في غفلة من الزمن، وفي غيبوبة عربية توهم أنها نهائية، رأى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، فيما يرى النائم، أن ”كل الطرق تقود إلى النفط الليبي“، وأنه مهد الدروب ببنادق المرتزقة الجاهزين في انتظار أمر الزحف للاستيلاء عن النفط والغاز وضخه في الاقتصاد التركي المنهك في صفقة غير متكافئة مع حكومة الوفاق الضعيفة التي تبحث عن البقاء بأي ثمن.
غير أن أوراق السلطان اللاهث خلف النفط والغاز تبعثرت بإعلان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن سرت والجفرة ”خط أحمر“ وأن أرض الكنانة جاهزة للتحرك الميداني
إعلان سكب وفق مراقبين، ماء باردا على فورة الحماس التركي والعطش المزمن للنفط الليبي، الذي يراه أردوغان حقا إمبراطوريا عثمانيا لا يسقط بالتقادم.
النقاط التي وضعها السيسي على الحروف، لا تحتمل اللبس والتأويل، والتأييد الفوري الذي حظي به الموقف المصري في العالم العربي والعالم كفيل بتغيير موازين القوى، وإعادة الحسابات التركية إلى المربع الأول والشروع في احصاء الخسائر قبل ان تلوح تباشير الصدام.
الآن يدرك أردوغان وفق أحد المحللين، أن إشعال الحروب أسهل بما لا يقاس من إخمادها، وأن الرمال الليبية كعادتها لن تكون رحيمة مع الغزاة، مهما دبج الإعلام القطري الإخواني من خطب مديحية لتجميل السكين التركية التي تحفر في اللحم الليبي بحثا عن الأموال والنفط والغاز.
ليس هذا وحسب بل إن موقف أردوغان أعاد وفقا لمحللين مصر إلى الواجهة لتعود لممارسة دورها القيادي في العالم والعربي بعد سنوات من الانشغال في الأزمات الداخلية.
يعلم الليبيون أن الجنرال الايطالي رودولفو غراتسياني لم ينتصر على القائد عمر المختار بفارق عدد الجند وتفوق السلاح، بل بقدرته على قطع خطوط الإمداد القادمة من مصر. اليوم، يبدو أن أردوغان كما قال إعلامي ليبي قد قرأ التاريخ بالمقلوب، وبدلا من أن يبني سياجا شائكا على امتداد الحدود وضع ليبيا كلها، دون أن يقصد، في قلب مصر والعرب.