تمسك الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بموقفه الرافض لإغلاق شامل في عموم البلاد، رغم الدعوات السياسية والقلق الشعبي الناجم عن تسارع وتيرة تفشي وباء فيروس كورونا.
وفرض أردوغان سلسلة إجراءات شملت حظر التجمّعات ووضع قيود على السفر بين المدن وإلزام السكان بارتداء الأقنعة الواقية في أنحاء البلاد، إلا أنه قاوم الدعوات إلى تطبيق عزل تام.
وتحتل تركيا التي سجّلت 34 ألفًا و209 إصابات و725 وفاة بكوفيد-19، وفق أرقام رسمية صدرت الثلاثاء، المرتبة التاسعة بين الدول الأكثر تأثرًا بالجائحة.
ولعل الأمر الأكثر إثارة للقلق في تركيا التي سجّلت أول إصابة رسميا في 11 آذار/مارس، هو سرعة انتشار المرض، حيث يتضاعف عدد الإصابات كل عدة أيام.
فبعدما كان عدد الإصابات 7400 في 28 آذار/مارس، بلغ 15 ألفًا في الأول من نيسان/أبريل، ليتجاوز 30 ألفًا الإثنين، وفق الأرقام الرسمية.
الحد الأقصى لاستيعاب الضحايا
ومثل هذا التسارع صدمة للحكومة التي سارعت في اتخاذ إجراءات بأرجاء البلاد من إغلاق المدارس والمراكز الثقافية، وصولا إلى تعليق الرحلات الجوية من وإلى الدول المتأثرة بالفيروس.
وأكد وزير الصحة، فخر الدين قوجة، بنبرة مطمِئنة، الثلاثاء، أن معدل إشغال وحدات العناية المركزة يبلغ حوالى 60%.
وشددت الحكومة تدريجيًا مع صدور أمر بعزل الأشخاص الذين تتجاوز أعمارهم 65 عامًا وتقل عن العشرين، وفرض حجر في عدة بلدات وقرى.
لكن مع ازدياد عدد المصابين، ارتفعت أصوات تؤكد وجوب فرض إغلاق شامل، على غرار ما قامت به إيطاليا وفرنسا.
وقال طبيب يعالج مرضى مصابين بالفيروس في قسم العناية المشددة في أحد مستشفيات اسطنبول، طالبًا عدم الكشف عن هويته: ”على الجميع البقاء في منازلهم. يجب أن يصبح ذلك إلزاميا“، متابعًا: ”يصلنا المزيد من المرضى كل يوم. سنصل قريبًا إلى الحد الأقصى لقدرتنا الاستيعابية“.
وحضّت أحزاب المعارضة و“نقابة أطباء تركيا“ وغيرها من النقابات الحكومة، على تشديد الإجراءات لردع الناس عن مغادرة منازلهم.
وقال سنان أديامان رئيس نقابة أطباء تركيا التي تُعد الرابطة الطبية الرئيسة في البلاد، لوسائل إعلام تركية هذا الأسبوع ”سيكون من المستحيل السيطرة على هذا الوباء إذا واصل ملايين الناس (…) الذهاب إلى عملهم“.
وفي مقابلة مع فرانس برس الأسبوع الماضي، دعا رئيس بلدية اسطنبول المعارض أكرم إمام أوغلو إلى فرض عزل تام في عاصمة البلاد الاقتصادية، حيث جرى تسجيل أكثر من نصف الإصابات بكوفيد-19 على مستوى تركيا.
وقال: ”حتى إذا خرج 15% فقط من السكان من منازلهم، فسنصل سريعًا إلى عدد مليوني (مصاب) يمكن أن يزيد من حجم التهديد“.
وقت ضائع
وحضّ أردوغان حتى الآن الأتراك على فرض ”حجر طوعي“ على أنفسهم، بدلًا من أن يصدر أمرًا يجبرهم على ملازمة منازلهم، محاولًا عدم تجميد نشاط الاقتصاد الهش أصلا، والذي يمر في مرحلة تعاف بعد سنوات من الأزمات.
وقال الأسبوع الماضي إن ”تركيا ملزمة بمواصلة الإنتاج، وإبقاء عجلة الاقتصاد تدور مهما كانت الظروف “
وبانتظار أي تشديد للإجراءات، اتّخذ العديد من الأتراك إجراءات احترازية من تلقاء أنفسهم، وباتت معظم شوارع اسطنبول المكتظة عادة شبه مهجورة، بما فيها شارع الاستقلال.
وامتنع العديد من الأتراك عن مغادرة منازلهم، حتى إن بعضهم عاد للعادات القديمة المتمثلة بإنزال سلل من النوافذ للحصول على حاجياتهم، بينما اعتمد آخرون على خدمات إيصال الطلبات.
وحذرالطبيب في مستشفى اسطنبول من أنه ”إذا تواصل ارتفاع عدد الإصابات بهذه الوتيرة، فستكون النتيجة كما شهدنا في دول أخرى: خسارة العديد من الأرواح. أضعنا حتى الآن الكثير من الوقت“.