لا يتوانى أعضاء حزب العدالة والتنمية في المغرب من الركوب على القضايا التي لها صلة بالإخوان المسلمين ومن يدافع عنهم، بل يحاولون جاهدين استقدام نماذج دول وإسقاطها على الواقع المغربي.
ورغم البون الشاسع بينهما، إلا أن الحزب الإسلامي في المغرب يعتبر نفسه فرعًا من فروع نظيره التركي، حيث لا يجد أعضاء حزب العدالة والتنمية المغربي حرجًا في الدفاع عن حزب العدالة والتنمية التركي كلما ذكرت تركيا في النقاش العام بالمغرب أو العالم.
الإخوان مكان الادعاء العام”
منذ اندلاع قضية اختفاء الصحفي السعودي جمال خاشقجي في تركيا، وتناسل الشائعات حول ظروف اختفائه ومن يقف وراءها، خرجت الكتائب الإلكترونية لإخوان المغرب للدفاع عن تركيا وتبرئة ساحتها من حادث تملك جميع تفاصيله، في محاولة لإدانة المملكة العربية السعودية، وهو الطرح الذي يتبناه إخوان المغرب.
ويبدو أن إخوان المغرب نصبوا أنفسهم مكان الادعاء العام، أو محكمة العدل من خلال ركوبهم على قضية لا دخل لهم بها، لكن مراقبين يرون أن الدفاع المستميت لنشطاء وأعضاء حزب العدالة والتنمية المغربي عن تركيا وحزبها الإسلامي، يعتبر واجبًا لا محيد عنه في أبجديات الإسلاميين.
ولا زالت قضية الصحفي السعودي المختفي تسيل الكثير من المداد، وتتناسل حولها الكثير من الشائعات التي يروجها كتاب الإخوان وحلفاء النظام التركي في محاولة لتوريط السعودية التي انخرطت في التحقيق في القضية.
لكن الأذرع الإعلامية الإخوانية عبر العالم لا تتوانى في إلصاق التهمة بالسعودية، بل ذهبت إلى القول إن الصحفي خاشقجي تم قتله وتقطيعه، فيما نشرت أخرى شائعات بخصوص تعرض أخيه جمال وزوجته إلى القتل ذبحًا، دون أن تقدم دليلًا على ذلك.
دفاع مستميت عن تركيا
ليست قضية خاشقجي هي الأولى التي يركب عليها الإسلاميون، بل لديهم سوابق في الركوب على القضايا ونصرة إخوانهم ظالمين كانوا أو مظلومين. فخلال الأزمة الأخيرة التي اندلعت بين تركيا والولايات المتحدة الأمريكية والتي فرضت أمريكا بموجبها عقوبات على نظام أردوغان، سارع إخوان المغرب إلى إطلاق حملات تشجع على التسوق من المحلات التجارية التركية بالمغرب ودعم الاقتصاد التركي الذي وقف على حافة الانهيار بسبب العقوبات الأمريكية.
وأواخر شهر سبتمبر/أيلول الماضي، انتقد وزير في الحكومة المغربية عن حزب التجمع الوطني للأحرار، وهو حزب ذو توجه ليبرالي، -انتقد- النموذج الإخواني الذي خرب تركيا من خلال سياسة الانغلاق التي ينتهجها الرئيس أردوغان، والتي أدت بتركيا إلى ما هي عليه الآن من مشاكل، واتهم حزب العدالة والتنمية المغربي بالسعي وراء تقليد النموذج التركي الذي سيخرب المغرب.
ثارت ثائرة الإخوان في المغرب، وخرجوا للدفاع عن تركيا، قيادات حزبية ودعوية وناشطين في مواقع التواصل الاجتماعي، وآخرين تم تدجينهم للدفاع عن كل ما يمت بصلة إلى التيار الإخواني ومظلوميته. إذ هناك من طالب بإقالة الوزير من الحكومة ومحاسبته، فيما طالبه آخرون بتقديم اعتذار شخصي للرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
ويرى المحلل السياسي، رشيد لزرق، “أنه من العادي أن يعبر مسؤول حزبي، في وقت كثر فيه الحديث عن ضرورة خلق نقاش حول النموذج التنموي الجديد، عن رفضه لاتباع نموذج دول إقليمية. غير أن رد فعل العدالة والتنمية بحساسية مفرطة يعاود طرح سؤال الأهداف الحقيقية لهذا الدفاع، وولاء قيادات هذا الحزب، هل للوطن أم أن طموحاتهم فوق وطنية، إذا أخذنا بعين الاعتبار أن حزبي العدالة والتنمية المغربي والتركي، ينتميان لفصيل إخواني عالمي”.
تبادل مصالح بين الإخوانيين
وقال لزرق وهو خبير دستوري ومتخصص في الشؤون البرلمانية والحزبية، إن “المغرب تربطه بتركيا اتفاقية للتبادل الحر منذ 7 أبريل/نيسان 2004، ودخلت حيز التنفيذ عام 2006، وبالتالي فالحكومة مدعوة لمراجعتها، خاصة وأن انخفاض الليرة التركية يهدد بإغراق الأسواق المغربية بالمنتجات التركية، وبالتالي التأثير على الاقتصاد المغربي، فالمغرب هو الأقل استفادة من هذه الاتفاقية”.
وأضاف أن أعضاء حزب العدالة والتنمية المغربي يعتبرون أن تركيا الأردوغانية نموذجًا يحتذى به ويجب تقليده في المغرب، لكونه بلغ مستوى متقدمًا من “التمكين”، وكون عدد كبير من أبناء قياداتهم درسوا في تركيا أو في المدارس الخاصة التي كانت تابعة للمعارض التركي فتح الله غولن في المغرب، قبل أن يتقرر إغلاقها بأوامر من تركيا.
وأشار المحلل السياسي، إلى أنه “إضافة إلى الولاء السياسي، هناك العديد من الشركات التابعة لأعضاء ومناضلي حزب العدالة والتنمية المغربي تستفيد من هذه الوضعية، وهذا ما يمكن تسميته تبادل المصالح والاعتماد المتبادل بين رجال الأعمال الأتراك، وبعض المخرطين والمتعاطفين من رجال أعمال مغاربة، وبالتالي فلا غبار على أسباب دعم إخوان المغرب لنظرائهم في تركيا”.
ويلفت لزرق إلى أن ذلك يتم عبر عدة منافذ، أبرزها جمعية رجال الأعمال الأتراك والمغاربة، واسمها باللغة التركية هو «Fas turk isadamlarn dernegi»، فهي تضم رجال أعمال أتراك و أعضاء ومُقرَّبين من حزب العدالة والتنمية التركي والمغربي، وهدفها المعلن هو خلق جسر تواصل بين المستثمرين المغاربة والأتراك، لكنها في الحقيقة تهدف إلى تفعيل مشاريع للطائفة النورسية؛ فرع المغرب، بالتنسيق مع قياديين في العدالة والتنمية.