أثارت شحنة المساعدات، التي أرسلتها تركيا يوم أمس الجمعة إلى حكومة الوفاق الليبية، غضبا واسعا في تونس، وسط تحرّكات برلمانيّة لمساءلة عدد من الوزراء، ومخاوف من الزج بتونس في لعبة المحاور الإقليمية، بسبب ما وصفته بـ”الغموض”، الذي تنتهجه السلطات في التعاطي مع الملف الليبي.
وأصدرت أحزاب تونسية بيانات، عبرت من خلالها عن رفضها المطلق لأيّ نشاط تركي على الأراضي التونسية لدعم “المليشيات والإرهابيين” وتصدير المرتزقة لليبيا، حسب وصفها.
والأحزاب هي حزب “الدستوري الحر”، و التيار الشعبي وحزب العمال والحزب الاشتراكي وحركة البعث وحركة تونس إلى الأمام وحزب القطب الديمقراطي الحداثي، وهي كلها أحزاب ذات توجه يساري.
وأعلن الحزب الدستوري الحر في تونس، السبت، رفضه المطلق لاستخدام المجالات الجوية و البرية و البحرية التونسية لتسهيل تواصل دولة أجنبية مع أحد الأطراف المتنازعة في ليبيا.
وأدان الحزب ما قال إنّه “تحويل تونس إلى ذراع يعمل بالوكالة لتنفيذ السياسات الخارجية لغيرها من الدول، مؤكدًا تمسكه بتمرير مشروع اللائحة البرلمانية التي سبق أن قدمها لإعلان البرلمان رفض التدخل الخارجي في ليبيا ومناهضة إحداث قاعدة لوجستية في تونس لتسهيل التدخل في شؤونها”، وفق تعبيره.
وأكد الحزب أنّ هناك تضاربا في التصريحات بين رئاسة الجمهورية ووزارة الصحة التونسية فيما يخص الطائرة التركية التي هبطت في تونس محملة بالمساعدات الطبية الموجهة إلى ليبيا، موضحا أن التضارب يعزز الشكوك بخصوص مصداقية المعلومات التي تقدمها السلطات حول تعاملها مع الملف الليبي.
وندد الحزب الدستوري بتدخل السطات التونسية في عملية إيصال شحنة الطائرة التركية إلى الطرف الليبي، مؤكدا أنه سيتقدم بجملة من الأسئلة الكتابية والشفاهية لوزراء الصحة والداخلية والدفاع الوطني والشؤون الخارجية والنقل للاطلاع على خفايا الموضوع وإنارة الرأي العام وتحميل المسؤوليات السياسية والقانونية عن هذه الواقعة الخطيرة.
في حين حذّرت الأحزاب الأخرى، من مغبّة استمرار نهج الغموض الذي تتبعه السلطات التونسية في كلّ ما يتعلق بالأنشطة التركية في المنطقة، مطالبة بموقف واضح برفض التواجد العسكري الأجنبي في المنطقة.
وأدانت الأحزاب كلّ محاولة للزجّ بتونس في لعبة المحاور الاقليمية مهما كانت على حساب أمنها القومي وعلى حساب أمن واستقرار الشعب الليبي ودماء أبنائه.
وطالبت رئيس الجمهورية قيس سعيد بموقف واضح من محاولات تركيا التواجد العسكري سواء بشكل غير مباشر من خلال جلب “المرتزقة” من سوريا أو بشكل مباشر لما يشكّله هذا الأمر من خطورة كبيرة على الأمن والسلم الاقليمييّن.
وأشارت الأحزاب إلى حادثة الطائرة التركية المحملة بالمساعدات والتي حطت فجر أمس بمطار جربة جرجيس بالجنوب التونسي ورافقها تضارب في المعطيات.
في حين أوردت وكالة الأنباء التركية، أن الطائرة تحمل مساعدات طبية لتونس ليتفاجأ الرأي العام في ساعة متأخرة من الليل ببيان صادر عن رئاسة الجمهورية يفيد بأن الطائرة تحمل مساعدات طبية للشقيقة ليبيا وأن تونس هي من ستتولى تمرير تلك المساعدات.
وفي نفس الوقت راجت أخبار أخرى في وسائل إعلام دولية مؤكدة أن السلطات التونسية وضعها الجانب التركي أمام الأمر الواقع بما يعني أنها لم تكن على علم بقدوم الطائرة.