سقطت ورقة التوت التي كان يتستر بها النظام الإيراني طوال الفترة منذ قيامه حتى يومنا هذا، والذي قام على مجموعة من الأكاذيب التي لم تلامس أسماع وقلوب الشعب الإيراني، ففي هذه الأيام تقف حكومة الملالي عاجزة عن إنكار الوقع “المر” الذي تعيشه البلاد بسبب المهاترات والمغامرات التي يقوم بها أركان هذا النظام المتهالك، فالرئيس حسن روحاني أقر أن البلاد تواجه حزمة من التحديات الصعبة، إذ اعترف أخيراً خلال حديثه عن موازنة العام المقبل، بتأثير العقوبات الأمريكية على معيشة الإيرانيين والنمو، مقدماً موازنة سنوية حجمها 4700 تريليون ريال إيراني، ما يعادل (47 مليار دولار أمريكي) إلى البرلمان، قائلا إن العقوبات الأمريكية ستؤثر في المعيشة والنمو، لكنه حاول تخفيف وطأة الاعتراف المهم بقوله “لن تجعل الحكومة تجثو على ركبتيها”.
وأوضح روحاني أمام البرلمان في كلمة تلفزيونية مباشرة عبر القناة الرسمية للبلاد بأن “هدف أمريكا هو تركيع النظام الإيراني.. وستفشل في ذلك، لكن لا شك أن العقوبات ستؤثر في معيشة المواطنين، وعلى تنمية البلاد ونموها الاقتصادي”، مشيراً إلى أن قيمة مشروع الموازنة تبلغ نحو 4700 تريليون ريال للسنة الفارسية القادمة التي تبدأ في 21 مارس 2019.
وذلك على أثر فرض إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عقوبات صارمة، للضغط على طهران من أجل التفاوض على اتفاق نووي جديد يمنعها من امتلاك أسلحة نووية تهدد الأمنين العالمي والإقليمي، إذ فرضت حزمتين من العقوبات، الأولى استهدفت المعاملات المالية وبعض الصناعات، فيما شملت الثانية، التي تم تفعيلها في الرابع من نوفمبر الماضي، النفط، الذي يعد شريان الاقتصاد الإيراني.
بدوره، توقع صندوق النقد الدولي في تقرير جديد، حدوث انكماش في الاقتصاد الإيراني بسبب العقوبات الأمريكية، مؤكداً في تقريره الدوري “آفاق الاقتصاد العالمي” أنه من المتوقع أن ينكمش اقتصاد إيران بنسبة 1.5 في المائة هذا العام، على أن ينكمش بـ3.6 في المائة في عام 2019، إذ يعيش الاقتصاد الإيراني حالة استنزاف مستمرة منذ مطلع التسعينيات جراء تصرفات حكومة الملالي، التي دفعت بكل قواها لبسط الشر في المنطقة، بأذية دول الجوار، وعلى الرغم من تردي الحال الاقتصادي في إيران تواصل “الملالي” نشاطها الشيطاني في سورية واليمن ولبنان والعراق، من خلال بث مليارات الدولارات لبسط النفوذ لأذنابها هناك، ومن أشهر ميادين الاستنزاف للاقتصاد الإيراني التدخل بالأحداث المسلحة الجارية في سورية، إذ تضخ “الملالي” المليارات لدعم الميليشيات الطائفية الإرهابية لإخماد ثورة الشعب السوري، وقتل حلمه بالحرية، والأولى بالملالي أن تنفق هذه المليارات على أنظمة الصحة، والتعليم، والبنية التحتية في البلاد عوضا عن التدخل بشؤون الآخرين.
الملالي في عين العاصفة
أجبرت الظروف المذكورة سابقاً الرئيس روحاني على الاعتراف بتأذي الاقتصاد الإيراني من العقوبات الأمريكية، فيما يحاول الشعب الإيراني إجبار النظام عن التخلي أو الإصلاح والانسحاب من سورية وعدم التدخل في شؤون دول الجوار، إذ يقر الشعب الإيراني بحصوله على الحصة الكبرى من الكراهية من شعوب العالم بسبب تصرفات النخبة الحاكمة في البلاد، لينهض الشعب مجدداً في ديسمبر 2018 بموجة احتجاجات واسعة ضد “الملالي”، جسدها الناشطون الإيرانيون بإضرام النار في صور لرموز النظام، والنزول إلى الشوارع بالآلاف، وإطلاق الهتافات بأعلى الأصوات لإسقاط النظام، ونشر المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية تقريرا مفصلا شمل جوانب عدة من مظاهر الاحتجاجات التي قادها أنصار منظمة مجاهدي خلق المعارضة في معاقل الانتفاضة داخل إيران خلال ديسمبر الجاري ليضرم المتظاهرون الغاضبون النار في أبرز مراكز رموز النظام، بما في ذلك قاعدة للباسيج، وأشعلوا لافتات كبيرة تحمل صورا للمرشد الإيراني علي خامنئي.
كما تمكن النشطاء من تحدي السلطات ولصقوا منشورات تحمل صورا لقيادة المقاومة الإيرانية، مثل مريم رجوي، كما كتبوا شعارات مناهضة للنظام على الجدران، ووزعوا بيانات ضده، كما حطم المتظاهرون لافتة لوزارة مخابرات الملالي تحمل صورا لخامنئي في طهران، وأحرقوا لافتة تحمل صورة الرئيس روحاني، كما أضرموا النار في مدخل أحد مراكز القمع بمدينة دورود في محافظة لورستان، وشملت الاحتجاجات مدنا إيرانية عدة، من بينها كرج، وخراسان، وماكو، ومازندران، ومشهد، وساري، وبختياري، وأصفهان ومرند، إضافة إلى العاصمة طهران.
وبألوان الطيف كتب المحتجون على جدران هذه المدن وغيرها شعارات مناوئة للنظام الإيراني أملاً في التغيير، من بينها “التحية لرجوي والموت لخامنئي”، و”يسقط خامنئي والتحية لمجاهدي خلق”، وحملت شعارات أخرى مطالبات للمنظمات الدولية ومؤسسات حقوق الإنسان العالمية بالتدخل لإطلاق سراح طلاب الجامعات الذين تم اعتقالهم بعد قمع مظاهرات لهم داخل الحرم الجامعي، كما حصل في جامعة طهران، إذ بدأت هذه الحركة الاحتجاجية الكبيرة، بالمطالبة بتحسين الأوضاع المعيشية في بعض المدن المهمشة، وسرعان ما تطورت إلى مطالب برحيل النظام الإيراني.
صوت إيران الحر
واستكمالا لأزمات نظام “الملالي” دعا المشاركون في مؤتمر مشترك للجاليات الإيرانية في 50 مدينة، إلى مواجهة الإرهاب الداخلي والخارجي المتزايد الذي يمارسه النظام الإيراني ضد شعبه وشعوب المنطقة، إذ تمت الدعوة للوقوف بحزم ووضع حد للنظام الذي يقوم بتصدير وتمويل الإرهاب، واتخاذ موقف دولي إزاء الانتهاكات المتزايدة لحقوق الإنسان في إيران خاصة الإعدامات المطردة.
وحثت زعيمة المقاومة الإيرانية مريم رجوي، على إدراج قوات الحرس الثوري ووزارة المخابرات والأجهزة الإعلامية التابعة للنظام في قائمة المنظمات الإرهابية للخارجية الأمريكية وفي قائمة الاتحاد الأوروبي، وطالبت بإرسال ملف إرهاب النظام الإيراني إلى مجلس الأمن، ومحاكمة قادة النظام، على رأسهم المرشد علي خامنئي.
وقالت رجوي “يجب إحالة ملف الجرائم المستمرة للنظام إلى مجلس الأمن الدولي، وتقديم خامنئي وروحاني وآخرين من قادة النظام أمام العدالة”، وتابعت: “إن احترام البيان العالمي لحقوق الإنسان الذي مرت قبل أيام ذكراه الـ70، يقضي بأن يتم طرد هذا النظام من قبل جميع دول العالم لأنه أهم منتهك لحقوق الإنسان، وأدين حتى الآن 65 مرة في الأمم المتحدة”، مشيرة إلى أن نظام الملالي فشل في إخماد الانتفاضات الشعبية التي اجتاحت البلاد، مذكرة بالتجارب الصاروخية التي تستـفز العالم بأسره، ومضيفة “بأن النظام الإيراني يستخدم الإرهاب في الوقت الحالي في أوروبا وأمريكا كعامل دفاعي وآلية دفاعية في مواجهة انتفاضة الشعب الإيراني، بينما كان الإرهاب سابقا آلة هجومية لتمرير أجنداته وسياسته الخارجية”.
وأوضحت رجوي بأن اللجوء للإرهاب وتعدد هذه الجرائم ليس رد فعل، وإنما خيار للنظام في استراتيجيته للبقاء ومواجهة السقوط، وإلا ما هو الهدف من الاختبارات الصاروخية للنظام، وهل له هدف آخر سوى ابتزاز المنطقة وتهديد السلام، إذ أدت تصرفات هذا النظام إلى تزايد الضغوط الاقتصادية والاجتماعية تحت وطأة العقوبات الأمريكية، ما أدى إلى إفلاس عديد من المؤسسات الإيرانية وتسريح آلاف العمال، حيث
شهدت البلاد أكثر من 900 مظاهرة في أكثر من 170 مدينة