اصبحت المستشفيات الآن شاهد عيان على الإهمال الذى يلاقيه المواطن المصري بسبب القصور الشديد فى المراقبة وعدم وجود آلية فى عقاب من يثبت خطأه رغم الأقدار الدامية للعديد من المرضى الذين دفعوا حياتهم ثمن إهمال بعض الأطباء والقانون الذى فشل أن يثبت إهمالهم … وهنا لا فرق فى الإهمال بين المستشفى والمركز الحكومى عن اكبر المعاهد والمستشفيات الطبية ذات الخمس نجوم التابعة للقطاع الخاص ، والسؤال هنا من المسؤل عن تلك الأخطاء التى تؤدى بحياة المريض أو تصيبه بعاهات مستديمة وأين دور القانون فى التصدى لذلك من خلال سن عقوبات رادعة أو تفعيل المتاح فيها وما هى الأسباب التى ادت الى تفاقم الظاهرة المؤسفة بحق الإنسانية باكملها ، فالحكايات والقصص والأخطاء القاتلة لا حصر لها ترصدها آلاف الشكاوى والمحاضر والقضايا وتنتهى إلى هروب الجانى من العقاب ونهاية مؤلمة للمريض إما بالعجز الكامل أو عاهات مستديمة أو غيبوبة مستمرة أو وداع الى مثواه الأخير … فهناك قصة لمتوفى فى مستشفى القصر العينى نزعت قرنيته وسط صراخ وعويل من أهله ، فقد كان يخضع للعلاج فى قسم العناية المركزة فى انتظار عمل قسطرة للقلب وكانت حالته جيدة ولكن المستشفى اتصلت بأهله وابلغتهم أن مريضهم توفى نتيجة هبوط حاد فى الدورة الدموية وعند وصولهم لاستلام الجثمان تفاجئوا جميعا بسرقة قرنيته مما دفعهم لتحرير محضر بالشرطة ، وكان رد المستشفى هزيلا فجر موجة من الغضب والانتقادات الواسعة فقد دافع عميد الكلية أن المستشفى لم تسرق بل أخذت الطبقة السطحية للقرنيه وهذا لا يمثل إهانة للمتوفى وأضاف أن القانون الصادر عام 2003 يتيح للمستشفيات الحكومية أخذ الطبقة السطحية مما لا يشوه العين ، وايده رئيس لجنة قانون إعداد زراعة الأعضاء البشرية موضحا أن قانون زراعة القرنية لا ينطبق تحت قانون زراعة الأعضاء البشرية رقم (5) لسنة 2010 ولها قواعد وشروط خاصه قائمة بذاتها مؤكدا أن القانون لا يشترط موافقة أهل المتوفى على انتزاع قرنيته لأن ذلك لا يشوه الجثة فهى جسم شفاف يسهل تركيب جسم مماثل له لا يؤثر على المنظر العام ، فمن ناحية القانون ليس هناك خطأ على المستشفى ولكن اختلف عدد كبير من رجال القانون مع رواية الأطباء وأكدوا انها جريمه مكتملة الأركان وتضع القائمين عليها تحت طائلة القانون لأن القانون لا يحمل أى نص يتضمن تصرف المستشفى فى أى عضو من أعضاء المتوفى بدون إذن كتابى من أهل المريض أو المريض نفسه وموافقة لجنة وزارة الصحة وغير ذلك يعتبر سرقة أعضاء صريحة ويتم المحاسبة عليها، وتكون العقوبة ما بين السجن المشدد والغرامة بما لا يقل عن خمسمائة الف جنيه بالإضافة الى العقوبات الإدارية على المستشفى ، فالقانون يجرم نقل أى عضو أو أنسجة من المتوفى إلا فى حالة الضرورة القصوى ويكون ذلك بوصية وعلم أهل المتوفى واى قانون سابق لاغى لصدور هذا القانون واعتبار ذلك جريمة دستورية لانها اخترقت المواد 60 ,61 , 89 من دستور مصر 2014 وهذه المواد تحرم الاعتداء على جسد الميت واستغلاله فى التجارب الطبية بالاضافه الى تنظيم التبرع بالأعضاء عبر وضع شرط للسماح بأنتتزاعها كتابيا ، والأمثلة كذلك كثيره فهناك من دخلت المستشفى لتركيب شريحة بالقدم وخرجت جثة هامدة بعد نزع العينين ايضا ، .كما أن هناك أخطاء مهنية ناتجة عن إهمال أو تكاسل الأطباء أو تحايل بعض الأطباء لاستدراج المرضى بهدف الربح وهم غير أكفاء علميا أو دراسيا ويقوم بإجراء جراحات أكبر من قدراتهم العلمية. … ففى الفتره الاخيرة مثلا أصبح هناك هوس بعمليات التجميل ليس فقط فى أوساط الإناث بل أيضا فى أوساط الذكور وهذه الجراحات ما هى إلا انعكاس لأزمة تخلف ثقافى وسلوكى ساهم فيه الإعلام مما أتاح الفرصه لمافيا عمليات التجميل فى استغلال نقص الوعى لدى بعض المواطنين والذين يدفعون حياتهم ثمنا لتلك العمليات ، فلا يخلو مجال طب التجميل من حوادث مروعة لأناس كانت فى انتظارهم نهاية مأساوية … وهناك مأساة من نوع آخر وقعت بالفيوم ومازالت تقع كل يوم عندما أقدم مريض على الانتحار بسبب حالته النفسية بعد إصابته بعدة أمراض من بينها الفشل الكلوى وما كان يعانيه أثناء جلسات الغسيل بسبب الإهمال فى أداء العاملين بوحدات الغسيل من الأطباء والتمريض. وهنا يجب التوقف والإشارة إلى عدد وحدات الغسيل الكلوى فى مصر الذى يبلغ 7 وحدات حكوميه ومثلها خاصة ، ويبلغ عدد المرضى 50 الف مريض يقومون بعمليات الغسيل الكلوى فى 460 مركزا خاصا وحكوميا … وتشير إحصائية أجرتها الجمعية المصرية للكلى عام 2015 أن معظم مرضى الكلى فى مصر دون سن ال 50 عاما فى دلالة واضحه على تردى الرعاية الصحية.، بينما ينحصر الإصابة فى الدول الأوربية بين سن الـ 70و ال 80 عاما ويعاني مرضى الفشل الكلوى بالاضافة الى ذلك من عدم وجود أطباء متخصصين فى أمراض الكلى وكذلك نقص فى وحدات الغسيل الخاصة والحكومية والأجهزة تحتاج إلى صيانة وعدم توفر الأدوات والمستلزمات الطبية وتعطل ماكينات الغسيل بالساعات بالإضافة الى سوء التعقيم والإهمال وتحول وحدات الغسيل إلى مستقع لنقل الأوبئة مثل الإيدز والالتهاب الكبدى الوبائي . ومن هنا يجب أن ننتبه فملاك الرحمه قد يسهل مهمة الموت أمام المريض إما عن قصد وأحيانا عن غير قصد ولكن النتيجة واحدة ، فالاخطاء الاعتيادية و رشاوى الترويج والإعلانات زادت فى الفترة الاخيرة ، فهناك من الأطباء الذين يتنازلون عن ضميرهم المهنى مقابل حفنة من الأموال للترويج لمنتجات ليس لها علاقه بالدواء الطبى بل تتسبب فى الكثير من الإصابة بالعديد من الامراض والمخاطر مثل منتجات الأعشاب والمشروبات والمساحيق مجهولة المصدر واللاصقات الرديئة ومعجون مجهول يتم الاشاره إليه على أنه مخصص للأسنان … كل تلك المنتجات تبدأ فى الانتشار تدريجيا نظرا لأن هناك طبيبا يروج لها ويتسبب فى خداع المرضى ويتدهور الوضع تدريجيا لديهم حتى تتوفاهم المنية نتيجة لهذا الفعل ، وعندما تصاب بعدوى بكتيرية مثلا يعطى لك الطبيب المضادات الحيوية وانت لا تدري بالعملية الأكثر تعقيدا التي تحدث داخل جسمك وظاهرة مقاومة المضادات الحيوية وهي مرحلة تعد أسوأ مرحلة في حياة الإنسان حيث أن كل الأمراض التي كنت تظن أنه تم القضاء عليها منذ عدة قرون ستعود سريعا من أجل الإنتقام غير عابئين بتلك المضادات التي لم يعد لها تأُثير مطلقا ، هذا بالإضافة إلى العقاقير التجريبية ، ففي دراسة وجد الباحثون أن أقل من ثلث الأدوية التجريبية لديها تأثير جيد على المرضى في حين أن الثلثين الباقيين يتسببان على الأقل بواحد من الآثار الجانبية التي تهدد حياة المريض ومن الأطباء كذلك من يقنعك بالجراحات الزائدة التي ليس لها أي مبرر .
لذلك يجب أن ينتبه المسؤلين عن الصحة ذو الأيدي المرتعشة إلى هذه المهازل ، ولابد أن تسن القوانين الرادعة لمحاربة الإهمال مع الأخذ في الإعتبار مراعاة أن يكون هناك بالفعل مشروع للتأمين على الأطباء من أخطاء المهنة لحماية الطبيب والمريض في نفس الوقت ، وهناك أفكار رائعة تنادي بالطب الوقائي وليس العلاجي تحت شعار إذهب بنفسك للفحص قبل أن يذهبون بك إلى العلاج .