تشهد منطقة جرود بلدة بريتال في البقاع اللبناني معارك قاسية بين مجموعات من “حزب الله” وعناصر من جبهة “النصرة” المنتشرة في منطقة القلمون السورية المحاذية للسلسلة الشرقية داخل الأراضي السورية.
وتأتي هذه المعارك في ظل استمرار أزمة العسكريين المخطوفين، وإعلان أهاليهم الثلاثاء براءتهم من “حزب الله” ومن الأعمال التي يقوم بها في سوريا واليمن وغيرهما.
وأفادت مصادر من المنطقة أن المعركة بدأت ليل أمس واستمرت إلى صباح هذا اليوم، مضيفة أن “حزب الله” شن هجوما على جرود بلدة الطفيل التي تدور في محيطها معارك طاحنة بين عناصر الحزب ومجموعات “النصرة”.
وقالت هذه المصادر إن “حزب الله” لجأ إلى استخدام واسع وكثيف لسلاح المدفعية والصواريخ، وإن أصوات الانفجارات تسمع في بلدة بريتال وقرى أخرى داخل الأراضي اللبنانية.
وكان “حزب الله” قد شن هجوما عنيفا على قرية الحصينة الخالية من السكان والمحاذية لبلدة الطفيل، واشتبك مع عناصر “النصرة” المنتشرين داخلها، كما تحدث “حزب الله” عن سيطرته على هذه المنطقة من دون الحديث عن حجم الخسائر التي وقعت في صفوفه.
مقتل قائد عمليات الحزب في القلمون
أقرت مواقع موالية لميليشيا “حزب الله” بمقتل قائد عمليات الحزب في القلمون السورية علي خليل عليان، ونشرت مواقع التواصل الاجتماعي المقربة من الحزب نعياً لعليان المنحدر من بلدة قلاويه في جنوب لبنان، وصفته فيه بقائد العملية العسكرية في جرود القلمون السورية.
علي خليل عليان قائد عمليات حزب الله بالقلمون
وكان “حزب الله” قد أعلن الاثنين مقتل أحد عناصره ويدعى “حمزة حسين زعيتر” من البقاع خلال الهجوم الذي شنه الحزب على مواقع لجبهة النصرة ليل الأحد، في منطقة عسال الورد داخل الأراضي السورية.
وأفادت معلومات خاصة أن “حزب الله” قد عمد إلى تسريح غالبية العناصر التي حشدها في منطقة البقاع والمواقع المطلة على الداخل السوري في جرود رأس بعلبك وبريتال، بعد أن سبق وأعلن الاستنفار العام في صفوف مقاتليه تحضيرا لإطلاق عملية عسكرية في منطقة القلمون باسم “معركة الحسم”. ما يعني، بحسب ما أشارت إليه هذه المعلومات، أن الحزب قرر التخلي عن استراتيجية الهجوم الواسع، إما خوفا من حجم الخسائر التي قد تقع في صفوف عناصره، أو بسبب انكشاف خططته للهجوم، خاصة بعد انتشار أخبار العملية العسكرية بين مناصريه وأهالي المقاتلين، والتي أحدثت حالة استياء وخوف من سقوط أبنائهم قتلى في هذه المعركة.
وفي حديث مع أحد العسكريين المتابعين لاستعدادات حزب الله العسكرية لمعركة القلمون، قال إن “الاحتمالات العسكرية تذهب الى إمكانية أن يكون الحزب قد استبدل قرار الهجوم الواسع لصالح عمليات عسكرية هدفها “تقطيع” المنطقة إلى مناطق معزولة لا تسمح للمجموعات المسلحة بفرض سيطرتها على كل منطقة القلمون، أو كما يصطلح عليه عسكريا إنشاء “مسامير” أمنية وعسكرية داخل منطقة سيطرة المسلحين خاصة في المرتفعات المشرفة والاستراتيجية”.
وأضاف الخبير العسكري أن تغيير الخطة العسكرية لحزب الله في هذه المرحلة، وتأجيل “الهجوم الواسع” قد يكون مرده لما يدور من حديث عن بعض التسويات بين الحزب وجبهة النصرة وتنظيم داعش يسمح، لمن يريد من هذه الجماعات، بالانسحاب من منطقة القلمون باتجاه شمال وشرق سوريا بعد توفير “معبر آمن” لهم.
ورأت أوساط إعلامية متابعة أن تأجيل حزب الله للعملية العسكرية يعود إلى أزمة العسكريين المخطوفين لدى جبهة النصرة وتنظيم داعش، ومحاولة إعطاء المفاوضات الجارية لإطلاق سراحهم فرصة للنجاح، خاصة بعد أن عمدت جبهة النصرة إلى استخدام العسكريين في قبضتها لتهديد الحزب من خلال “الشريط المصور” الذي بثته قبل يومين، وتحدث فيه العسكريون الأسرى عن الثمن الذي قد يدفعونه في حال قام الحزب بأي هجوم على القلمون.
واليوم أعلن أهالي العسكريين المخطوفين، موقفا رافضا بوضوح للأعمال التي يقوم بها “حزب الله” في سوريا واليمن، وأكدوا أنهم “لا يريدون أن يتحملوا لا هم ولا أبناؤهم المخطوفون مسؤولية ما يقوم به “حزب الله” في سوريا واليمن وغيرهما”.
وقالت إحدى السيدات من ذوي المخطوفين: “نحن لا علاقة لنا بحزب اللات ولا حزب الشيطان ونتبرأ من حزب الله ومن الأعمال التي يقوم بها”.
وطالب الأهالي “حزب الله” بعدم “توجيه أي أذى لبلدة عرسال وأهاليها”، مضيفين أنه “من الحرام أن ندفع أثمانا عن السوري أو اليمني أو غيرهما”، خاصة أن “أبناءنا مازالوا أحياء وقد يتعرضون للأذى في حال قام الحزب بأي هجوم”.