– لايوجد اى رباط من قريب أو بعيد ما بين حالة الربيع العربي الذى تحول الى صيف ساخن وبين الاحتجاجات التى شهدتها بعض المحافظات العراقية .
– اعتراضنا على العقوبات الامريكية على ايران نابع من أن تلك العقوبات تلحق الضرر بالشعوب وليس الأنظمة .
– العلاقات المصرية العراقية فى أفضل حالها والتكامل بين الأزهر الشريف والنجف الأشرف يسهم تعزيز الوسطية الإسلامية .
– شهدت الأيام الماضية اندلاع احتجاجات فى عدة مدن عراقية للمطالبة بتوفير الخدمات والوظائف حيث سلم ممثلي المحافظات مطالبهم الى رئيس الحكومة العراقية يأتي هذا فى الوقت الذى تواصلت فيه المشاورات بين كتل وقوى سياسية عراقية للحصول على تحالف واسع لتشكيل الحكومة العراقية القادمة .
– وفى ظل تلك التطورات أدلى السفير حبيب الصدر سفير العراق لدى جمهورية مصر العربية بحوار خاص تناول فيه وجهة نظره إزاء تلك التطورات وفيما يلي نص هذا الحوار .
س/ بعد فوز قائمة الصدر بالاغلبية عقب الفرز اليدوي ماهو تأثير نتائج الانتخابات على الاوضاع السياسية العراقية؟
قائمة (سائرون) وان حلت بالمركز الاول في الانتخابات لكنها ستظل بحاجة الى تحالف واسع من قوى سياسية عدة لضمان تشكيل الحكومة القادمة، وهناك حراك سياسي يجري حالياً بين القوى السياسية من اجل الوصول الى تشكيل الكتلة الاكبر، وبهذا الصدد صدر مرسوم جمهوري بتحديد تاريخ 3/9/2018 موعداً للجلسة الاولى لمجلس النواب، في اعقاب (15) يوماً من تاريخ مصادقة المحكمة على النتائج. وستعقد الجلسة برئاسة اكبر الاعضاء سناً، ولا يجوز التمديد لاكثر من المدة المذكورة آنفاً، ومهام الجلسة الاولى ستكون: إنتخاب رئيس المجلس ونائبيه، واعلان الكتلة النيابية الاكبر وفتح باب الترشيح لرئاسة الجمهورية خلال 3 ايام، ثم يكلف رئيس الجمهورية مباشرة او خلال 15 يوماً رئيس الوزراء الجديد، وهذا الامر يتطلب ان تبصر الكتلة الكبيرة النور قبل موعد الثالث من سبتمبر القادم.
س/ ما مدى التزام الحكومة العراقية بالعقوبات الامريكية على ايران خاصة بعد تصريحات العبادي التي اثارت المزيد من الغموض في الموقف العراقي؟
لنلاحظ مسألة مهمة وهي: انه سبق للحكومة العراقية ان اكدت في موضوعة ازمة المقاطعة الاقتصادية مع (قطر) ان العقوبات تحدث تأثيرات مباشرة على الشعوب اكثر من الحكام؛ لان الحكام قادرون على تأمين احتياجاتهم. ونحن عشنا في فترة حصار شديد بسبب سياسات النظام البائد واسهم هذا الحصار في تسلط النظام على الشعب العراقي والتحكم في مصادر عيشه وعانى العراقيون من نقص الغذاء والدواء في الوقت الذي كان فيه النظام البائد واركانه يؤمنون لانفسهم وسائل العيش الرغيد، ولم يتاثروا بما اكتوى به الشعب طوال سنوات الحصار القاسية، ونفس الامر ينطبق على الموقف من (ايران) نحن لانريد ان يعاني اي شعب في اي مكان في العالم من ضغوط وحصار وهذه الرؤية الانسانية والاخلاقية هي سياسية مبدئية في علاقاتنا الخارجية. ثم اننا نرى ان منطقتنا العليلة بالازمات لاتتحمل مشاكل جديدة، اذ من الممكن ان يفضي التوتر الامريكي الايراني الى تعميق بئر الازمات لا ردمه، ومثلما تعرفون ان العراق دولة محاددة لايران ومن مصلحته هدوء الاوضاع في دول الجوار كافة، ومن هذا المنطلق ندعو بصدد هذه الازمة وغيرها الى الحوار والالتقاء ضمن مساحات وسطية لحلحلة الازمات، لان ايران في نهاية المطاف تعد دولة مهمة ومؤثرة اقليما والولايات المتحدة مازالت هي القوى الاعظم على مستوى العالم، وقد افصح السيد رئيس الوزراء (حيدر العبادي) في مؤتمره الصحفي الاسبوعب الاخير انه سيرسل وفداً الى واشنطن لتدراس تلك العقوبات وامكانية اعفاء العراق من الالتزام ببعضها.
س/ ما ردكم على التهديدات الايرانية بان فرص حيدر العبادي اصبحت ضعيفة لتولي رئاسة الحكومة عقب تصريحاته الاخيرة عن التزام العراق بالعقويات الامريكية المفروضة على ايران؟
نحن شرحنا سلفاُ موقف العراق من العقوبات، اما عن التهديدات فلم اسمع بوجود هكذا تهديدات صدرت عن الجانب الايراني او غيره، ثم ان عملية اختيار رئيس الحكومة في العراق تجري ضمن خيارات الكتلة الاكبر التي نحن بإنتظار ولادتها، وهذه الكتلة ستضم العراقيين على تعدد مشاربهم، ونشدد ايضاً على ان اختيار الحكومة هو شأن عراقي ينبع من الحاجة الوطنية وضرورات المرحلة.
س/ كيف ترى الخلافات الايرانية الامريكية والعقوبات المفروضة على ايران على الاوضاع العراقية؟
نحن نرى ان العراق والمنطقة سيتأثران بأي تصعيد جديد يضاف الى الازمات المتراكة في اقليمنا، على غرار الازمة اليمنية وتطورات الساحة السورية والملف الفلسطيني والتداعيات في العلاقات التركية الامريكية، فنحن في العراق نخشى من تبلور تحالفات متصادمة جديدة من شأنها ان تقود المنطقة الى اتون حروب باردة او ساخنة مرهقة للجميع.
س/ هناك من يربط ما بين ثورات الربيع العربي والمظاهرات التي تحدث في العراق فما هي اوجه التشابه والاختلاف بين الحالتين؟ وهل ترى ان هناك جهات خارجية وراء هذه التظاهرات؟
لا يوجد اي ربط من قريب او بعيد بين حالة الربيع العربي الذي تحول الى صيف ساخن في بعض بلداننا العربية وبين الاحتجاجات التي شهدتها بعض المحافظات وذلك للاسباب الاتية:
· اسباب الربيع العربي في جزء مهم منها كانت للمطالبة بالحرية السياسية ونحن في العراق نعيش اجواء الحرية منذ عام 2003، والتغيير السياسي لدينا يكون عبر صناديق الاقتراع والتداول السلمي للسلطة.
· ثورات الربيع العربي كانت تحمل مطالب تغيير شامل للانظمة السياسية والاحتجاجات في العراق كانت عبارة عن تظاهرات مطالبة بالخدمات.
· اسباب ثورات الربيع العربي بسبب ضعف دور مؤسسات السلطات الحاكمة ببعض الدول العربية في الاستجابة لحاجة الجماهير اما في العراق ففي الاحتجاجات الاخيرة استجابت الحكومة بسرعة الى المطالب واطلقت التخصيصات اللازمة، بل وعقد السيد رئيس الوزراء لقاءات عدة مع ممثلي المحافظات لبحث الاحتياجات ومناقشة واقع مدنهم مباشرة.
· ثورات الربيع العربي بقت متواصلة حتى الوصول الى تغيير الانظمة السياسية او الدخول في اتون حرب اهلية، اما في العراق فان التظاهرات انتهت فور تسليم المطالب الى الحكومة.
· نحن في العراق نعتبر التظاهرات لدينا حالة صحية بل هي جزء مهم من الرقابة الشعبية على اداء مؤسسات الدولة ونحن نفتخر بها ونحميها شرط الحفاظ على سلميتها.
س/ هل ترى ان الهتافات المعادية التي رددها المتظاهرون ضد ايران تعبر عن رفض شعبي للتدخل الايراني في شؤون العراق؟
لاعلم لي بهتافات صدرت بحق اي طرف اقليمي لكن ما اعرفه ان التظاهرات كانت تصدر عنها شعارات تطالب بتوفير الخدمات والوظائف. كما ان العراق حريص على سيادته ولايسمح لاي دولة او طرف ما بالتدخل في شؤونه الداخلية.
س/ على الرغم من ثروات العراق الكبيرة الا ان المراقبين يرون ان ملف الفساد هو اكثر الملفات التي تهدد الاقتصاد العراقي فما هو ردكم؟ وماهو دور الاجهزة الرقابية في هذا الملف؟
نعم ملف مكافحة الفساد الاداري والمالي هو ملف يحظى بأولوية لدى الحكومة الحالية وفي برنامج الحكومة القادمة، ولدى الجماهير والمرجعية الدنيا العليا، ونحن نعد الفساد الاداري والارهاب صنوان، وشنت الحكومة الحالية برئاسة السيد العبادي حرباً على المفسدين وحققت بعض النتائج الجيدة كما احال سيادته مؤخرا مسؤولين كبار مؤخرا الى هيأة النزاهة، وبهذا الشأن نود ان نشير الى ان الحرب على الفساد هي حرب طويلة في اي بلد، لكننا في العراق نمتلك اجهزة رقابية مستقلة تمكنت من تحقيق انجازات مهمة ومؤثرة، ونحن نترقب برنامج الحكومة القادمة التي سيكون من اولى اولياتها الضرب على يد المفسدين واعادة اعمار العراق واعادة النازحين وتنمية الاقتصاد العراقي.
س/ في ضوء التدخلات التركية في الاراضي العراقية ومشروعاتها المائية التي تهدد العراق ماهي الخطوات التي سوف يتم اتخاذها في ضوء هذا الملف؟
نجدد رفضنا لاي تدخلات خارجية في شؤوننا الداخلية، ونحن تحركنا اقليميا ودوليا وامميا بشأن التدخل التركي في منطقة (بعيشقة) العراقية،وبهذا الشأن نؤكد ان ميزة العراق الجديد في انه يؤكد على اتباع الوسائل الدبلوماسية والحلول السلمية في معالجة الخلافات مع دول الجوار، فقد ولى زمن الحروب والتصعيد والعنتريات ضمن سياستنا الخارجية، لانها لم تجلب سوى الويلات والدموع والالم، ونحن واثقون من انتصار الوسائل الدبلوماسية العراقية في النهاية لانها قائمة على حقوق مشروعة، وبهذا الشأن نشير الى ان العلاقات العراقية التركية تشهد تطورات ايجابية، حيث اجرى السيد رئيس الوزراء الدكتور (حيدر العبادي) زيارة ناجحة الى تركيا مؤخراً، التقى خلالها مع الرئيس (رجب طيب اردوغان) وعددا من قادة البلاد، وتم اثناء الزيارة بحث تعزيز التعاون الثنائي بين البلدين في مجالات المياه والامن والزراعة والطاقة والمنافذ الحدودية. ووعدت تركيا بتزويد العراق بحصته المائية بالكامل، وكذلك تنفيذ ما تعهدت به خلال مؤتمر الكويت لاعادة اعمار العراق.
س/ ما تقييمكم للعلاقات العراقية المصرية ومستقبل هذه العلاقات وهل يهمكم ان يكون للازهر دور مؤثر في موضوع ازالة الاحتقان المذهبي بين السنة والشيعة؟
نحن نرى ان العلاقات والتكامل في الادوار بين الازهر الشريف والنجف الاشرف والمؤسسات الدينية العراقية يمكن ان يسهم في تعزيز الوسطية الاسلامية واشاعة المنهج الاسلامي الاصيل في الوقت الذي يشهد الاسلام عمليات تشويه ممنهجة من منابر معادية لتسويغ ممارسات الارهابيين الشاذة.
اما بشأن العلاقات فنؤكد انها في افضل حالاتها، فعلى المستوى السياسي، نؤكد ان العراق يحترم بشكل كبير السياسة الخارجية المصرية في المنطقة ويشيد بدورها الايجابي في تفكيك بعض العُقد الاقليمية عن طريق الدفع بإتجاه اعتماد الحلول السلمية والحوار البناء، وهذه السياسة تعد من وجهة نظرنا عنصراً اساسياَ لاستقرار منطقتنا الملتهبة بالازمات.
وفي الجانب الاقتصادي: نود ان نلفت عنايتكم الى ان حجم التبادل التجاري بين البلدين في ازدياد مهم ويحقق طفرات نوعية لم تشهدها السنوات السابقة، اذ بلغ في العام 2017 نحو (1.2) مليار دولار، ونطمح الى زيادة اكبر في هذا التبادل والوصول بمصر الى شريك اقتصادي وتجاري متقدم مع العراق، ولدينا ايضاً الاتفاق النفطي الواعد الذي ابرم عام 2017 وجدد هذا العام، الذي يهدف الى تزويد مصر بـ(12) مليون برميل نفط سنوياً، وبشروط سداد مسيرة فضلا عن تواجد العديد من الشركات المصرية في الساحة العراقية لتنفيذ المشروعات المهمة.
كما شاركت مصر بقوة في مؤتمر إعادة اعمار العراق الذي انعقد في دولة الكويت بـ(86) شركة متنوعة بحضور الاستاذ (ابراهيم محلب) للتعرف على فرص الاستثمار وخريطة اعادة الاعمار في المدن العراقية، كما حرصت بغداد على دعوة الشركات المصرية الى المؤتمرات التي احتضنتها في شؤون اعادة الاعمار والاستثمار، وشاركت السفارة العراقية بهذا الخصوص في الندوات والمؤتمرات التخصصية التي عقدت في القاهرة وعرضت الخريطة الاستثمارية امام رجال الاعمال المصريين. اما في المجال الثقافي والسياحي والتعليمي, فنؤكد انه في ازدهار مستمر، ففي الجانب السياحي يقصد مصر مئات الالاف من السواح العراقيين سنوياً بالرغم من بعض معوقات الحصول على سمة الدخول، كما لدينا نحو (18) الف طالب عراقي في المراحل الدراسية الاولية والعليا، وللعراق مشاركات واسهامات مهمة في المهرجانات والندوات والمؤتمرات الثقافية.
ففي المجال الامني، نشير الى وجود قرار عراقي رسمي في اعطاء اهمية قصوى للشقيقة مصر في مجال مكافحة الارهاب، كما ان منظومتنا الامنية لديها توجيهات ان تضع كل مالديها من معلومات وخبرات ووسائل استخبارية لمحاربة الارهاب في حوزة مصر والدول العربية الشقيقة. ونشير ايضا الى انه من المؤمل ان تجتمع اللجنة العليا المشتركة بين البلدين على مستوى رئيسي مجلس وزراء البلدين في بغداد، حيث تجرى الاتصالات مع الجهات المصرية المعنية للوصول الى تحديد موعدها وجدول اعمالها، وهناك اهتمام عراقي مصري لتعميق مستوى العلاقات بين البلدين خصوصا في مجالات التجارة وشؤون الطاقة وتنمية القدرات الصناعية ـ وما الاتفاق النفطي بين البلدين الا دليل على نجاح التعاون بين البلدين الشقيقين.