، اقيم مؤتمر عام عبر الإنترنت للجاليات الايرانية إحياء لشهداء مجزرة العام 1988، في 20 مدينة أوروبية (في فرنسا، وألمانيا، وبريطانيا، وهولندا، والسويد، والنرويج، والدنمارك، وفنلندا، وسويسرا، وإيطاليا، وبلجيكا، والنمسا، ورومانيا) وكندا. وشارك في المؤتمر عدد من الشخصيات السياسية وكذلك أعضاء وممثلون للجاليات الإيرانية في أوروبا وكندا وألقوا كلمات. كما أن عددًا من شهود المجازر والسجناء السياسيين السابقين أدلوا بشهاداتهم. وألقت مريم رجوي في مستهل المؤتمر كلمة، إحياء للشهداء الأبطال في العام 1988 ودورهم الإلهامي في انتفاضات الشعب الإيراني. وفيما يلي نص الكلمة:
أيها الحضور الكرام
عوائل الشهداء، الأخوات والأخوة الذين كنتم في الأسر في سجون الشاه أونظام الملالي لعدة سنوات،
أصدقاء المقاومة الإيرانية، الذين اجتمعتم اليوم في مختلف البلدان: ألمانيا، وبريطانيا، وكندا، وهولندا، والسويد، والنرويج، والدنمارك، وسويسرا، وإيطاليا، وبلجيكا، والنمسا، ورومانيا. أتقدّم أليكم جميعًا بالتحية.
مضت ثلاثة عقود على مجزرة ثلاثين ألف سجين سياسي. ولم يستطع الملالي إخفاء هذه الملحمة العظيمة المخضّبة بدماء الشهداء. وعلى الصعيد الدولي لم يتمكّن المداهنون من تقليل أهمية هذا الحدث الكبير من خلال التزام الصمت وتجاهله لصالح النظام.
الأبطال الذين سقطوا شهداء في هذه المجزرة، لم تعد أجسادهم بيننا، وقبورهم لا تزال مجهولة، ولائحة أسمائهم مخفية، والحديث عن قصتهم الدامية ممنوع، والبحث عن مصيرهم يُعدّ جريمة.
لكن نشيدهم الأحمر محفور في الضمائر والقلوب والذاكرة.
في الذكرى الثلاثين لهذه الملحمة التي لا تُنسى، أدعوكم لنصفّق معاً لمدة دقيقة استذكارًا لثلاثين ألف وردة حمراء في الثورة الإيرانية.
في تلك الأشهر الدامية من سنة 1988، ووفقا لقائمة تم جمعها حتى الآن ونشرتها منظمة مجاهدي خلق الإيرانية في كتاب بعنوان «جريمة ضد الإنسانية»، تم تنفيذ إعدام أخواتنا وإخواننا في 110 مدن إيرانية.
والآن ها هي المدن المجهولة أسمائها، أصبحت معقل الانتفاضات؛ تلك المدن المقموعة، اصبحت مدن منتفضة.
انظروا إلى حيّ جوهردشت بمدينة كرج. قبل ثلاثين عامًا، كان الجلادون يقتادون فيه السجناء السياسيين في صفوف طويلة إلى المشانق، ولكن قبل ثلاثة أسابيع، كانت ساحة معركة وانتفاضة للشباب الأبطال ومعاقل العصيان والانتفاضة.
في حيّ شابور الجديد بمدينة أصفهان، وفي شاهين شهر، وفي إيذه، ودزفول والأهواز، وفي ملاير، وفي بانه وأوروميه، وفي زاهدان، وبندر عباس، وكازرون وأراك ، يتذكر المواطنون من هم الأبطال الذين رُفعت رؤوسهم على المشانق هنا أو هناك. ويتذكرون لماذا ضحّوا بحياتهم، وما هي مُثُلهم ، ولماذا تمسكوا بموقفهم حتى النهاية؟
تتذكر مدينة آران في كاشان ابنها، الدكتور منصور بايدار، الذي كان يغتنم كل فرصة لعلاج الفقراء والمساكين بالمجان، وتم القبض عليه عندما كان على وشك الانضمام إلى جيش التحرير واستشهد في عام 1988.
مدينة شاهرود تتذكر «محمود حسني» الذي كان يترنم في السجن: «عندما رأيتَ نيزكًا واضحًا في السماء ليلًا، لا تنسى اللهب المستعيرة التي تم إخمادها في الطقس البارد في سجن إيفين».
وأما مدينة شيراز، فتحتفظ في ذاكرتها «فاطمة زارعي»، مرشحة منظمة مجاهدي خلق في أول انتخابات برلمانية.
مدينة ماهيدشت في كرمانشاه تتذكر «داريوش رضايي» الذي هرب من معتقل التعذيب في سجن «ديزل آباد» ولكن تم اعتقاله مرة أخرى واستشهد مع المجاهد «بهزاد بور نوروز» من أبناء مدينة إيلام، في عام 1988.
ويتذكر أهالي مدينة إصفهان «فريبا عمومي».
وتتذكر مدينة آستارا، «محمد رضا سرادار رشتي»، ومدينة «رضوان شهر» تتذكر «حوريه رمضاني نجاد».
مدينة «محلات» تحتفظ في ذاكرتها «برويز سليمي»، ومدينة قم «عفت أسدي»، ومدينة «ساوه» «آذر كوثري»، ومدينة «بروجرد» «جمشيد أسدي» ومدينة «لاهيجان» «محمد سميع زاده». هذه المدن تحتفظ في قلوب أهاليها ذكريات عنهم.
تتذكر مدينة «خوي» «أشرف معزي» ومدينة «نقده» «بهمن شاكري»، الذي كان يتمتع بشعبية بين المواطنين الكرد وبين المواطنين الأتراك.
وأما مدينة «مسجد سليمان» فلا تنسى «علي صالحي» ومدينة «إيذه» «ناهيد كيكاووس نجاد».
هذه الأسماء والذكريات نفسها التي بقيت في ذاكرة الضمير التاريخي للشعب الإيراني وفي أعماق مدننا وقرانا، الروح غير المستقرة للانتفاضة والمقاومة، وأصبحت الحافز والدافع للحرية المحتومة لكل إيران.
لقد سمعتُ عدة مرّات من سجناء خرجوا من السجن يتحدثون عن مجاهدين شجعان كانوا يقدّمون التحيات لمسعود زعيم المقاومة، أمام المعذّبين والجلّادين.
لا شك كانت لديهم رسالة في تكرار هذا الاسم الذي أصبح الخط الأحمر الأول في عصرنا. رسالتهم هي: أيتها الأجيال التي تأتون بعدنا، وأيها الشباب الذين تسمعون قصتنا غير المكتملة، اتّبعوا درب مسعو! وقضيته.
درب النضال من أجل بناء مجتمع خال من الاضطهاد والاستغلال، وخال من الظلم والاستبداد، وخال من الجهل والخداع. والدرب والقضية التي تتجسّد في كلمة «الحرية»المقدسة.
أيها الأصدقاء الأعزاء،
أصدر خميني في فتوى حكمه بإبادة جيل دون أدنى شك، ارتكاب مجزرة كبرى، وكتب بخط يده: «أولئك الذين يصرون على موقفهم من النفاق في السجون في جميع أنحاء البلاد، محاربون ومحكوم عليهم بالإعدام». ما هو الموقف الذي أصروا عليه، حتى أصدر خميني الجلاد، عقوبة الإعدام بحقهم؟ ماذا كانت جريمتهم؟
كانت جريمتهم هي الدفاع عن حرية الشعب الإيراني.
الوقوف أمام دهس جميع الحريات والوقوف ضد تجويع الناس والوقوف ضد تدمير إيران.
لقد أعدموا السجناء فقط بسبب معتقداتهم وإيمانهم بقضيتهم. هذه كارثة لايمكن تصديقها، لكن هذا هو نظام ولاية الفقيه المعادي للبشرية وهذه طبيعة هذا النظام، حيث يردّ على الرأي المعارض بالقتل الجماعي حتى في السجون التي يسيطر عليها.
هذه هي طبيعة نظام ولاية الفقيه. يقمع أي احتجاج أو اعتراض عادل باعتقال المتظاهرين وتعذيبهم.
يا تُرى، ماذا فعل المنتفضون في يناير من هذا العام، وماذا كانوا يطالبون به ليسلّموا أجسادهم لعائلاتهم بدعوى أنهم انتحروا؟!
نعم، نظام ولاية الفقيه هو الذي يرتكب الجرائم ثم يلقي اللوم على ضحايا التعذيب والمجازر والمتظاهرين ويقدّمهم بأنهم مذنبون.
السؤال المطروح الآن هوهل يجب الاستسلام أمام مثل هذا الوحش؟ أو يجب الوقوف والصمود والمقاومة ضده والردّ عليه؟ أي دكتاتور لا يتهم المقاومة العادلة الحقة، بالإرهاب؟ ألا يبذل جهده للقضاء على دعاة الحرية ومعارضيه بإلصاق تهمة أعمال العنف ضدهم. وأي دكتاتور وجبّار عنيد، تخلى عن الجريمة، بصمت الضحية واستسلامه؟
لذا، ويل للذين يردّدون، مع الملالي، هذه الاتهامات ويحمّلون مسؤولية تعذيب وإعدام المجاهدين والمناضلين،على الضحايا أنفسهم.
وويل، لأولئك الذين يتهمون المنتفضين والناس المضطهدين بالعنف ويلقون اللوم على المتظاهرين.
أيها الأصدقاء الأعزاء،
إن مجزرة عام 1988 تعدّ أحد المؤشرات التمييز بين جبهة الشعب الإيراني وجبهة أعداء الشعب. أولئك الذين يحاولون الحفاظ على التعتيم بشأن هذه المجزرة، فإن هدفهم ليس فقط الدفاع عن آمري ومرتكبي هذه الجريمة، وانما يخافون من تحرير الوطن وسيادة الشعب وإسقاط نظام ولاية الفقيه.
بعض من هؤلاء، أي الإصلاحيين المزعومين المدافعين عن النظام، والذين لفظوا أنفاسهم الأخيرة سياسياً خلال الانتفاضات الأخيرة، يبحثون عن طريقة لإنقاذ نظام ولاية الفقيه. لكن مجزرة عام 1988 تكشف طبيعة جميع هؤلاء.
أبناء الشعب الإيراني يتسائلون عن أسباب محاولتهم سبب إخفاء هذه المجزرة، ويسألون ماذا كنتم تفعلون عندما جرت هذه المجازر وما هو الدور الذي لعبتم فيها ولماذا بقيتم صامتين اليوم؟
والحقيقة هي أن مقاومة الشهداء باتت التحدّي لجميع عصابات النظام وجميع المتواطئين معه.
في الوقت نفسه، كان هذا الصمود ردا قوياً على خميني الجلاد الذي جعلهم مُخيّرين بين الاستسلام والإعدام. إلا أنهم قد ضحّوا بحياتهم، ونشروا بدمائهم بذور الانتفاضة والثورة.
مرت ثلاثون عاماً على تلك المجزرة، لكن المعركة ما زالت تدور حول ضرورة التمسك بالمواقف والمقاومة. في الوقت الحالي المتمسكين بمواقفهم هم الذين يقدمون أنفسهم بمعاقل العصيان والانتفاضة. وهم القوات التي تعمل من أجل إسقاط النظام. وكما قال مسعود زعيم المقاومة: «الرد الحقيقي والضروري والموضوعي، كان ولايزال وسيكون الحرب بمئة مرة والانتفاضة في أقصى حدها. إلى أن ترتقي المعركة من معاقل العصيان إلى جيش التحرير الوطني حتى تدمّر جيوش العدو المعادي للإنسان».
أيها المواطنون والأصدقاء الأعزاء،
لقد عجز نظام ولاية الفقيه بشدة أمام الانتفاضات المستمرة على مدى الأشهر الثمان الماضية، وأمام الدور المتنامي لمجاهدي خلق ومعاقل الانتفاضة في تنظيم وقيادة هذه الانتفاضات، خاصة وأن النظام تنوء تحت ضغط تداعيات ركود وانهيار اقتصاد البلاد.
وللخروج من هذا المأزق، اعتزم الملالي العمل في تنفيذ عملية تفجير إرهابي في المؤتمر السنوي العام للمقاومة في باريس في 30 حزيران من هذا العام. كما و في مارس الماضي، حاولوا شن هجوم إرهابي مماثل ضد المقاومة الإيرانية في ألبانيا، كما في هذه الأيام، وباعتقال عميلين للنظام في الولايات المتحدة، تم الكشف عن أنشطة استخباراتية وإرهابية للملالي ضد مجاهدي خلق في ذلك البلد.
هذه الخطط فشلت وأدّت إلى تعرية النظام. لكن مرة أخرى، أظهرت أن قتلة ثلاثين ألف سجين سياسي لايتخلّون عن ارتكاب أية جريمة في مواجهة بديلهم السياسي. وهذا يثبت مرة أخرى أن الإرهاب يشكل جزءًا من طبيعة هذا النظام.
و حقيقة، أي بلد في العالم بقيت في مأمن من إرهاب هذا النظام؟ من طاجيكستان وأفغانستان وأذربيجان إلى جميع الدول العربية وحتى الدول الأوروبية وأمريكا.
كان الملالي واهمون أنهم بارتكاب مجزرة السجناء السياسيين، وممارسة القمع لفترة طويلة، والتشهير بالمعارضة سيقضون على حركة المقاومة، ولكنهم فشلوا. والآن، الملا روحاني هو الذي يطلب من الناس عدم النزول في الشوارع بدعوة من مجاهدي خلق، وخبراء النظام يقولون: «دخل عامل ثالث على الساحة يختطف أمام أعيننا، أقوى رصيدنا وأسباب اقتدار النظام أي ”الدعم الشعبي“ لنا … وأن هذا العامل الثالث … مع أذرعه التي هي ”معاقل الانتفاضة“… يعملون على إشعال النار في الرصيد الأساسي للنظام والذي هو جيل الشباب لهذا البلد».
نعم، الحقيقة هي أن مشكلة الملالي اليوم هي مواجهة البديل الديمقراطي. إنهم يئسوا من إيجاد حل لمعضلاتهم الخطيرة. لذلك يحاولون عبثًا أن يعرقلوا أو يؤجلوا مسار التحول الذي يقود إيران إلى الحرية.
لكن خاب ظنهم لأن الانتفاضات المتواصلة لم تترك أي مجال للنظام. الانتفاضات التي تنبع من رغبة شعبنا في الحرية والديمقراطية والمساواة.
نرى صورة لهذه الحقيقة اليوم بحضور ممثلين عن الجاليات الإيرانية المقيمة في دول مختلفة في العالم في هذا المؤتمر.
لقد أشرتُ هذا العام في المؤتمر السنوي العام للمقاومة، إلى الأهمية الحيوية للقوة المحورية والتي تعطي الزخم للنضال من أجل الإطاحة بالنظام، أي البديل الديمقراطي، ووصفتُ خصائصه، بما في ذلك التنظيم والمنظمة القيادية، والتضحية ودفع الثمن، ورسم الحدود مع الدكتاتورية والتبعية، والتمتع ببرنامج واضح لإقامة جمهورية مبنية على فصل الدين عن الدولة، والمساواة بين المرأة والرجل، والحكم الذاتي للقوميات وإلغاء حكم الإعدام، بالإضافة إلى حملة دؤوبة من قبل نشطاء هذه المقاومة دفاعًا عن حرية إيران.
الحملات المستمرة التي كانت مركّزة يوما ما، في الدفاع عن أشرف وليبرتي، أصبحت الآن مركزة في دعم الانتفاضات ومعاقل الانتفاضة.
بالنسبة لمواطنينا، وخاصة لصانعي الانتفاضة، من دواعي السرور والتشجيع أن يروا أن لديهم مثل هؤلاء المدافعين الواعين والمصمّمين في جميع أنحاء العالم. إن تنظيمكم أنتم الجاليات الإيرانية المدافعة عن الحرية والديمقراطية، فضلاً عن تأثيركم السياسي والدبلوماسي والاجتماعي في مختلف البلدان، يشكل جزءًا من قدرة البديل الديمقراطي وجزءًا من رصيد الشعب الإيراني من أجل الحرية. التحية لكم جميعا.
أصدقائي الأعزاء ،
على مدى ثلاثة عقود، التزم المجتمع الدولي الصمت حيال مجزرة السجناء السياسيين. ونتيجة لذلك، ينتهك الملالي بأريحية وبفراغ البال، حقوق الإنسان في إيران ويرتكبون أعمالًا إرهابية ويقومون إثارة الحروب وخلق المآسي في الشرق الأوسط ومناطق أخرى.
الآن حان الوقت لإنهاء هذا الصمت.
لقد حان الوقت لأن يضع مجلس الأمن التابع للأمم ا?