من خلال الرهان على شبكات التواصل الاجتماعي حيث جندت فرقة من مستخدمي هذه الشبكات ممن كانوا يوافقون البعض على تشويه سمعة منظمة مجاهدي خلق وتخويف الجماهير من هذا البديل حيث كانوا يوحون ظاهرا بأنهم معارضين لنظام ولاية الفقيه ولكنهم كانوا يبدون خوفهم من البديل أي منظمة مجاهدي خلق قبل كل شيء. وهكذا ومن خلال التشكيك في البديل الحقيقي أمام النظام الحاكم كانوا يعملون من أجل الحفاظ على نظام ولاية الفقيه.
معركة حقيقية في عام 2018
تقتصر المعركة الحقيقية في المشهد السياسي الإيراني في عام 2018 على مواجهة البديل أي المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية لنظام ولاية الفقيه. وستشهد هذه المعركة خلال الأسابيع والأشهر القادمة شدة وتعقيدا أكثر فأكثر. ومستقبل إيران مرهون بهذه المعركة. وجراء ذلك إما سوف تتجلى إيران ديمقراطية وعلمانية ومبنية على أصوات المواطنين ومبشرة للسلام وإما سوف نشاهد استمرار ديكتاتورية ولاية الفقيه …
وفي 30حزيران/ يونيو هذا العام سوف يعرض هذا البديل قاعدته الشعبية الواسعة أمام أعين العالم من خلال عقد مؤتمر على غرار المؤتمرات السنوية الضخمة التي يشارك فيها أكثر من 100ألف.