تواجه مُكوّنات التحالف الذي تتزعّمه حركة النهضة في البرلمان، اتهامات بابتزاز رئيس الوزراء، هشام المشيشي، من خلال الضغط عليه عبر قانون الماليّة، ودفعه إلى القيام بتعديل وزاري وتعيينات تمكّنهم من الهيمنة على حكومته التي ”تحاصرها“ أزمات سياسيّة و اقتصاديّة و اجتماعيّة غير مسبوقة، حسب مراقبين.
و رأى مراقبون أنّ مشروع قانون المالية التعديلي، وقانون المالية للعام المقبل، أصبحا مهدّدين بالسقوط في البرلمان بسبب اعتراض الحزام البرلماني للحكومة والمتكون من نواب أحزاب النهضة وقلب تونس وائتلاف الكرامة عليهما، معتبرين أنه لا يلبي تطلعات المواطنين.
وأكدت الكتلة النيابية لحزب قلب تونس، في بيان لها، أنها ”توصي برفض التصويت على قانون المالية التعديلي الذي يتضمن مؤشرات مالية مغلوطة“، فيما حذّر النائب عن حركة النهضة الإسلاميّة، فيصل دربال من عدم إدراج الاعتمادات المالية لتسوية ملف “الكامور“ في محافظة تطاوين في قانون المالية.
وربط متابعون بين مواقف هذه الأطراف، وشروطها للتعديل الوزاري، معتبرين أن تحالف النهضة في البرلمان يخطط لتحويل حكومة ”التكنوقراط“ الى حكومة سياسية.
واعتبر المحلل السياسي، عبدالواحد اليحياوي، أن العلاقة بين رئيس حزب قلب تونس نبيل القروي، ورئيس الوزراء هشام المشيشي، تبدو غير مبنية على ثقة متبادلة، منوّها إلى تصريحات النائب عن قلب تونس عياض اللومي، يوم الاثنين، التي قال فيها إن كتلة الحزب لن تكون ”شاهد زور“ على ما وصفه بالأرقام المغلوطة والمزورة، التي قدّمتها الحكومة الحالية والسابقة فيما يتعلق بموازنة الدولة 2021 ومشروع المالية التكميلي 2020.
وقال اليحياوي إن الكواليس تتحدث عن ملفات قضائية، تثقل نبيل القروي، وتجعله في مدار تحالفات تضمن له تسوية ملفاته، وذلك عبر محاولة الهيمنة على القرار داخل الحكومة مع حليفيه الرئيسييّن (النهضة و ائتلاف الكرامة)، من خلال فرض تعيينات .
و أضاف اليحياوي، أن رئيس الوزراء يتعرض لابتزاز سياسي من نواب أحزاب النهضة، وقلب تونس وائتلاف الكرامة، وذلك لترسيخ القطيعة مع رئيس الدولة ومن ثم السيطرة على الحكومة،وفق تعبيره.
ورأى المحلل السياسي الصغيّر القيزاني أن التحالف الذي تقوده حركة النهضة في البرلمان ليست له ثقة كبيرة في رئيس الوزراء هشام المشيشي، لا سيما في ظلّ ما يروج بشأن وعده لهم بإجراء تعديل وزاري في ”الوقت المناسب“، ولذلك يستعملون قانون المالية سلاحا قويا لابتزازه، حسب تعبيره.
وأضاف القيزاني أن إسقاط الموازنة، في صورة عدم رضوخ المشيشي لضغوطات تحالف النهضة، سيعجّل بالإطاحة بحكومته، وبتوريط رئيس الجمهورية في توزيع نفقات الموازنة وتحمل المسؤوليّة عن صرفها وفقا لأحكام البند 66 من الدستور
واعتبر القيزاني أن تحالف النهضة وقلب تونس وائتلاف الكرامة، يعتقد أن إخضاع رئيس الوزراء ورئيس الجمهورية معا، إلى ضغوطات تحمّل مسؤولية أعباء موازنة الدولة، سيجعل التعديل الوزاري يمرّ بمرونة خلافا للاعتراضات السابقة التي أبداها قيس سعيّد.
وكان رئيس الجمهورية قد صرّح يوم 31 أغسطس/ أب الماضي، خلال لقائه عددا من ممثلي الأحزاب السياسية، من بينها حركة النهضة، أنّه ”لا يمكن إجراء تعديل وزاري بعد أشهر قليلة من تزكية الحكومة في البرلمان“.